على خلاف الستة أسابيع الماضية، لم يعلن أطباء القطاع العام عن الاستمرار في خوض الإضرابات التي شلت مستشفيات المملكة لأيام متفرقة خلال الفترة الماضية، معتبرين ذلك “مجرد وقفة لالتقاط الأنفاس وتقييم الوضعية وتقدير الأساليب الاحتجاجية المقبلة التي ستجيب عن الصمت غير المبرر للوزارة”.
وبانصرام قرابة شهر ونصف من الاضطراب داخل المستشفيات العمومية بعد شلها من طرف الأطباء خلال أيام متفرقة وعدم إعلان النقابة المستلقة لأطباء القطاع العام عن موعد جديد للإضراب، تكون وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أمام فرصة لاحتواء الاحتقان وتوظيف آلية الحوار لإنهاء هذه الأزمة التي أوقفت الخدمات الصحية لعدد من المواطنين.
وعلى مدى 7 أيام متفرقة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، خاض أطباء القطاع العام إضراباً عاماً وطنياً رفضا لـ”عدم الالتزام الحكومي” بمضامين اتفاق 29 دجنبر 2023 و بالمحضر الخاص بين “وزارة الصحة” ونقابة أطباء القطاع العام نهاية يناير 2024، معلنين تشبثهم بـ”الحفاظ على صفة (موظف عمومي كامل الحقوق) ومركزية الأجور ومناصب مالية مركزية والأجور من الميزانية العامة (ضمن فصل نفقات الموظفين)”.
المنتظر العلوي، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، قال إنه “لازلنا لم نحسم في المكتب الوطني للنقابة على كيفية الرد على هذا الصمت غير المفهوم من وزارة الصحة الاجتماعية التي استعملنا معها جميع الأساليب الاحتجاجية السلمية والتصعيدية دون أن تكثرت إلى أهمية مطالب هذه الفئة التي تشكل العصب الأساسي لقطاع الصحة”.
وخاطب العلوي ، في حديثه لجريدة “مدار21” الإلكترونية، وزير الصحة بالقول إن “نقابتنا هي نقابة حوار وقوة اقتراحية مساندة في إيجاد حلول للمشاكل التي يتخبط فيها هذا القطاع الاجتماعي الحيوي”، مؤكدا أنه “وإن كنا نضع أصبعنا على مكامن الاختلالات في المنظومة التي نشتغل فيها فإننا في المقابل نقدم بدائل واقتراحات لتجاوز هذه الإشكالات”.
وشدد المسؤول النقابي على أن “الإضرابات التي خُضناها ليست هواية للأطباء وإنما هي خيار فرض عليهم لغياب أي إشارة إيجابية تنم عن استعداد الوزارة للتحاور والاستجابة لمطالبنا”، مسجلا أن “هذا لا يحدث مع الأطباء أو نقابتنا فقط وإنما مع جميع نقابات وفئات القطاع الصحي”.
وأوضح الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام أن “إلحاحنا على الحوار والجلوس مع الوزارة إلى طاولة المفاوضات والاستجابة نابع من اتفاقنا معها على البناء المشترك للحلول التي تنهي الاحتقان داخل فئة الأطباء”.
واعتبر المصرح نفسه أن “التزام الوزارة بالصمت والعمل بقاعدة كم حاجة قضيناها بتركها لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد الذي لا يتضرر بسببه إلا المرتفقون وطالبو الخدمات الاستشفائية”، مشددا على أن “هذا ما يؤكد غياب الجرأة، على الأقل في الفترة الحالية، من لدن الوزارة لمواجهة الأطر الصحية التي تحمل ملفات مطلبية معمرة لسنوات طويلة”.
ولدى سؤاله عن الرسائل التي يبعثها الأطباء إلى الوزارة بعد عدم الإعلان عن تمديد الإضراب خلال الأسبوع الحالي، قال الفاعل النقابي “إننا ندرس إمكانية العودة للإضراب بحكم أننا لم نعلن عن التعليق النهائي له”، مؤكدا “أننا نتعامل دائما بحسن نية ونمد يد الحوار في أي وقت وهذه رسالتنا منذ تأسيس النقابة”.
واعتبر المصرح ذاته أنه “من الممكن أن تكون مجرد فترة لالتقاط الأنفاس قبل العودة بقوة للاحتجاج إن لم تعد الوزارة إلى رشدها وتتحاور مع الأطباء الذين يحاولون تجنب تمديد الإضرابات التي تضر بصحة المواطنين”، مبينا أن “النقابة لا تملك نية سيئة ضد أحد وإنما غاية أي سلوك احتجاجي هو الارتقاء بالخدمات الصحية لبلادنا”.
وأورد العلوي أن “مكتب النقابة لازال في اجتماع مفتوح طيلة الأيام الماضية من أجل تقييم الوضعية وتحديد الطريقة التي سنتعامل معها مع المرحلة المقبلة وكيفية الرد إذا لم تلتقط الوزارة إشارات من الإضرابات السابقة”.
وسجل المتحدث ذاته أنه “لحد الآن لم نقرر أي إجراء”، مستدركا أن “الذي يجمع حوله أعضاء نقابتنا هو أننا سنستمر في الاحتجاج إلى أن ننتزع مكتسباتنا وقد يكون هذا الأسبوع مجرد توقف مؤقت وفرصة للوزارة من أجل نزع فتيل الاحتقان من المستشفيات العمومية”.