تشهد الساحة الحقوقية تصعيداً نقابياً ملحوظاً مع تقدم المشاورات بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين حول قانون الإضراب وإصلاح أنظمة التقاعد، وهي ملفات مثيرة للجدل عطّلتها الخلافات لسنوات.
ويواجه توجه الحكومة لتمرير هذه المشاريع معارضة قوية من عدد من النقابات التي تستعد للنزول إلى الشارع تعبيراً عن رفضها للمقاربات الحكومية.
وفي هذا السياق، أعلنت الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد عن تنظيم مسيرة احتجاجية مركزية يوم الأحد 15 ديسمبر 2024، تنطلق من ساحة باب الحد بالعاصمة الرباط. واعتبرت الجبهة في بيان لها أن مشروع قانون الإضراب يشكل تهديداً لممارسة هذا الحق، إذ يتضمن ما وصفته بـ”معوقات وتثبيطات” تمنع الطبقة العاملة من الدفاع عن مكتسباتها.
كما انتقدت الجبهة إصلاح أنظمة التقاعد، واصفة التعديلات الحكومية بأنها تقوم على “الثالوث الملعون: العمل أكثر، المساهمة أكثر، الاستفادة أقل”، وهو ما تعتبره انتهاكاً لحقوق الشغيلة والمتقاعدين وتعدياً على مستواهم المعيشي وحقوق أسرهم.
وأعلنت الجبهة رفضها لمشروع القانون 15-97 الخاص بتنظيم الإضراب، وتجديد رفضها لإصلاح أنظمة التقاعد. كما دعت كافة الفاعلين النقابيين إلى المشاركة في سلسلة من الاحتجاجات تبدأ بوقفات جهوية في الأول من ديسمبر، تليها مسيرة مركزية في منتصف الشهر بالرباط.
من جهتها، أكدت الحكومة تمسكها بمناقشة القانون التنظيمي للإضراب داخل البرلمان، رغم التزام سابق بمناقشته ضمن جلسات الحوار الاجتماعي. وتتهم النقابات الحكومة بـ”خرق التزاماتها” من خلال تمرير القوانين خارج إطار الحوار.
وفي تصريحاته خلال ندوة صحافية أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، قال مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن النقاش حول القانون التنظيمي للإضراب “قد بدأ بالفعل”، مؤكداً أن الحكومة ستستمع لمختلف الأطراف السياسية والنقابية في اللجان البرلمانية المختصة.
وأضاف بايتاس: “منهجية الحكومة في الحوار الاجتماعي تعتمد على الإنصات والتواصل”، مشيراً إلى أن المخاوف المثارة حالياً “سابقة لأوانها” لأن الملامح النهائية للنقاش لم تتضح بعد، لكنها ستتبلور خلال الأسابيع المقبلة.
ويتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مواجهة محتدمة بين الحكومة والنقابات، في ظل رفض الأخيرة للمشاريع الحكومية المرتبطة بتقنين الإضراب وإصلاح التقاعد، ما ينذر بعودة التوتر إلى الساحة الاجتماعية والسياسية في المغرب.