قرر بنك المغرب استئناف دورة “التيسير النقدي” على إثر اجتماعه الفصلي الأخير برسم سنة 2024، عبر خفض سعر الفائدة الرئيسي بـ0,25 في المئة إلى 2,5 في المئة، وهو القرار الذي يأخذ في الاعتبار عدة تطورات اقتصادية أهمها تباطؤ التضخم وارتفاع معدلات البطالة.
وسلط والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، خلال اللقاء الصحفي الذي أعقب الاجتماع، الضوء على بعض الإيجابيات المتوقعة من هذا القرار وفي مقدمتها، خفض تكاليف التمويل على المقاولات والأسر. إذ من المعلوم أن خفض سعر الفائدة الرئيسي من طرف البنك المركزي يُفترض أن يُواكبه خفض البنوك لأسعار الفائدة التي تطبقها على القروض.
وبالعودة إلى تصريح الجواهري، فإن ذلك “يُساهم في تحسين تكلفة المعاملات بين الأسر والمقاولات من جهة والأبناك من جهة ثانية، بما يعزز مناخ الاستثمار”.
وفي هذا الصدد أوضح الخبير الاقتصادي، علي بوطيبة، بأن الاقتصاد الوطني ينمو بحوالي 3,5 في المئة، معتمداً في ذلك على الاستثمار، بيد أن المعضلة تكمن في كون هذه الأخيرة لا تشجع خلق فرص الشغل.
وتابع في تصريح لصحيفة “مدار21” قائلاً بأن “قرار البنك المركزي خفض سعر الفائدة الرئيسي يرام منه تشجيع الاستهلاك، وخاصة استهلاك القروض من طرف الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، ما يساعدها بالتالي على النمو ومن ثمَّ خلق المزيد من فرص الشغل”.
واعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط أنّ هاجس البطالة، التي ارتفعت إلى مستويات قياسية في الآونة الأخيرة بات حاضرا لدى بنك المغرب سائر السلطات الاقتصادية في المغرب.
وأظهرت مُعطيات الإحصاء العام للساكنة والسكنى 2024، أن معدل البطالة فاق 21 في المئة، بعدما كانت المندوبية السامية للتخطيط قد حددته في 13,6 في المئة برسم الربع الثالث من سنة 2024، وكلاهما رقمان قياسيان غير مسبوقين.
ولفت بوطيبة إلى أن ضعف التشغيل يعني بالضرورة ضعف استهلاك الأسر الذي يمثل مؤشراً هاماً على صحة الاقتصاد الوطني.
من جهة ثانية، يندرج هذا التخفيض في سياق دولي يتم فيه اتخاذ تدابير مماثلة. فبعد البنك المركزي الأوروبي الذي أقدم على تخفيض سعر الفائدة الرئيسي إلى 3 في المئة بحر الأسبوع الماضي، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدوره عن خفض أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية بمقدار 25 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي.
وفي سياق متصل، أوضح الخبير بوطيبة أن هذا التخفيض مرده أساساً إلى الوضع الدولي المتسم بعدم الاستقرار واستمرار الاضطرابات بعدة مناطق منتِجة لمواد ضرورية للاقتصاد الوطني، كالقمح والشعير والمحروقات… مشيراً إلى أنه “ثمة مخاوف من إعادة استيراد التضخم مرة أخرى”.
وخلص إلى أن “ما نستشفه من هذا القرار هو أن الاقتصاد الوطني تعافى من مشكلة التضخم، الذي بات يتطور في مستويات معتدلة”.
وفي أحدث توقعاته عبر بنك المغرب عن تفاؤله بخصوص مؤشر التضخم، مشيراً إلى أنه “من المتوقع أن يظل التضخم معتدِلا على المدى المتوسط عند نسبة 2,4 في المئة في 2025 و1,8 في المائة في 2026″.