في مشهد يعكس “عمق الأزمة” التي يعيشها العديد من وكلاء تحويل الأموال، نظم العشرات من وكلاء شركة “Canal M” اليوم وقفة احتجاجية أمام البرلمان، مطالبين بحل عاجل لأزمة مالية خانقة تعصف بـ 100 وكالة عبر مختلف ربوع المملكة.
تتعلق هذه الأزمة باختلاس مبلغ ضخم يقارب 3 مليارات سنتيم من شركة “Canal M”، ما أدى إلى توقف الرواتب وتأخر التحويلات المالية، ووضع مئات الأسر في مأزق اقتصادي حرج، ورغم محاولات الوكلاء المتكررة للتفاوض مع الشركة الأم والمسؤولين، إلا أنهم لم يتوصلوا إلى أي حل يضمن حقوقهم المشروعة، حسب قولهم.
إسماعيل المرحوم، وكيل من الوكالات التابعة لشركة “Canal M”، أكد في تصريح لـ “العمق” أن العقد المبرم بين وكالات التحويلات والشركة الأم ينص على ضرورة إعادة الأموال إلى الوكلاء في غضون 48 ساعة من تقديمها للعملاء، سواء كانت الأموال محولة داخلياً أو خارجياً، إلا أن الشركة أخفقت في الوفاء بهذه الالتزامات، مما أدى إلى تأخير سداد الأموال لفترات طويلة.
وأوضح المرحوم أن “القصة بدأت عندما بدأ التأخر في سداد الأموال والتماطل من قبل الشركة، وفي البداية كانت تقدم وعود بأن المبالغ المتأخرة سيتم دفعها في الأيام المقبلة بسبب مشاكل في البنك، لكن مع مرور الوقت، توقفت الشركة عن الدفع تماما، وهو ما شكل أزمة كبيرة للوكالات وعملائها”.
وتطرق المرحوم إلى أن حجم الأموال الواجب على الشركة دفعها تقارب حوالي 3 مليارات سنتيم أي ما يعادل 30 مليون درهم، مشيرا إلى أن الوكلاء في انتظار تدخل بنك المغرب لحماية حقوقهم.
وأشار المتحدث إلى أن مجموعة من الوكلاء اضطروا إلى استخدام مدخراتهم الشخصية لتسديد الحوالات، في حين لجأ آخرون إلى أخذ قروض لتغطية النقص في السيولة، مضيفا بالقول “الزبون لا يمكن أن تخبره بأن الأموال غير موجودة، مما دفع الوكلاء إلى استخدام كل ما لديهم من سيولة من أجل الوفاء بالالتزامات المالية تجاه عملائهم، في حين توقفت الشركة تماما عن دفع المبالغ المتأخرة”.
وأضاف “المتضرر” أن الوضع المالي المتأزم أدى إلى إعلان العديد من الوكلاء إفلاسهم، في وقت يعانون فيه من صعوبة في سداد الضرائب أو الأقساط المستحقة عليهم، خاصة تلك المتعلقة بالقروض، مضيفا أن عددا من الموظفين تقدموا بشكاوى قضائية بسبب طردهم التعسفي.
وتابع إسماعيل المرحوم أن الوكالات عقدت ثلاث اجتماعات مع إدارة الشركة في محاولة للتوصل إلى حل ودي، ولكن عدم التوصل إلى تسوية أدى إلى تقديم شكوى إلى بنك المغرب، والتي لا تزال قيد الدراسة.
وفي ختام تصريحه، أكد المرحوم أن الوكلاء يأملون في أن ينصفهم القضاء المغربي، داعين الجهات المختصة إلى التحقيق في مصير أموالهم، مشيرا إلى أن هذه الوكالات تلعب دورا أساسيا في تحويل أموال مغاربة المهجر، مما يساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني، مسجلا أن الأموال المحولة لا يحق للشركة التصرف فيها، حيث توجد في حسابات خاصة، مما يجعل تصرف الشركة غير قانوني.
من جانبها أكدت إكرام لمعكشاوي، وكيلة من الوكالات التابعة لشركة “Canal M”، في تصريح لـ “العمق”، أن هنالك عقد شراكة بين الوكالات والشركة الأم ينص على أن الأموال المحولة يجب أن تُعاد إلى الوكالات في غضون 48 ساعة من تحويلها، سواء كانت الحوالات داخلية أو خارجية، إلا أنه وعلى مدار الأشهر الستة الماضية، لم يتم الوفاء بهذا الالتزام، ما أثار تساؤلات حقيقية حول مصير هذه الأموال.
وأضافت “المتضررة” بالقول “لقد حاولنا مرارا التواصل مع الشركة الأم لمعرفة مصير الأموال، لكن دون جدوى، وعليه، نحن الآن نناشد السلطات المختصة للتدخل وتقديم حل لهذه الأزمة، حيث أن العديد من الوكالات تعرضت لخسائر كبيرة، وبعض الوكلاء أصبحوا أمام المحاكم بسبب عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية”.
وأشارت المتحدث إلى أن هذا الوضع يهدد استقرار وكالات تحويل الأموال ويضع عملائها في حالة من القلق، مؤكدة أن القطاع يفتقر إلى أي ضمانات قانونية تحمي الوكلاء من المخاطر المالية، خاصة في ظل هذا التأخير المستمر، موضحة أن الشركة الأم لم تقدم أي توضيحات حتى الآن، فيما تتواصل الأزمة بين الوكلاء والجهات المسؤولة.
وأوضحت، أن الوكلاء تواصلوا مع بنك المغرب، وهو الجهة التي يعتقدون بأنها قد تساعد في حل المشكلة، لكن دون أن يتم التوصل إلى أي جديد حتى الآن. وقالت: “البنك المركزي يتابع القضية، لكن لم يتم تقديم أي تطورات ملموسة حتى الآن، كما أن رئيس الشركة أغلق مقرها وطالب الوكلاء بعدم القدوم، مع تسريح بعض الموظفين وتكليف آخرين بالعمل عن بعد”.
وأبدت إكرام لمعكشاوي، في ختام حديثها قلقها من استمرار هذه الأزمة، داعية إلى تدخل عاجل من الجهات المعنية لضمان حقوق الوكلاء والعملاء على حد سواء، مشيرة إلى أن الوكالات تساهم بشكل كبير في الاقتصاد المحلي من خلال تسهيل تحويل الأموال للمغاربة المقيمين في الخارج، وبالتالي فإن تأثر هذه الوكالات سيكون له تداعيات على مختلف الفاعلين.
هذا، وحاولت جريدة “العمق المغربي” التواصل مع شركة “Canal M” عبر الرقم المعلن على موقعها الرسمي، بهدف الحصول على معلومات إضافية وتوضيحات تسهم في تقديم صورة أكثر شمولا حول الموضوع، إلا أن المحاولات لم تلق أي استجابة.