الدار/ خاص
يشهد العالم هذه الأيام تزايدًا ملحوظًا في الحديث عن استقلال منطقة القبائل عن الجزائر، حيث بات هذا المطلب محط أنظار المجتمع الدولي بعد سلسلة من التطورات السياسية والقانونية البارزة. في 20 أبريل 2024، شهدت نيويورك إعلانًا رمزيًا عن “إعادة إحياء دولة القبائل” من قبل الحركة من أجل تقرير المصير في القبائل (ماك) والحكومة القبائلية في المنفى (أنفاد). هذا الإعلان اعتُبر خطوة جريئة نحو لفت الانتباه إلى قضية الشعب القبائلي الذي يعاني، وفقًا للحركة، من التهميش الثقافي والسياسي منذ عقود طويلة.
استندت هذه التحركات إلى رأي قانوني صدر في 4 سبتمبر 2024 من قبل مجموعة من خبراء القانون الدولي، الذين أكدوا أن الشعب القبائلي يستوفي المعايير القانونية للاعتراف به كشعب يتمتع بحق تقرير المصير وفقًا للمواثيق الدولية. هذا الرأي أضاف بُعدًا قانونيًا قويًا للحركة وأعطاها شرعية في مطالبها بالاستقلال. وقد أكدت الحركة والحكومة القبائلية في المنفى أن عام 2025 سيشهد إعلانًا أحادي الجانب عن استقلال منطقة القبائل، معتبرين ذلك تتويجًا لمسار طويل من النضال السلمي والسياسي.
رغم هذه الخطوات، لا تزال القضية تواجه تحديات كبيرة على عدة مستويات. داخليًا، ترى السلطات الجزائرية في هذه المطالب تهديدًا مباشرًا لوحدة البلاد، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات مشددة ضد الناشطين القبائليين، من بينها الاعتقالات والمحاكمات. تُصر الجزائر على أن قضية القبائل شأن داخلي وترفض أي محاولة لتدويلها أو الاعتراف بها دوليًا.
أما على الصعيد الدولي، فلا يزال الاعتراف باستقلال القبائل بعيد المنال، إذ تحتاج الحركة إلى دعم دول مؤثرة ومنظمات دولية كالأمم المتحدة، وهو أمر يتطلب جهدًا دبلوماسيًا كبيرًا.
التحديات الأخرى التي تواجه الحركة تتعلق بالتداعيات الإقليمية المحتملة. إعلان استقلال منطقة القبائل قد يثير موجة من الحركات الانفصالية في شمال إفريقيا، مما يهدد استقرار المنطقة بأسرها. كما أن الانقسامات الداخلية بين أطياف الشعب القبائلي نفسه قد تعيق تحقيق الوحدة الضرورية لإنجاح المشروع الاستقلالي.
في الوقت نفسه، تراهن الحركة القبائلية على الدعم الشعبي الكبير في المنطقة والدعم المتزايد من الجاليات القبائلية في الخارج. تُظهر المسيرات والفعاليات التي تُنظم في الداخل والخارج أن هناك قاعدة واسعة من المؤيدين الذين يؤمنون بحق الشعب القبائلي في تقرير مصيره.
تبقى سنة 2025 محورية في مسار هذه القضية، حيث قد تكون بداية لمرحلة جديدة في تاريخ منطقة القبائل. ومع ذلك، فإن النجاح في تحقيق الاستقلال يتطلب توازنًا دقيقًا بين النضال الداخلي، الجهود الدبلوماسية، والقدرة على تجاوز التحديات السياسية والاقتصادية التي قد تواجه الدولة الوليدة.
وبينما يترقب العالم تطورات الأحداث، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستشهد منطقة القبائل ميلاد دولة جديدة، أم أن التحديات ستُعيق تحقيق هذا الحلم؟