استعرضت ليلى الدكالي، رئيسة جمعية سيدات الأعمال في المغرب، حصيلة ريادة الأعمال النسائية في المغرب، مبرزة التقدم المحرز والتحديات المتواصلة، لا سيما فيما يتعلق بالولوج إلى التمويل والاندماج بالقطاعات المبتكرة.
كما تطرقت إلى الدعامات التي ينبغي تفعيلها من أجل تعزيز جسارة رائدات الأعمال، والقطاعات الواعدة الواجب تطويرها، فضلا عن المبادرات التي أطلقتها جمعية سيدات الأعمال في المغرب لمواكبة التحول الرقمي والابتكار.
وخصت الدكالي، وكالة المغرب العربي للأنباء بحوار بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة.
1- تواكب جمعية سيدات الأعمال في المغرب رائدات الأعمال منذ أكثر من 20 عاما. ما هي حصيلة تطور ريادة الأعمال النسائية في المغرب؟ وماذا عن التحديات المطروحة؟
شهدت ريادة الأعمال النسائية في المغرب تطورا واضحا، لكنه لا يخلو من تحديات مستمرة. فاليوم، أضحت المرأة المغربية أفضل تعليما وأكثر تأهيلا من أي وقت مضى، حيث يشكلن أكثر من نصف عدد الطلبة الجامعيين.
ومع ذلك، لم ينعكس التطور الحاصل في قدرات النساء بعد بشكل كامل على منظومة ريادة الأعمال. بل يسجل انخفاضا مقلقا في معدل نشاط النساء خلال السنوات الأخيرة، نظرا للقيود الاجتماعية والثقافية التي لا تزال تحد من وصول المرأة إلى مناصب قيادية وإنشاء المشاريع، إضافة إلى تحديات مؤسساتية، مثل صعوبة الحصول على التمويل وتعقيدات الإجراءات الإدارية، ما يعرقل مسيرتهن الريادية.
وعلى الرغم من هذه العقبات، برز جيل جديد من رائدات الأعمال المغربيات برؤية مختلفة، إذ لم يعدن ينظرن إلى المقاولة كأداة لتحقيق الربح فقط، بل كرافعة للتحول الاجتماعي والبيئي.
وفي هذا السياق، ترافق جمعية سيدات الأعمال بالمغرب هذه الدينامية عبر هيكلة برامج ملائمة وإطلاق مبادرات مبتكرة، من بينها بنك المشاريع، الذي يروم تمكين النساء من دخول مجال الصناعة.
2- يظل الحصول على التمويل عقبة رئيسية تواجه رائدات الأعمال. هل تعتقدين أن البنوك وصناديق الاستثمار المغربية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المشاريع التي تقودها النساء؟ وما الحلول العملية التي ينبغي تنفيذها؟
ما يزال الحصول على التمويل يشكل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه رائدات الأعمال في المغرب. وعلى الرغم من أن البنوك وصناديق الاستثمار بدأت تدريجيا في اعتماد تدابير لدعم ريادة الأعمال النسائية، إلا أن خصوصيات المشاريع التي تقودها النساء لم تحظ بعد بالاهتمام الكافي. ويرجع ذلك أساسا إلى معايير تقييم المخاطر التي تعتمدها المؤسسات المالية.
ولمعالجة هذه التفاوتات، ينبغي تطوير آليات مالية أكثر شمولا وملائمة لاحتياجات رائدات الأعمال، بما في ذلك تنويع آليات التمويل، وتعزيز التمويلات البديلة مثل التمويل التشاركي والقروض الصغرى، والتي تشكل روافع ناجعة لتمكين رائدات الأعمال من الوسائل اللازمة لإطلاق مشاريعهن وتطويرها دون الحاجة إلى ضمانات تثقل كاهلهن، فضلا عن منصات التمويل الجماعي وبرامج القروض التضامنية، والتي يمكن تشجيعها بشكل أكبر من خلال الحوافز الضريبية والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وعموما، يظل تحسين حصول رائدات الأعمال على التمويل رهينا بتحول في الإطار المالي وتنويع مصادر التمويل وتعزيز آليات الدعم والمواكبة. وفي هذا الإطار، تواصل الجمعية جهودها لضمان مساهمة المرأة المغربية بشكل كامل في التنمية الاقتصادية للبلاد.
