يستحق وزير العدل عبد اللطيف وهبي دخول كتاب كينس للأرقام القياسية من بابه الواسع بعد تحطيمه لرقم قياسي غير مسبوق من الشكايات التي رفعها في مواجهة عدد من الصحفيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال فترة وجيزة جدا!
آراء أخرى
يبدو أن هذا أول وزير في تاريخ الحكومات التي تعاقبت على تدبير الشأن العام في كل أنحاء العالم الذي فتحت شهيته لمتابعة الصحفيين قضائيا ومطالبتهم بملايين الدراهم كمطالب بالحق المدني!
الغريب والعجيب في علاقة هذا الوزير بالصحافة هو أنه وزير سياسي باسم حزب سياسي تقول أدبياته أنه تأسس من أجل تطوير المشهد الحزبي وممارسة الساسية بعقلية جديدة توائم بين الأصالة والمعاصرة وتنشد التغيير الديمقراطي استنادا على تقريري الخمسينية والانصاف والمصالحة كأرضيات فكرية وحقوقية واعدة!
عبد اللطيف وهبي دخل غمار الانتخابات الاخيرة وهو أمين عام لحزب الجرار بشعار انتخابي مثير “مع البام نزيدو القدام” فإذا به نفاجئ بأننا أمام رجل متحمس جدا للزج بالصحفيين في السجن واثقال كاهلم بملايين الدراهم لافلاس مقاولاتهم الصحفية او غلق قنواتهم على مواقع التواصل الاجتماعي!
ولكن الشيء الأكثر إثارة هو أن الرجل يلجأ إلى التقاضي بصفته وزيرا في الحكومة بعد موافقة رئيس الحكومة عزيز أخنوش الذي قال فيه وهبي قبل التحالف الحكومي معه ما لم يقله مالك في الخمر ( قفف جود، وملايير الدراهم المربوحة من المحروقات) وهو ما يعني أن حزبه غير معترض عن ذلك!
مفروض في اي وزير سياسي ينتمي لأي حزب سياسي مشارك في الحكومة أن يستشير مع قيادة حزبه قبل اللجوء إلى القضاء في مواجهة الصحفيين او المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي لأن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تكون لها تداعيات سيئة على صورة الحزب الذي رفع شعار ” مع البام نزيدو القدام” ويمكن لها أن تؤثر عليه انتخابيا إلا إذا كان هذا الحزب له تصور خاص للانتخابات وللراي العام!
إلى حدود الآن لا نعرف موقف قيادة الحزب وخصوصا موقف فاطمة الزهراء المنصوري ( بنت الصالحين) من الإجراءات القضائية المتتالية التي اتخدها الوزير وهبي ضد الصحفيين والأخلاق في ممارسة السياسة تقتضي الوضوح حتى لا يقال في المستقبل للراي العام أن الحزب لا علاقة له بما قام به وزيره في الحكومة وأمينه العام السابق عبد اللطيف وهبي!
بكل صدق، بقدر ما أنني احترم لجوء أي وزير سياسي للقضاء ضد أي جهة كانت، فإنني أجد صعوبة بالغة في قبول دفوعات الوزير وهبي في مواجهة أسماء معينة بحجة الاعتداء على حياته الشخصية او نشر وقائع كاذبة، لأنه في الوقت الذي يدافع فيه عن كرامته بقوة وهذا حقه، هناك من يستبيح حرمة الأموات وشرف الأحياء بكل فضاضة، في سياقات تطرح أكثر من علامة استفهام حول ضرورتها ومعناها والغاية منها؟
لست أدري إن كان السيد وزير العدل باسم حزب الأصالة والمعاصرة في حكومة عزيز أخنوش على علم بذلك ولكن الشيء الذي لا ينبغي الاختلاف حوله حقوقيا هو أن هناك أسئلة وجيهة تستدعي بعض التوضيحات: لماذا يصر السيد وزير العدل ومعه السيد رئيس الحكومة على متابعة رضا الطاوجني الذي يغطي قضايا الحوز واكادير وتارودانت ومراكش، وحميد المهداوي الذي يقتفي أثر السياسة العمومية للحكومة، وهشام العمراني الذي يشتغل بمعية محمد التيجيني؟
أظن أن خلفيات المتابعة تتجاوز بكثير ما هو شخصي والدليل على ذلك هو أن السيد وزير العدل قال في أحد حواراته الصحفية “لاضربتي واحد بخمس سنوات كلشي غيرجع اللور” وهو ما يعني أن الأمر يتعلق بخطة مدروسة!
مثل هذه العقلية تجعلنا نطرح سؤال جدي على القيادة الحزبية للاصالة والمعاصرة: واش فعلا مع البام غنزيدو القدام؟