كشف يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، عن تسجيل مجموعة من الاختلالات في عمل شركات المناولة داخل المؤسسات العمومية، مشيراً إلى أن الوزارة وجهت التعليمات اللازمة لمعالجتها في إطار منظومة تفتيش الشغل.
وأوضح الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أن فرق التفتيش أنجزت أكثر من 39 ألف زيارة للوحدات الإنتاجية خلال سنة 2024، ما أسفر عن تسجيل 325 ألف ملاحظة، من بينها 84 ألف ملاحظة مرتبطة بالأجور، و5000 ملاحظة تتعلق بالصحة والسلامة، و16 ألف ملاحظة تخص الحماية الاجتماعية، مؤكداً أنه تم تحرير 222 محضر مخالفة في هذا الإطار.
وأشار الوزير إلى أن نظام المناولة يشمل عقود التدبير المفوض وعقود المقاولة من الباطن والشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى الصفقات العمومية، موضحاً أن مدونة الشغل المغربية وضعت مجموعة من الضوابط لضمان حقوق العمال، من بينها تحميل المقاول الأصلي مسؤولية أداء أجور العمال وتعويض العطلة السنوية المستحقة، وكذا التعويضات المرتبطة بالفصل من العمل في حال وقوعه، إضافة إلى الاشتراكات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في حالة إعسار المقاولة من الباطن.
وشدد المسؤول الحكومي على ضرورة تعزيز دور مفتشي الشغل ومنحهم سلطات أقوى ضمن مراجعة مدونة الشغل، بما يتيح تصحيح الاختلالات المطروحة بسرعة وفعالية. كما أشار إلى منشور رئيس الحكومة، الذي دعا من خلاله الإدارات العمومية إلى احترام القوانين الاجتماعية، مؤكداً أنه من غير المنطقي رفع الحد الأدنى للأجور دون مراجعة الصفقات العمومية لضمان استفادة المستخدمين العاملين في إطار المناولة من هذه الزيادة.
وفي سياق متصل، انتقد المستشار البرلماني لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أوضاع المستخدمين في شركات المناولة داخل المؤسسات العمومية، معتبراً أن الوضعية الحالية تستدعي معالجة جادة ومسؤولة، في ظل ما وصفه بـ”الإشكالات الاجتماعية والحقوقية العميقة”. وأوضح أن معظم هؤلاء المستخدمين يعملون بعقود قصيرة الأجل، بل في بعض الحالات بعقود شفوية أو مؤقتة تُجدد بشكل دوري، ما يجعلهم عرضة للطرد التعسفي دون أي ضمانات أو تعويضات، فضلاً عن غياب الاستقرار الوظيفي الذي يعد حقاً أساسياً لكل عامل.
وأشار نازهي إلى أن نسبة كبيرة من مستخدمي شركات المناولة محرومون من التغطية الصحية والتعويض عن الأمراض المهنية، أو حتى التسجيل الفعلي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، موضحاً أن بعض الحالات المسجلة تُظهر وجود تسجيل صوري فقط، ما يحرم العمال من حقوقهم في التقاعد والتعويضات العائلية. وأضاف أن هذه الفئة غالباً ما تتقاضى أجوراً هزيلة، لا تصل أحياناً إلى الحد الأدنى للأجور، مع حرمانهم من أي تعويضات عن الساعات الإضافية أو ظروف العمل الصعبة.
ورأى المستشار أن هذه الاختلالات تعكس ضعف الرقابة الحكومية على هذا القطاع، مشدداً على أن القوانين المنظمة لعمل شركات المناولة لا تجد طريقها إلى التطبيق الصارم، ما يفسح المجال أمام بعض الشركات لتحقيق أرباح على حساب معاناة العمال. ودعا إلى ضرورة التدخل العاجل عبر إلزام المؤسسات العمومية، عند اللجوء إلى خدمات شركات المناولة، بإبرام عقود تضمن الحقوق الأساسية للمستخدمين، وتفعيل لجان تفتيش صارمة لمراقبة مدى احترام هذه الشركات للقوانين الاجتماعية، إضافة إلى وضع خطة واضحة لإدماج مستخدمي المناولة الذين يقدمون خدمات أساسية داخل المؤسسات العمومية، فضلاً عن تخصيص برامج تكوينية لهم، لتعزيز مهاراتهم وتمكينهم من الدفاع عن حقوقهم القانونية.
ويأتي هذا النقاش في سياق أوسع من الجدل المتصاعد حول أوضاع العمال في المغرب، وسط مطالب نقابية متزايدة بإصلاحات جذرية تضمن حماية حقوق المستخدمين، وتعزز دور مؤسسات الرقابة والتفتيش لضمان تطبيق القوانين الاجتماعية بفعالية أكبر.