شهدت عمالة وجدة – أنجاد، على غرار مناطق أخرى بجهة الشرق، خلال نهاية الأسبوع المنصرم، تساقطات مطرية مهمة، من المرتقب أن يكون لها وقع إيجابي على الزراعات الربيعية والأشجار المثمرة.
وحسب معطيات للمديرية الإقليمية للفلاحة بوجدة، فقد بلغ مجموع التساقطات المطرية للموسم الفلاحي الحالي، أزيد من 162 مليمترا، أي بزيادة 64 في المئة مقارنة مع الموسم الفلاحي الفارط في نفس الشهر، لكن بتراجع بلغ 24 في المئة مقارنة مع معدل سنة فلاحية عادية.
وقال المدير الإقليمي للفلاحة بوجدة، محمد الفضيلي، إن هذه التساقطات المطرية الأخيرة التي عرفتها عمالة وجدة – أنجاد، سيكون لها وقع جد إيجابي بالنسبة للزراعات الربيعية والأشجار المثمرة، خاصة الخضروات التي هي في طور انطلاق عملية الغرس كالبطاطس والبصل.
وأكد الفضيلي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه التساقطات المطرية، ساهمت، بالخصوص، في تعزيز الفرشة المائية، وري الزراعات البورية، وكذا إنعاش آمال الفلاحين في تدارك الموسم الفلاحي الحالي الذي اتسم بتأخر وعدم انتظام التساقطات المطرية.
وأشار إلى أن الأشجار المثمرة بدورها، خاصة أشجار اللوز، والممتدة على مساحة تقدر بأكثر من 20 ألف هكتار، ستستفيد جيدا من هذه التساقطات خاصة وأنها في طور الإزهار بعد السبات الشتوي.
وأضاف المسؤول الإقليمي، أنه من المتوقع أيضا أن يكون لهذه التساقطات الأخيرة وقع إيجابي على أشجار الزيتون، والتي تبلغ مساحتها حوالي 15 ألف هكتار على مستوى نفوذ المديرية الإقليمية للفلاحة بوجدة.
كما ستمكن أمطار الخير، من تحسين الموفورات الكلئية للماشية؛ وبالتالي تخفيف العبء عن كاهل الكسابة بالمنطقة.
ولتعزيز الدينامية التي يعرفها القطاع الفلاحي بالمنطقة، أشار لفضيلي إلى أن مصالح وزارة الفلاحة، عملت على مواكبة الفلاحين من خلال توفير مدخلات الإنتاج الأساسية؛ كالأسمدة الأزوتية بأثمنة تحفيزية، ودعم اقتناء بذور وشتلات الخضروات الأساسية (البطاطس والبصل والطماطم).
كما يتعلق الأمر، بحسب الفضيلي، بمواصلة برنامج دعم تجهيز الضيعات الفلاحية بنظام الري بالتنقيط من أجل اقتصاد مياه الري واقتناء مختلف المعدات الفلاحية، مشيرا إلى أن هذه التدخلات همت كذلك التهيئة الهيدرو- فلاحية لمدارات السقي الصغرى والمتوسطة، ومواكبة المنتجين وتأطيرهم.
وأكد الخبير وأستاذ العلوم والهندسة الزراعية بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، كمال أبركاني، أن التساقطات الأخيرة بجهة الشرق ساهمت نوعا ما في ارتفاع حقينة السدود، ما من شأنه أن ينعش بشكل طفيف الفرشة المائية، ويمكن أن يلعبا دورا في انخفاض نسبة الملوحة بالتربة والتي ارتفعت بشكل كبير في ظل السنوات الأخيرة بسبب الإجهاد المائي، التي أثرت سلبيا على الزراعة.
وأبرز أبركاني، في حديث لوكالة الأنباء الرسمية “لاماب”، أن التساقطات الأخيرة كان لها أثر إيجابي على السدود الكبرى بالحوض المائي لملوية، والتي سجلت ارتفاعا طفيفا في نسبة الملء بلغت إلى غاية 10 مارس الجاري، أزيد من 49 في المئة، بحسب المعطيات الرسمية.
وعن تأثير هذه التساقطات على الزراعة وخاصة الانتاج النباتي بجهة الشرق، أوضح الخبير أن الأمطار سيكون لها وقع إيجابي على المراعي والزراعات العلفية، لأن هذه الكميات المهمة من التساقطات ستساهم في تعزيز الغطاء النباتي، وكذا الرفع من نمو وإنتاج المزروعات الخريفية كالحبوب، والشمندر السكري، والقطاني، وبعض الخضر وخاصة في المناطق المسقية من المياه الجوفية والسطحية.
ويضيف أن الأشجار المثمرة، التي هي في مرحلة التبرعم والإزهار، والتي تضررت نسبة كبيرة منها نتيجة توالي سنوات الجفاف، ستسفيد من التساقطات، لاسيما منها أشجار الحوامض، واللوز، والزيتون، والعنب وغيرها.
وأشار إلى أن التساقطات الأخيرة ستشكل أيضا عاملا محفزا للفلاحين ببدء عملية الغرس بالنسبة للزراعات الربيعية من خضر وفواكه، على أمل هطول أمطار أخرى مماثلة في الأشهر المقبلة.
وبخصوص الحلول المقترحة لتحقيق نجاعة السقي الزراعي بجهة الشرق، ذكر كمال أبركاني بأن الدولة والمؤسسات الوصية، قامت بعدة مجهودات خلال السنوات الأخيرة لمواجهة تداعيات الجفاف، خاصة أن جهة الشرق تعتبر من الجهات المتضررة من هذه الظاهرة المناخية التي تسببت في نقص حاد في الانتاج الزراعي بالمنطقة.
وأشار إلى أن “من بين هذه المبادرات، مشروع تعلية سد محمد الخامس بإقليم الناظور الذي يروم تحقيق حقينة تخزين تصل إلى مليار متر مكعب، وكذا مشروع السقي بالتنقيط بسهل كارت بنفس الإقليم الهادف إلى ترشيد الموارد المائية، بالإضافة إلى المشروع المرتقب لتحلية مياه البحر والذي يروم، حسب ورقته التقنية، تزويد الجهة بـ300 مليون متر مكعب، منها 160 مليون لسقي 30 ألف هكتار من الأراضي”.
وشدد الخبير وأستاذ العلوم والهندسة الزراعية بالكلية متعددة التخصصات بالناظور على أنه “يجب التفكير في تخزين وكذا استثمار مثل هذه التساقطات المطرية والاستفادة منها، خاصة أن كميات كبيرة منها تذهب إلى البحر”.