طارق ضرار
برد قارس… هناك الشارع .. كان ينام مفترشا الحجر و لحافه غطاء السماء.. جسده النحيل يرتعد.. المارة تمر و السيارات تعبر … اصوات تتعالى هناك و ضحكات ترتفع…. لازال نائما في مكانه يبحث عن دفئ من برد قارس …مشهد من حياتنا يسائلنا عن حالنا مع الانسانية هل لازلت تسكننا ام ضاعت في زحام الحياة…
من أسباب العيش في مجتمع بشري تتكامل فيه الأدوار والوظائف و التعاون على تبادل المصالح والمنافع….
حقيقة لا يمكن لا قيام للإنسان بمفرده، ولا استقرار للمجتمعات بانعزالها واستقلالها عن غيرها، فالمجتمعات الإنسانية بحاجة إلى بعضها البعض، فالإنسان لا تتمّ مصلحته إلا ببني جنسه، يعاونونه على جلب المنفعة ودفْع المضرة”
لا شك ان الديانات السماوية والحضارات المختلفة وفي مقدمتها الإسلام اتفقت على قيمة إنسانية نبيلة، وهي الإحسان في أوقات الشدائد والمحن، وأن يكون ذلك ممتدا لجميع الناس بغض النظر عن دياناتهم وأعراقهم، غوثاً للملهوف، وعوناً للمحتاج، ليشملهم جميعا واجب التضامن وروح التعاون، استبقاء لحياة النوع الإنساني التي هي في أصلها هبةٌ ربانية ومنحة إلهية، فحياة نفس واحدة منها كحياة البشر جميعا، وخسارتها كخسارتهم جميعا، كما قال تعالى ” ومَن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”.
وتزداد الحاجة إلى التعاطف الإنساني في أوقات الأزمات والشدائد، فيتجدد الشعور بالانتماء إلى الأسرة الإنسانية، وتتوارى نزعات الأثَرة والأنانية، وتتكاتف القدرات والكفاءات لتَعمل بروح العمل الجماعي في معالجة كثير من المشكلات، سعيا منها لانتشال الإنسانية من آلامها وجراحاتها، والعودة بها إلى أمنها واستقرارها.
و الإنسانية مفهوم ضارب في تاريخ البشرية، وقديم قِدم الوجود الإنساني على هذا الكون، وهي صفة لازمَت المجتمعات البشرية عبر العصور، ودعَت إليها الرسالات السماوية في تجديد وإحياء لقيم الرحمة والعطاء والإحسان في النفوس، واعتبار خدمة الإنسان لأخيه الإنسان من الخير وعلامات الإيمان، استثمارا لدوافع هذه الخصلة الحميدة في وجداننا الداخلي، وما يغذّيه وينميه الوازع الديني المنبثق من قيم الرحمة الإلهية التي جعلها بين خَلقه، فيتراحمون بها فيما بينهم..
و من الركائز المهمة في استقرار المجتمعات البشرية، ودفع عجلة التطور والتنمية فيها، ويَهدف أساسا إلى تقديم العون والمساعدة والإغاثة للأفراد الذين يواجهون خطرا يهدد حياتهم، مثل الجوع والمرض…
وهو سلوك إنساني تتضافر فيه قيمٌ عليا ليس أولها: الكرم والبذل والعطاء، وليس آخرها حبّ الخير للإنسانية جمعاء، ويُسهم في نشر قدر عال من الألفة والمحبة في المجتمع الإنساني، الأمر الذي يزيد من ترابط الناس وتماسكهم، وخَلق روح التعاون بينهم لتقديم ما فيه نفعٌ خالص للآخرين.
ولذا استُحق العمل الإنساني أن يوصَف بأنه: عطاء وكرم، إحسان وبذل، إخاء وتراحم، محبة ووفاء، جهد وتضحية، إن قيمة الإنسان لا يحققها مجرد وجوده، ما لم يكن وجوده فاعلا ومثمِرا، متوّجا ذلك بعمله الصالح النافع وأما ما يَنفع الناسَ فيَمكث في الأرض…..