في تطور جديد يكشف استمرار معضلة الاستيلاء غير القانوني على أراضي الدولة بإقليم الحوز، تصاعدت المحاولات للسيطرة على عقار تبلغ مساحته 34 هكتارًا بجماعة أغمات، على الطريق المؤدية إلى أوريكة. هذا العقار الذي يعتبر ذا موقع استراتيجي أصبح هدفًا لأطماع مسؤولين ومنتخبين وسياسيين محليين، في مشهد يطرح أسئلة كثيرة حول دور السلطات في حماية ممتلكات الدولة.
بناء عشوائي واستغلال سياسي
تفيد تقارير إعلامية بأن إقليم الحوز يشهد انتشارًا متزايدًا للبناء العشوائي، يعود سببه إلى تفويت أراضي الدولة بطرق غير قانونية من قبل جهات مجهولة. يتم تقسيم هذه الأراضي وبيعها بشكل عشوائي، ما يؤدي إلى ظهور دواوير غير قانونية. ورغم تدخل السلطات الإقليمية بتنسيق مع وزارة الداخلية، إلا أن عملية استرجاع هذه الأملاك تواجه تحديات كبيرة، أبرزها صعوبة تنفيذ أحكام الإفراغ ضد المتورطين، الذين غالبًا ما يتمتعون بحماية أو دعم من مسؤولين.
حرث الأرض لإثبات الحيازة
شهد يوم الجمعة الماضي محاولة لحرث الأرض من قبل أشخاص سعوا إلى إثبات حيازتهم للعقار، بتحريض من جهات. هذه المحاولة جاءت رغم عدم وجود أي سند قانوني يدعم تصرفهم، ودون تدخل حازم من السلطات المحلية لوقف هذه الانتهاكات.
وفي المقابل، يدعي أحد المواطنين امتلاكه عقودًا قديمة تثبت تصرفه في الأرض منذ عقود بناءً على شهادات أعيان المنطقة. لكنه تعرض لاعتداء من قبل أطراف أخرى تسعى للاستحواذ على العقار، ما دفعه إلى تقديم شكاية أمام المحكمة الابتدائية بمراكش. كما قدم ملفًا إلى إدارة الأملاك المخزنية يهدف إلى الاستفادة من العقار لإقامة مشاريع تنموية.
أملاك الدولة: رافعة للتنمية أم ضحية للفساد؟
تلعب إدارة أملاك الدولة دورًا حيويًا في دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية، حيث ساهمت خلال السنوات الأخيرة في تعبئة أكثر من 1.6 مليون هكتار لدعم مشاريع كبرى بقيمة استثمارية تجاوزت 915 مليار درهم، محدثة عشرات الآلاف من فرص العمل. لكن الوضع في الحوز يعكس تناقضًا صارخًا مع هذه الجهود، إذ يتم استغلال أملاك الدولة بشكل غير قانوني بدلاً من تعبئتها وفق سياسات الدولة التنموية.
أسئلة تبحث عن إجابات
يبقى السؤال الأهم: هل ستتدخل السلطات الإقليمية بحزم لإيقاف هذا العبث قبل تقسيم العقار بشكل عشوائي وتحويله إلى دواوير غير قانونية؟ أم ستبقى الجهات المسؤولة في موقع المتفرج على هذا المسلسل الذي يتعارض مع الإرادة الملكية الداعية إلى الحفاظ على ثروات البلاد واستغلالها بما يحقق المصلحة العامة؟
الوقت يداهم، والمسؤولية ملقاة على عاتق السلطات المختصة لتفعيل القانون وحماية أملاك الدولة من الاستغلال العشوائي الذي يهدد مستقبل التنمية في المنطقة.