استكمالا للخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية، والذي خصصه بالكامل لنقطة فريدة هي قضية الصحراء المغربية، عاد اليوم بمناسبة خطاب المسيرة الخضراء للقضية نفسها من أجل استحضار التقدم الذي أحرزته بلادنا في مجال الدفاع عن وحدة المغرب الترابية، وما حققه المغرب من مواقع متقدمة حيث اعترفت عشرات البلدان بمغربية الصحراء وبصوابية الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب سنة 2007.
وفي السياق نفسه وارتباطا بنفس القضية أعلن جلالته عن منعطف مؤسساتي جديد في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وما طرحه الخطاب الملكي يعتبر “هندسة ملكية” كبرى للمنظومة المؤسساتية التي تتولى تدبير شؤون الجالية المقيمة بالخارج.
ويأتي هذا “المنعطف المؤسساتي” الذي دشنه جلالة الملك، منسجما مع الخطاب الملكي في غشت 2022، والذي قام فيه جلالته بتشخيص واضح للحكامة الحالية لموضوع المغاربة المقيمين بالخارج، حيث دعا إلى إعادة التفكير العميق في عمل الدولة تجاه هذه الفئة. وتبعا لذلك، تم التحضير لعمل في هذا الاتجاه على مستوى القطاعات الوزارية المعنية، في إطار لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة.
وينبغي الاستفادة من الروابط التي تجمع المغاربة المقيمين بالخارج ببلدهم الأصلي، وهي روابط متعددة يجب الاستفادة منها وتثمينها في إطار استراتيجية متجددة للتأطير الثقافي واللغوي والديني والهوياتي.
إن هذا الربط، الذي يكتسي دلالة رمزية بالغة في خطاب 6 نونبر، بين القضية الوطنية وقضية الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ينبع من كون المغاربة المقيمين بالخارج هم سفراء ومدافعون باستمرار عن القضية الوطنية، وإن كانت هناك استثناءات شاذة لا يمكن اعتبارها، وهي قلة مهمشة خاضعة لأجندات أجنبية، أما الجالية المغربية بجميع أنحاء العالم معروفة بوطنيتها المتقدة، وتشبثها المتين والراسخ بثوابت الأمة، من خلال دفاعها الحيوي عن القضية الوطنية. حيث تعتبر الجالية المغربية حصنا ضد النزعات الانفصالية وما تقدمه المعارضة المضللة من إغراءات.
ويشكل المغاربة المقيمون بالخارج رافعة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمغرب. وكما يعكسه التزايد المستمر لحجم تحويلاتهم المالية، فهم مهتمون بشدة بتنمية بلدهم الأصلي، ويطمحون إلى مساهمة أكبر في هذه التنمية، لا سيما في ما يتعلق بالاستثمارات، ونقل الكفاءات والمعرفة. ويجب القيام بكل شيء من أجل إشراك المغاربة المقيمين بالخارج في مسلسل التنمية، ومن أجل إتاحة كل الفرص أمام الكفاءات والمواهب المغربية في الخارج.
وتتشكل الهندسة الملكية لتدبير شؤون الجالية المغربية المقيمة بالخارج من مجلس الجالية المغربية بالخارج وهو مؤسسة دستورية ذات دور تداولي واستشاري. واليوم، يتعلق الأمر بإصدار القانون المتعلق بمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتجديد تشكيلته، حتى يصبح أكثر تمثيلا، وجعله فضاء للنقاش والتبادل، وقوة اقتراحية حقيقية. والمؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”: وكالة عمومية جديدة سيتم إحداثها، لتشكل “الذراع التنفيذية” للسياسة العمومية تجاه المغاربة المقيمين بالخارج.
وليس من باب إطلاق تسمية كيفما كانت على مؤسسة مهمة، ولكن تسميتها بالمحمدية له دلالات رمزية كبيرة، دلالات تترجم العناية السامية التي يخص بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس مغاربة العالم، اعتبارا لخصوصية الروابط الروحية والبيعة التي ما فتئت تجمع هذه الشريحة من المواطنين بالملكية المغربية، و الطبيعة الاستراتيجية بامتياز التي تكتسيها المؤسسة الجديدة للمغاربة المقيمين بالخارج، 3) الضرورة الأخلاقية والرمزية التي ستقع على عاتق هذه المؤسسة، حتى تكون في مستوى انتظارات جلالة الملك، والمغاربة المقيمين بالخارج.