بعدما عاد وزير العدل لمهاجمة جمعيات حماية المال العام واتهامها بالابتزاز والتشهير بالمنتخبين، وتأكيده على أن منعه من الشكايات حماية للديمقراطية، رفض نواب برلمانيون ما اعتبروا أنه هوس من طرف الوزير بهذه الجمعيات، مدافعين عن حقه بتقديم الشكايات للمساهمة بمحاصرة الفساد الذي شبهوا خطورته بالإرهاب.
وفي تعقيب على النقاش الذي أثاره الوزير على هامش المناقشة التفصيلية للمادة السابعة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، أمس الأربعاء، أفاد عبد الصمد حيكر، النائب البرلماني عن مجموعة العدالة والتنمية، أن “الدستور، باعتباره المرجعية العليا في البلاد، كرس عددا من التحولات فيما يتعلق بمرتكزات ومبادئ النظام الدستوري المغربي، وفيما يتعلق بأدوار المجتمع المدني”، مفيدا أن “الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة واحدة من المرتكزات الأساسية، ثم أن تطور المجتمع المدني كرس بالإضافة إلى الديمقراطية التشاركية إلى تأسيس الجمعيات التي تهتم بالشأن العام”.
ولفت حيكر إلى أن هذه الجمعيات لديها أفكار ومجال اشتغال، ويجب أن يكون لها الحق في تقديم الشكاية، أما سلطة المتابعة فهي اختصاص الأجهزة القضائية، مضيفا أنه لمحاربة ما يقع من تشهير وابتزاز ووشايات كاذبة يمكن أن لا تستفيد الجمعيات المتورطة من ظروف التخفيف وأن تصدر بحقها العقوبات الأشد، ويمكن إضافة حتى عقوبات أخرى لمنع هذه الممارسات.
وشدد النائب على أن هذه الممارسة يجب محاربتها ولكن ليس محاربة حق المجتمع في الدفاع عن التخليق ومحاربة الفساد، مضيفا أن جرائم الفساد تضاهي في رأيه جرائم الإرهاب، ومثلما ما تم العمل على أن يكون المجتمع في أعلى درجات اليقظة لمحاصرة أي فعل إرهابي، ينبغي القيام بعمل مماثل في جرائم الفساد، إذ يجب تحصين يقظة المجتمع وتشجيعها.
وتابع أن الاتفاقيات الأممية تتحدث عن تشجيع المشاركة وانخراط المجتمع أفرادا وهيئات في محاربة الفساد، مفيدا أن الحديث هنا فقط عن حق تقديم الشكايات والجهات التي تقوم بتلقيها عليها القيام بدورها ولا ترتب المتابعة إلا حينما يتبين لها أن الشكاية مرفقة بأدلة جدية.
وأورد أنه في إطار محاربة الممارسات غير السليمة، يمكن التنصيص كذلك على أن أي جمعية تقدمت بشكاية في موضوع الفساد والمال العام وعقدت ندوة صحفية بعدها يتم إسقاط الدعوى، مفيدا أنه يجب محاربة الممارسات السيئة ولكن تحصينا لديمقراطيتنا ومسايرة لدستورنا واحتراما لمكانة المغرب في المجتمع الدولي واحتراما لالتزاماته الاتفاقية وتأهيلا للمنظومة التشريعية التي تحاصر الفساد يجب ضمان حق تقديم الشكاية.
ولفت حيكر إلى أنه ليست كل الشكايات التي تقدمها الجمعيات فارغة، مفيدا أن النيابة العامة يجب أن تقدم تقرير سنويا لإبراز القضايا التي أحيلت عليها، والحيثيات التي دفعتها إلى تقرير عدم المتابعة في ملف دون غيره.
ومن جهتها، قالت مليكة الزخنيني، النائبة البرلمانية عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، إن المادة السابعة من مشروع قانون المسطرة الجنائية تقصد الجمعيات بصفة عامة، مضيفة “لا ندري لماذا هذا الهوس بجمعيات حماية المال العام؟ّ أمر غريب جدا”، مضيفا “حماية الديمقراطية شأن نتقاسمه جميعا، وليس لدينا رسل الديمقراطية ليأتوا بالتبشير لحمايتها لأنها ثابت من ثوابتنا الوطنية”.
وأكدت النائبة أنه يجب إعلان أزمة العلاقة بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، مضيفة “إذا كانت التجربة المغربية أفرزت مجتمعا مدنيا فاسدا مبتزا بهذا الشكل، فيجب إعلان الأزمة، وإذا كانت الديمقراطية التمثيلية أعطتنا منتخبين فاسدين فيجب كذلك إعلان الأزمة”.
وشددت الزخنيني على أن “هذا الخطاب الإقصائي من الجانبين مضر بالحياة الديمقراطية في البلاد، ولا يمكن إلصاق الفساد بالمنتخب، كما لا يمكن قبول إلصاق الابتزاز بالمجتمع المدني”، معبرة عن عدم الاطمئنان بخصوص النص التنظيمي الذي سيحدد حق الجمعيات في مباشرة الدعوى المدنية وليس إثارة الدعوى العمومية.
وأكدت أن هذه الجمعيات تحفظ حق المجتمع في عدد من القضايا، والحاجة قائمة إلى هذه الجمعيات، لكن ما يحدث أن نضر بمنظومة كاملة، مفيدة أنه بقدر ما أن جمعيات حماية المال مهووسة بفساد المنتخبين يجب تفادي أن يصبح المسؤول مهووسا بإلصاق الابتزاز بجمعيات المجتمع المدني.