يُعد تدهور الدخل عند التقاعد، والفرق الشاسع أحيانا بين قيمة آخر راتب تلقاه الأجير خلال حياته المهنية ومعاشه التقاعدي، أحد المشاكل الكبيرة التي يعاني منها المتقاعدون في المغرب، وتؤدي لتقهقر قدرتهم الشرائية ومن تم مستوى معيشتهم. ذلك موضوع عكف خبراء في مجال التأمين على مناقشته واقتراح حلول لتفادي هذه المشكلة.
وفي هذا الصدد، نصح خالد بوسعيد، المدير العام لتعاضدية “التأمين الشعبي”، الشباب النشط بالتفكير في تقاعدهم في سن مبكرة، وتخصيص جزء من دخلهم له، قائلاً “خلال حياتي المهنية في هذا المجال، التقيت بالكثير من الأشخاص في سن التقاعد أو قبله بقليل يتحسرون على عدم التفكير في تقاعدهم في سن مبكرة”.
وشدد بوسعيد، الذي كان يتحدث خلال ندوة على هامش “معرض الادخار”، أمس الجمعة بالدار البيضاء، على أن المعطيات الديموغرافية الحديثة التي كشف عنها إحصاء 2024 تحيل على تباطؤ معدل الولادات والزيادة في أمد حياة المغاربة، ما ستتمخض عنه شيخوخة متزايدة للمجتمع المغربي وزيادة في حدة النقاش حول مواضيع التقاعد والمعاشات.
ولفت الانتباه إلى ما يطلق عليه في أبجديات التقاعد بـ”معدل الاستبدال”، والمتعلق بالعلاقة بين آخر راتب تلقاه الأجير مقارنة بمعاشه التقاعدي، منبها إلى أن الفرق بينهما يصل أحيانا إلى 70 في المئة في حال اكتفى الأجير بنظام التقاعد الإجباري (CNSS).
وأشار المتحدث إلى 3 قواعد رئيسية ينصح بها المستشارون الماليون في ما يتعلق بالتقاعد والمعاش، وهي المساهمة بأكبر مبلغ ممكن، وأطول مدة ممكنة، وبالخصوص الاستفادة من أفضل تدبير وخدمات ممكنة خلال هذه الفترة، وذلك عبر اختيار شركة تأمين ذات جودة.
وأضاف أنه ثمة قاعدة أخرى في هذا الصدد: “حين تستثمر درهما واحدا في سن العشرين فهو يساوي 4 دراهم عند التقاعد، و3 دراهم في سن الثلاثين، لكنه لا يتجاوز في سن الـ50 ما مقداره 0,50 سنتيما، ما يُظهر أهمية الاستثمار في التقاعد منذ سن مبكرة”.
من جانبه، أشار عادل الخلوي، المسؤول بمديرية التنمية التجارية بالمؤسسة ذاتها، إلى أن توفر حلول للأجراء لتفادي الوقوع في ضائقة مالية عند التقاعد حين يكون معدل الاستبدال مرتفعا، مشيرا بدوره إلى أهمية الاستعداد بشكل مبكر للتقاعد.
وقال إن “معدل الاستبدال” يخضع لعدة متغيرات أهمها نظام التقاعد الذي ينخرط فيه الأجير أثناء نشاطه والقطاع الذي يشتغل فيه، إذ “في حالة الاشتغال في القطاع الخاص والانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد يصل المعدل إلى 70 في المئة من الأجر الأساسي”.
وفصّل بالقول إن “نظام التقاعد الإجباري لا يعد سوى طبقة أولى للمعاش الهدف منها تلبية الحاجيات الأساسية بعد التقاعد، والتي لا تتجاوز 40 إلى 50 في المئة من الدخل”.
وأضاف أن الطبقة الثانية هي ما يُعرف بـ”التقاعد التكميلي” أو “نظام التقاعد المهني”، حيث يقتطع جزء من المساهمة من راتب الأجير والجزء الثاني من طرف المشغل، وهو نظام تعمد إليه بعض المقاولات المشغلة دون غيرها.
وفي الطبقة الثالثة، وفقا للمتحدث، يوجد “التقاعد الشخصي” الذي يمكن أن يتم إرساؤه بمبادرة خاصة من الأجير الذي يساهم بجزء من دخله “بغاية سد الفجوة بين راتبه أثناء العمل والمعاش التقاعدي”.
وفي هذا الصدد قال إن مجموعة من المنتجات والخدمات متوفرة على غرار ما يسمى بالـ”عقود الجماعية”، المخصصة للمقاولات، بالإضافة إلى العقود التي تقترحها الوكالات البنكية لفائدة الأفراد.
ويعد “العقد الجماعي” عقد تأمين شخصي يتم إبرامه بين شركة التأمين والمقاولة المشغلة، ويسمى “جماعيا” لأن بنود العقد المذكور تتعلق بكل أو جزء من الموظفين العاملين في الشركة. وينظِّم العقد الجماعي حماية اجتماعية إضافية للأجير، وهي التقاعد التكميلي والتغطية الصحية، وعدم القدرة على مواصلة العمل، والوفاة، والادخار.
ونوه الخلوي إلى كون عقود التقاعد الشخصي ليست حكرا على الأجراء، بل تتوجه كذلك لمحترفي المهن الحرة والتجار والعاملين لحسابهم، الذين لا يملكون تقاعدا أساسيا.