هبة بريس – أحمد المساعد
نظم المنتدى المغربي للحداثة والتنوير، بالنسيج الجمعوي بوجدة، ندوة في إطار الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تحت شعار “حماية النساء حق ومسؤولية” بحضور فعاليات مدنية وحقوقية.
وخلال الندوة قدمت الأستاذة يسرى الزعري عرضا حول العنف ضد المرأة المغربية، بمنظور سوسيو تاريخي مقارن، بناءً على واقع الحال والتشخيص الميداني، حيث كشفت النشرة السنوية للمندوبية السامية للتخطيط لسنة 2023 الصادرة بمناسبة 10 أكتوبر (اليوم الوطني للمراة)عن: ان نسبة العنف المنزلي بلغت 52,1% .بينما في فضاء الدراسة والتكوين فهي: 19%. وفي فضاء العمل شكلت: 15,4%. اما في الفضاء العام فكانت: 12,6%. وبمختلف المجالات: كانت 56,5.
وأضافت المؤطرة، ان المندوبية سجلت تطور عدة أشكال من العنف ضد المغربيات، حيث باتت مستفحلة أكثر مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، وعلى رأسها العنف الجنسي الذي يبلغ 14% في حين كان يبلغ في 2009 نسبة 8,7%.
كما أشارت المندوبية إلى ارتفاع المس بالحرية للفردية للنساء إلى 34,6%، والعنف النفسي 49,1%، والجسدي 13,3%، والاقتصادي 15,1%.
وحسب كل هذه الأرقام تضيف المؤطرة، يتضح بشكل جلي بأن العنف اتجاه النساء أصبح ظاهرة مقلقة تستلزم فتح نقاش عمومي، لصياغة جواب حاسم لهذا المشكل المجتمعي الذي يجمع بين البعد الترابي (من المحلي إلى الجهوي) وحتى البعد الوطني، وتتعدد اشكاله وتمظهراته. مما يطرح ان معالجة الظاهرة لا تتسنى فقط بمقاربة أحادية وانما بتدخل كل الفاعلين واولهم الدولة من اجل بناء تقويمي لهذه الظاهرة الخطيرة عن المجتمع المغربي كاملا.
وهنا ندعو أصحاب القرار على جعل مطالب الحركة الحقوقية بجعل موضوع مناهضة العنف ضد النساء على رأس أولويات أجندة عمل المؤسسات وحثها على التفاعل الإيجابي مع الحلول المقترحة قصد الوصول إلى التغييرات السياسية والقانونية الضرورية النساء، خصوصا مع التزامن و ورش اصلاح مدونة الاسرة وكذا تعديل المسطرة الجنائية. مما دفع بنا في المنتدى المغربي للحداثة والتنوير الى التفكير في طرح هذا الموضوع برؤية سوسيولوجية تقوم على نقد المجتمع، من اجل خلخلة بنية التفكير السائدة و التاسيس لتصور حداثي في المجتمع يروم الى التاثير والدفع بالتغيير أولا من خلال اصلاح القوانين التميزية لإقرار المساواة والعدالة للنساء دون أي تمييز بسبب الجنس، وحمايتهن من العنف المبني على النوع الاجتماعي، وثانيا بهدف تحليل وفهم مايشهده السياق الاجتماعي الحالي من تطورات تستدعي منا التفاعل معها بشكل يضمن تطوير المكتسبات والبحث عن سبل تطويرها.
وفي الختام، كانت جل المداخلات نؤكد على ان تنامي ظاهرة العنف يرتبط بشكل مباشر بالسيكولوجية العامة لفئات عريضة من المغاربة التي تواجه عنف الدولة وتأزم الأوضاع المعيشية بتفريغ شحناتها السلبية والعدوانية على الفئات الأكثر هشاشة وخصوصا النساء.
وتجدر الإشارة حسب المتدخلين، الى محدودية المقاربة الأمنية ان لم تصاحبها مقاربة تربوية، ثقافية وإعلامية من شأنها دحض الصور النمطية حول النساء وإعادة الاعتبار لهن ككائن كامل المواطنة، وهو ما يستدعي تبني مقاربة مندمجة لإحقاق حقوق النساء ورفع منسوب الوعي بها لدى كل شرائح المجتمع ومحاربة الهشاشة التي تعانيها النساء من خلال تمكينهن الاقتصادي والثقافي والسياسي.