شددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على أن المغرب يعيش على إيقاع استمرار مظاهر الأزمة، على كافة المستويات، مشيرة إلى أن إشكالية الديمقراطية هي إشكالية بنيوية تتعلق بتوزيع السلطة، وشددت على الحاجة الملحة اليوم لتفعيل الديمقراطية الحقيقية من خلال إصلاحات سياسية حقيقية، وضمان الحقوق والحريات.
ونبه المكتب التنفيذي للكونفدرالية خلال كلمة له أمام المجلس الوطني، إلى أن التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية تساهم في تعزيز تهميش شرائح واسعة من الشعب المغربي عن الحياة السياسية، مما يحد من قدرة المؤسسات على تمثيل جميع المواطنين بشكل فعال وحقيقي، وقد وصل المشهد السياسي في المغرب إلى حالة غير مسبوقة من التردي وفقدان الثقة في المؤسسات نتيجة فساد النخب وتعدد مظاهر الرشوة واختلاس المال العام.
وتوقفت النقابة على تعدد المتابعات وقرارات العزل في حق برلمانيين ورؤساء جماعات ومؤسسات أفرزتها انتخابات عرفت كل أشكال الفساد والإفساد، وحجما غير مسبوق من استعمال المال وشراء الذمم، وأفرزت أغلبية فاقدة لأي امتداد مجتمعي، وعاجزة عن تقديم أجوبة عن الانتظارات، وتعمل جاهدة من خلال قوانين المالية والسياسات العمومية على خدمة مصالح الرأسمال الريعي مقابل ضرب المكتسبات الحقوقية والاجتماعية، مما أدى إلى تمركز الثروة بشكل غير مسبوق واتساع دائرة الفقر والتفاوتات الاجتماعية والمجالية.
وجاء في الكلمة “لقد راكم عدد محدود من الأغنياء ثروات هائلة خلال 10 سنوات، بينما انضاف 3 ملايين و 200 ألف مغربي إلى دائرة الفقر سنة 2022، وارتفعت مديونية الأسر إلى أرقام غير مسبوقة، وبلغ معدل البطالة 14 في المائة هذه السنة و فاق 17 في المائة في المجال الحضري، كما أن 8.5 مليون مغربي لا يستفيدون من أي تغطية صحية، لهذا نؤكد من جديد على ضرورة مطلب الضريبة على الثروة، فإذا ساهم من راكم الثروات بالمغرب ب 2% من ثرواتهم سنتمكن من تغطية جزء مهم من إجمالي كلفة تعميم الحماية الاجتماعية”.
وتوقفت المركزية النقابية على سيادة الريع والاحتكارات والتفاهمات بين الفاعلين الاقتصاديين، في ظل التواطؤ وضعف ومحدودية آليات المراقبة، وهو ما يعود في جزء كبير منه إلى إشكالية زواج المال بالسلطة.
ولفت ذات المصدر إلى أن أخطر ما تعيشه البلاد اليوم هو العجز عن ضمان الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الطاقي.
وتوقفت الكونفدرالية على أن الحكومة أخلفت الموعد في تنفيذ تعهداتها والتزاماتها، خاصة بإحالة مشروع قانون الإضراب على البرلمان دون توافق في طاولة الحوار الاجتماعي، واعتبرت أن الوحدة والتعبئة أصبحت ضرورة ملحة لمواجهة التضييق الممنهج على الحريات بشكل عام والهجمة المتصاعدة على المكتسبات الحقوقية والاجتماعية.
وكان حزب التقدم والاشتراكية اكد ان رفضَه لمشروع قانون المالية راجع إلى أنّ هذا الأخير، على الرغم من بعض إيجابياته القليلة، فإنه جاء، على غـــرار سابقيه الثلاثة، ضعيفاً وبعيداً عن أن يشكِّل جواباً شافيا على المعضلات الاجتماعية والتحديات الاقتصادية.
واستغرب الحزب في بلاغ لمكتبه السياسي من تبجح الحكومة بالمشروع، علماً أنه يُكرِّسُ نفس سياساتها الفاشلة، أساساً من حيث تصاعُدُ الاحتقانات الاجتماعية في أوساط معظم القطاعات والفئات، وتدهور القُــدرة الشرائية وغلاء الأسعار وارتفاع البطالة، بشكلٍ غير مسبوق، وتعثر الاستثمار وتَعَمُّق صعوباتِ المقاولات، وتَراجُعِ مؤشرات الفَساد، والإخفاق في تحقيق السيادة الاقتصادية، طاقيا وغذائيا وصناعيًّا؛ والاختلالات الملموسة التي يعرفها تفعيلُ ورش الحماية الاجتماعية.
وانتقد التقدم والاشتراكية رفض الحكومة لكل التعديلات الجوهرية التي تقدمت بها مكوناتُ المعارضة، مستهجنا إصرارَ بعض أعضاء هذه الحكومة على اعتمادِ خطابٍ يَفتقدُ إلى أدنى مستلزمات اللياقة والنضج السياسي، وينبني على رفضٍ مطلق وحساسية مفرطة إزاء أيِّ صوت نقدي مُعارِض، بما يؤكد الضعف السياسي الكبير، عموماً، لهذه الحكومة وعدم تشبعها بثقافة التعددية وأُصولِها وبممارسة الديموقراطية ومتطلباتها.
ونبه الحزب حزب إلى خُطورةِ تمادي الحكومة في تَغَوُّلِها الذي يدفعها إلى الاعتقاد الخاطئ والمتوهِّم بإمكانية فِعل ما تشاء باستعلاء، دون إنصات لنبض المجتمع وقواه الحية، وفي تجاهُلٍ لأيِّ مقاربةٍ سياسية من شأنها الإسهام في استعادة الثقة والمصداقية، وفي ردِّ الاعتبار للفضاء السياسي الذي لن يستقيمَ الاستمرارُ في إخضاعه لمنطقِ ملء الفراغ بالمال والفساد والإفساد.
وما يزيدُ الأمر خطورةً، حسب البلاغ، هو إمعانُ الحكومة في تكريسٍ ممارساتٍ مُضِرَّةٍ بسلامة ومتانةِ الحياة السياسية والمؤسساتية الوطنية، من خلال تحقير أدوار وآراء الهيئات الوطنية للحكامة والتهجُّمِ عليها؛ والسعي، بأشكال غير سليمة، نحو التأثير سلباً على وسائل الإعلام التي من أدوارها الأساسية المجتمعية إبرازُ التفاعلاتِ الطبيعية للرأي العام مع تدبير الشأن العمومي.
وأكد حزب “الكتاب” على أنه سيتحمل كاملَ مسؤوليته في التصدي لتوجُّهات هذه الحكومة ومقارباتها السلبية، من خلال اتخاذ كل ما يلزم من خطوات ومبادرات، لأجل تجميع وتوسيع جهود القوى السياسية والفعاليات المجتمعية، الحية والجادة، على اختلاف مجالاتِ فِعلِها وحُــقولِ اشتغالها، بغاية دفع هذه الحكومة نحو الإنصاتِ إلى نبض المجتمع، ونحو تغيير سياساتها إيجاباً على كافة المستويات, ومواجهة الممارسات الحكومية المتغولة والمضرة بالمسار الديموقراطي الوطني.