في الآونة الأخيرة، أثار فيلم حياة الماعز (The Goat Life) نقاشًا واسعًا في الأوساط الفنية والاجتماعية، خاصة بين الجاليات المغتربة في المملكة العربية السعودية. يُعتبر الفيلم عملًا رمزيًا يعكس واقع المغتربين وتحدياتهم اليومية في التكيف مع بيئة عمل وإقامة جديدة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل دفعت رسائل الفيلم السلطات السعودية إلى إدخال تغييرات على قوانين الإقامة؟
و يتناول الفيلم قصة مجموعة من الوافدين الذين يسعون للتكيف مع بيئة مختلفة تمامًا عن مجتمعاتهم الأصلية. عبر تصويره لحياتهم اليومية وعلاقاتهم المعقدة مع بيئتهم الجديدة، ألقى الفيلم الضوء على الصعوبات التي يواجهها المغتربون في التأقلم، بدءًا من إجراءات الإقامة المعقدة وصولًا إلى تحديات العمل.
و في الفترة الأخيرة، أعلنت السعودية عن تعديلات على رسوم الإقامة وتنظيم العمالة الوافدة، حيث حُددت الرسوم الجديدة على النحو التالي:
- 660 ريال سعودي للعاملين في الشركات الخاصة.
- 2000 ريال سعودي للمرافقين.
- 600 ريال سعودي للعمالة المنزلية.
كما تم التأكيد على إعفاء بعض الفئات من الرسوم، مثل الطلاب الحاصلين على منح دراسية، وأبناء السعوديات من آباء أجانب، وزوجات المواطنين السعوديين غير السعوديات.
و رغم تزامن الجدل حول الفيلم مع إعلان هذه التعديلات، لا توجد أدلة رسمية تشير إلى أن التغييرات في قوانين الإقامة جاءت كرد فعل مباشر على الفيلم. غالبًا ما تكون هذه التعديلات جزءًا من سياسات طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية أوسع، مثل تعزيز التوطين وتنظيم سوق العمل في إطار رؤية السعودية 2030.
ما لا يمكن إنكاره هو أن فيلم حياة الماعز ساهم في فتح باب النقاش حول واقع المغتربين، مسلطًا الضوء على التحديات التي يواجهونها. هذه الرسائل قد تكون ساعدت في تعزيز الوعي العام بقضايا العمالة الوافدة، لكنها لا تُعد بالضرورة المحفز الرئيسي للتغييرات القانونية.
و سواء كان لفيلم حياة الماعز تأثير مباشر أو غير مباشر، فإنه يُظهر قوة الفن كأداة للتعبير عن قضايا اجتماعية وسياسية. في سياق السعودية، التي تشهد تحولًا كبيرًا على مستويات متعددة، يبدو أن الفن يمكن أن يلعب دورًا في تسليط الضوء على التحديات واقتراح حلول، وإن لم يكن ذلك بشكل رسمي.
و بينما تُظهر التعديلات في قوانين الإقامة حرص السعودية على تحسين إدارة شؤون العمالة الوافدة بما يخدم أهدافها الاستراتيجية، فإن تأثير فيلم حياة الماعز يظل رمزيًا أكثر منه فعليًا. ومع ذلك، فإن تسليط الضوء على قضايا المغتربين عبر الفن يعكس قدرة السينما على لعب دور محوري في النقاشات المجتمعية، حتى لو لم يكن ذلك بدافع تغيير السياسات بشكل مباشر.