انتقد الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، عددا من العيوب التي تضمنها مشروق قانون المسطرة الجنائية، الذي يوجد قيد المناقشة التفصيلية بمجلس النواب، ومنها توسيع صلاحيات النيابة العامة والشرطة القضائية، مقابل قصور ضمانات حق الدفاع، داعيا من جهة أخرى إلى إحداث آلية للتعويض عن الاعتقال الاحتياطي التعسفي.
وأشار الزياني، في اليوم الدراسي الذي نظمته فرق الأغلبية بمجلس النواب، أمس الخميس، إلى أن من عيوب مشروع المسطرة الجنائية الحالي “إقصاء المحامي من مسطرة التحقيق”، إذ نص المشروع على عدم تمكين المحامي من الحصول على نسخة من محاضر البحث التمهيدي قبل الاستنطاق الابتدائي، إضافة للتعامل مع المحامي كطرف ثانوي في مسطرة التحقيق، والتأخير غير المبرر في حضور المحامي.
واعتبر الزياني أن “المشروع يعاني من قصور واضح فيما يتعلق بضمان حقوق الدفاع، حيث لم ينص صراحة على إلزامية حضور المحامي خلال مرحلة تقديم المشتبه فيه أمام النيابة العامة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجنايات، وهي مرحلة حاسمة قد تترتب عنها قرارات مصيرية تمس بحرية الأفراد، مؤكدا أن حضور المحامي مع المتهم يجب التنصيص عليه بشكل إلزامي -تحت طائلة البطلان- سواء أمام الشرطة القضائية أو أمام النيابة العامة.
وأورد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب أن المشروع يمنح النيابة العامة “سلطات واسعة على حساب قضاء التحقيق والمحكمة، مما يخل بمبدأ التوازن بين أطراف المسطرة الجنائية”، مشيرا في هذا السياق إلى إلغاء إلزامية التحقيق في الجنايات الخطيرة ومنح النيابة العامة سلطة تقرير الإحالة أو المتابعة المباشرة، إضافة إلى تقييد سلطة المحكمة في إعادة تكييف الأفعال عبر منح النيابة العامة سلطة التكييف النهائي للجرائم، إضافة إلى تمكين النيابة العامة من التصرف في ملفات الفساد المالي بشكل حصري.
وانتقد الزياني إقحام وزارة الداخلية في السلطة القضائية، وذلك من خلال المادة 20 من المشروع التي أضافت “خلفاء القواد” إلى قائمة ضباط الشرطة القضائية، مما يمنحهم سلطات أمنية وقضائية واسعة قد تفتح المجال لتداخل غير مشروع بين السلطة الإدارية والسلطة القضائية.
ودعا النقيب إلى مراجعة المقتضيات التي تبالغ في توسيع صلاحيات الشرطة القضائية وتضيق على الحقوق والحريات، ومنها توسيع نطاق المراقبة والتجسس دون رقابة قضائية كافية مما قد يؤدي إلى انتهاكات لحرمة الحياة الخاصة، والسماح بمراقبة مكاتب المحامين دون استثناء صريح، مما يهدد سرية العلاقة بين المحامي وموكله، وكذا تمكين الشرطة من التحقق من هوية الأشخاص دون ضوابط دقيقة مما قد يفتح الباب أمام تعسفات في التوقيف والاعتقال.
وطالب بتعزيز ضمانات الدفاع عبر التنصيص على “حضور المحامي منذ اللحظة الأولى للحراسة النظرية، مع تقرير بطلان إجراءات البحث التمهيدي عند الإخلال بهذا الحق”، إضافة إلى “إلزام حضور المحامي خلال تقديم المشتبه فيه أمام النيابة العامة؛ ليس فقط بصفته ملاحظا، بل كفاعل رئيسي يتمتع بكامل الصلاحيات للدفاع عن موكله”.
ودعا الزياني إلى إصلاح نظام الاعتقال الاحتياطي، وذلك عبر تقليص مدة الحراسة النظرية إلى 24 ساعة قابلة للتمديد بإذن قضائي مسبب، ووضع سقف زمني للاعتقال الاحتياطي في الجنح والجنايات، مع تعليل قرارات تمديده بشكل دقيق، إضافة إلى إحداث آلية قانونية لتعويض الأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال الاحتياطي التعسفي.
ولفت من جهة أخرى إلى تعميم التسجيل السمعي البصري لكل مراحل البحث التمهيدي، وليس فقط عند قراءة التصريحات والتوقيع عليها، منتقدا عدم تعزيز الحق في الصمت وحماية قرينة البراءة، وعدم التوسع في ضمانات ممارسة الحق في الصمت خلال جميع مراحل البحث والتحقيق، رغم التنصيص عليه في الدستور.
ودعا النقيب إلى التنصيص على حضور ضباط الشرطة القضائية – عند الاقتضاء – في الجلسات، مع تسجيل الجلسات وإتاحتها للدفاع، وإعادة النظر في حجية محاضر الشرطة القضائية باعتبار أنها ليست أدلة مطلقة، مؤكدا على التنصيص على حظر تمثيل الجريمة أو إعادة تمثيلها خلال الحراسة النظرية أو تمديدها، مع فرض مساءلة عقابية على الضابط المخالف؛ ويعتبر أي إجراء مبني على تمثيل الجريمة باطلا.
ويقترح رئيس هيئات المحامين أيضا إضافة نص يُقر بأن الحق في الصمت لا يُعد اعترافا ضمنيا بما ينسب إلى الشخص، والتنصيص على أنه إذا ثبت للمحكمة استعمال العنف لانتزاع الاعتراف، تعلن المحكمة بطلان المحضر وجميع الإجراءات التي نتجت عنه”، موردا أنه لا يحول تخلف المتهم عن الحضور أو غيابه عن الجلسة من حقه في الدفاع والاستماع لمرافعة محام عن المتهم الغائب.