في ظل موجة تعديل وإخراج أنظمة أساسية خاصة بفئات مختلفة من الموظفيين العموميين أو مراجعة أجورهم وقواعد ترقيتهم، استغرب الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة قيام الحكومة بذلك “خارج أي تصور استراتيجي أو مقاربات ذات أسس مهنية وقانونية وتدبيرية وحقوقية واضحة المعالم”، معتبراً أن سياسة الحكومة في هذا المجال تتسم بـ”التمييز والانتقائية غير المبررين”.
مواقف الاتحاد نقلتها مراسلته إلى رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، التي اعتبرت أن “ما يحدث في الوظيفة العمومية ببلادنا من إخراج ومراجعات للأنظمة الأساسية ومراجعات للأجور الخاصة بالموظفين يتعارض مع دستور المملكة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقع أو انضم إليها المغرب والتي أقر دستور المملكة بسموها على التشريعات الوطنية”.
وأحالت المراسلة، التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الالكترونية، على “أن مثل هذه القرارات تتعارض مع مبادئ مرتبطة بحقوق الشغلية وعلى رأسها مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي والأجر المتساوي للعمل ذي القيمة المتساوية”.
وشددت الوثيقة ذاتها على أن “المثير للاستغراب هو كون الحكومات المغربية المتعاقبة خصوصا منذ سنة 2011، بالرغم من الترسانة الحقوقية الملزمة في ما يتعلق بالشغيلة إلا أنها تصر على نهج سياسة التمييز والانتقائية وخلق هوة أجرية ومهنية بين هيئات مهنية أو بين موظفي قطاعات وزارية لها نفس المهام وشروط التوظيف ونفس الكفاءات والمؤهلات المهنية ونفس بيئة العمل وظروف الاشتغال”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “الأنظمة الأساسية للموظفين التي هي تنزيل للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية والتي من المفترض أن تكون في انسجام تام معه، لا سيما مادته الخامسة التي تنص على أن الأنظمة الأساسية توضع بناء على مزاولة نفس المهام أو مهام مماثلة أو عند الاقتضاء على خصوصية بعض القطاعات، لا تخضع فيما يخص الأطر العاملة بالإدارة الى هذا المنطق”.
وبيَّنت حجج الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة التي ضمنها في مراسلته لـ”مجلس بوعياش” أن “كثير من الهيئات تزاول نفس المهام وتتوفر على نفس الشواهد والمؤهلات وتخلق لها في المقابل أنظمة أساسية مختلفة تكرس التمييز في الأجر والترقيات والحوافز”.
وسجلت الوثيقة ذاتها أن “الأنظمة الأساسية التي تشكل خصوصية قطاعية لم تعد تقتصر على هذه الخصوصية”، مشيرةً في هذا الصدد إلى “وضع الهيئات المشتركة بين الوزارات ضمن أنظمة أساسية خاصة، مما وضع فوارق أجرية ومهنية بين مكونات نفس الهيئة حسب انتمائها القطاعي، في إشارة من الحكومة إلى أنها تعتبر قطاعات “مهمة” وأخرى “أقل أهمية” دون أي سند قانوني”.
وأوضحت المراسلة أن “الاختلالات المسجلة لا تنطبق فقط على مقاربة الأنظمة الأساسية والأجور بل تنطبق أيضا على منظومة الترقي التي تختلف حسب كل نظام أساسي”، مسجلةً أن “هناك فئات تتمتع بمنظومة ترقي محفزة وسريعة ومتعددة الفرص والآليات وأخرى تتقلص فيها الفرص إلى مرة واحدة طوال الحياة المهنية التي قد تمتد إلى أربعين سنة”.
واعتبر الاتحاد أن “هيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات ومتصرفي وزارة الداخلية هي إحدى الهيئات ضحايا حالة العشوائية والتخبط والتمييز وفقدان البوصلة التي تعتري سياسة الأنظمة الأساسية”، مبرزاً أن “وضعية هيئة المتصرفين المجسدة لحيف صارخ وتعاطي الحكومة معها ينافي الدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية المرتبطة بالحقوق الشغلية”.
وتابع المصدر ذاته أن “هذه الهيئة أصبحت تتذيل المنظومة الأجرية بعدما كانت إلى عهد قريب تتساوى مع باقي الفئات المماثلة، مما أثر سلبا على وضعها الاعتباري والمجتمعي والنفسي”، مشددا على أن “هذا الوضع كفيل بنسف أي إصلاح للإدارة لأن هيئة المتصرفين تعد قطب الرحى لمصالح الدولة وعمودها الفقري”.