3- غالبا ما ي نظر إلى ريادة الأعمال النسائية كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ما هي أكثر القطاعات الواعدة لرائدات الأعمال في المغرب اليوم؟
من بين أكثر القطاعات الواعدة، يبرز الاقتصاد الدائري والتنمية المستدامة نظرا لإمكاناتهما الكبيرة في الابتكار والنمو. ومع تزايد الاهتمام بالقضايا البيئية، تستثمر العديد من رائدات الأعمال في حلول إعادة التدوير والطاقة المتجددة وإدارة الموارد.
ومن القطاعات الأخرى سريعة النمو، نجد قطاع الصناعات الغذائية والزراعة المستدامة، حيث يتزايد عدد النساء اللائي يستثمرن في الصناعات التحويلية المحلية والفلاحة العضوية والعقلانية، مستفيدات من الطلب المتزايد على المنتجات الأصيلة والصديقة للبيئة.
كما يشكل قطاع الخدمات الموجه للأشخاص والاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة أساسية للإدماج الاقتصادي للمرأة. فمع تغير أنماط الحياة، تزداد الحاجة إلى رعاية الأطفال والتعليم والرفاهية وخدمات مرافقة كبار السن.
وأخيرا، تمثل الصناعات الإبداعية والثقافية فرصة واعدة للنساء، لا سيما في مجالات الموضة والتصميم والصناعات التقليدية والإنتاج السمعي البصري.
4- مازال العديد من النساء مترددات بشأن خوض غمار ريادة الأعمال، خوفا من الفشل أو بسبب نقص في شبكة العلاقات. كيف تعمل جمعيتكم على تعزيز ثقة وجسارة رائدات الأعمال المغربيات؟
تتردد العديد من النساء في إطلاق مشاريعهن بسبب الخوف من الفشل والافتقار إلى شبكة علاقات، وهي عراقيل تعززها العوامل الثقافية. ولمواجهة ذلك، أطلقت جمعيتنا عدة مبادرات، من بينها برامج التوجيه والتمكين التي تروم استلهام الثقة، فضلا عن التكوين الذين يمكن النساء من اكتساب مهارات في الإدارة والقيادة والرقمنة.
كما يضطلع التشبيك بدور مهم في إدماج رائدات الأعمال في منظومة دينامية، وذلك بفضل الفعاليات والمنتديات. إضافة إلى ذلك، تعمل جمعية سيدات الأعمال في المغرب على إعادة تعريف مفهوم الفشل، من خلال تقديمه كخطوة تعليمية وليس عائقا، ما يعزز روح الجسارة والمرونة.
5- يراهن المغرب على الابتكار والرقمنة لتحويل اقتصاده. كيف يمكن دمج رائدات الأعمال بشكل أفضل في هذه الدينامية، وما هي المبادرات المتاحة لمواكبتهن في ظل هذه التحولات؟
يعتمد المغرب على الابتكار والرقمنة كركيزتين أساسيتين لتحويل اقتصاده، ومن الضروري أن تنخرط النساء بالكامل في هذا الدينامية. ولتحقيق ذلك، تم إطلاق عدة مبادرات، من بينها “شي ديجيتال”، التي تواكب رائدات الأعمال في رقمنة أنشطتهن وتساعدهن على استكشاف التكنولوجيات الحديثة لتطوير مقاولاتهن.
وينبغي أيضا تعزيز الوصول إلى حاضنات الأعمال ومساحات العمل المشترك المخصصة للنساء لتمكينهن من تطوير مشاريعهن في بيئة مواتية للابتكار.
إلى جانب ذلك، يمكن أن يكون تطوير التمويل الرقمي عبر التمويل الجماعي والاستثمار التشاركي حلا ناجعا لتجاوز العقبات التي تفرضها الأنظمة البنكية التقليدية.