في ظل احتدام التجاذبات السياسية التي تشهدها جهة سوس ماسة، طفا إلى السطح خلال الأيام القليلة الماضية “البلوكاج” الذي واجهه مشروع اتفاقية شراكة لتمويل وإنجاز برنامج التأهيل الحضري لمركز جماعة أورير شمال مدينة أكادير.
الاتفاقية التي حازت على موافقة مجلسي جهة سوس ماسة وجماعة أورير، تواجه اليوم مصيرا مجهولا، بعدما قرر رئيس الجهة، كريم اشنكلي، تجميد توقيعها، مما أثار تساؤلات واسعة حول دوافع هذا القرار الذي جاء في وقت أصبح فيه المغرب قبلة لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى قاريا وعالميا.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز البنية التحتية في أورير، بما يشمل تقوية وتهيئة الشبكة الطرقية وتأهيل الأحياء ناقصة التجهيز، إلى جانب إنشاء ساحات عمومية ومساحات خضراء وتقوية الإنارة العمومية، بغلاف مالي يقدر بـ 64 مليون درهم، موزع بين وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة (22 مليون درهم)، ومجلس جهة سوس ماسة (28 مليون درهم)، وجماعة أورير (14 مليون درهم)، وكان من المفترض أن يُنجز المشروع في غضون سنتين، لكن تطورات سياسية عطلت انطلاقته.
البلوكاج السياسي للاتفاقية
بحسب الوثائق التي اطلعت عليها جريدة “العمق”، فإن مشروع الاتفاقية كان قد صادق عليه مجلس جماعة أورير في فبراير الماضي، ثم صادق عليه مجلس جهة سوس ماسة في مارس الماضي، كما أن شركة العمران بصفتها حاملة للمشروع والمسؤولة عن تنزيله، أطلقت طلب عروض من أجل إعداد الدراسات التقنية و الهندسية والتنفيذية للمشروع، كما نشرت طلب عروض آخر يتعلق بمتابعة الأشغال الخاصة بالاتفاقية. إلا أن الأمور تغيرت جذريا بعد قرار المحكمة الإدارية عزل رئيس جماعة أورير السابق لحسن المراش، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، بعد شهرين فقط من المصادقة على الاتفاقية، ما فتح الباب أمام قيادة جديدة للجماعة تنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي.
ومع تولي الاتحادي سعيد بوزري، رئاسة جماعة أورير، خلفا للمراش، قرر رئيس جهة سوس ماسة والمنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار كريم أشنكلي، تجميد توقيعه على الاتفاقية، ما يوضح وفق متابعين، بأن القرار جاء في سياق حسابات سياسية تهدف إلى عدم تحقيق إنجازات قد تُحسب لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يقود الجماعة حاليا.
أهميته الاتفاقية الموقوفة التنفيذ
يعد مشروع تهيئة مركز جماعة أورير، ذا أهمية استراتيجية للمنطقة، خاصة وأنه يهدف أساسا إلى تهيئة شبكة طرقية حديثة وتأهيل الأحياء التي تعاني نقصا حادا في التجهيزات الأساسية، كما يتضمن إنشاء مساحات خضراء وساحات عمومية، مما يساهم في تحسين جودة الحياة لسكان المنطقة، علاوة على ذلك، تكتسي هذه الخطوات أهمية مضاعفة في ظل استعداد الفنادق الواقعة على مستوى النفوذ الترابي للجماعة لاحتضان بعض المنتخبات التي ستشارك في بطولتي كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
تداعيات القرار على المنطقة
أكد عدد من المهتمين بالشأن المحلي لإقليم أكادير إداوتنان، أن قرار تعطيل التوقيع على الاتفاقية المذكور من طرف رئيس مجلس جهة سوس ماسة كريم أشنكلي، أثار استياء واسعا بين سكان أورير، الذين كانوا يأملون في أن تسهم هذه التحسينات المنصوص عليها في الاتفاقية المبرمة بين جميع الأطراف، في تعزيز جاذبية المنطقة سياحيا واقتصاديا، مشددين على أن تأخر تنفيذ هذه الأشغال بفعل الحسابات السياسية، قد يُفقد المنطقة فرصا استثمارية وسياحية مهمة، خاصة مع تزايد التحديات التنموية التي تعاني منها.
دعوات للتحرك
تتعالى الأصوات الداعية إلى تدخل السلطات الوصية من أجل وضع حد لهذه الحسابات السياسية التي تعطل مصالح المواطنين، كما يطالب نشطاء المجتمع المدني بتفعيل آليات مراقبة صارمة لضمان تنفيذ المشاريع التنموية بعيدا عن التجاذبات السياسية، متسائلين حول مدى التزام المسؤولين بالمصلحة العامة، خاصة أن المشروع كان قد مر بجميع مراحل المصادقة، ولم يتبق سوى جرة قلم من رئيس مجلس جهة سوس ماسة،؟ وإذا كانت الحسابات الحزبية قادرة على تعطيل مثل هذه المشاريع، فكيف يمكن تحقيق التنمية المنشودة في الجهة؟..