هبة بريس- عبد اللطيف بركة
منذ السبعينيات، بدأ المغرب في استخدام البلاستيك في القطاع الفلاحي عبر تطبيقات متعددة مثل البيوت البلاستيكية، التغطية الزراعية، وتقنيات الري بالتنقيط.
وعلى الرغم من فوائد هذه التقنيات في تحسين الإنتاج الفلاحي، إلا أن الاستخدام المتزايد للبلاستيك خلق مشكلة بيئية كبيرة، خاصة في جهة سوس ماسة، التي تعد أكبر منتج للنفايات البلاستيكية الفلاحية في المغرب.
وتشير البيانات إلى أن هذه الجهة تنتج سنويًا حوالي 55 ألف طن من النفايات البلاستيكية، مما يمثل أكثر من نصف النفايات الفلاحية البلاستيكية على مستوى المملكة.
المخاطر الصحية والبيئية: تشكّل النفايات البلاستيكية الفلاحية تهديدًا بيئيًا وصحيًا كبيرًا، حيث تؤدي إعادة استخدام البلاستيك في الزراعة إلى التلوث والتسمم بسبب بقايا المبيدات الحشرية أو الأمراض المنقولة عبر المواد البلاستيكية.
كما أن حرق هذه النفايات دون معالجة يتسبب في انبعاثات ملوثة تساهم في تغير المناخ وتلوث الهواء. إلى جانب ذلك، يساهم تراكم البلاستيك في البيئة في تدهور التربة والمياه الجوفية.
الجهود المبذولة للتقليص من الأضرار: لتقليص الأضرار الناتجة عن النفايات البلاستيكية الفلاحية، تبذل مختلف الفاعلين جهودًا كبيرة على المستوى الإقليمي.
فقد أطلقت جمعية “أكروتيك” بالتعاون مع مؤسسات أخرى دليلًا لإعادة تدوير البلاستيك الفلاحي، يهدف إلى توعية الفلاحين بأهمية الفرز المسبق للنفايات البلاستيكية ومعالجتها بطريقة صحية وآمنة.
كما تشمل المبادرات الإقليمية إطلاق مشاريع تهدف إلى هيكلة القطاع، مثل مشروع “تثمين المخلفات البلاستيكية الفلاحية” في سوس ماسة، الذي يعزز تنظيم قطاع التدوير ويساهم في توفير فرص عمل محلية.
التدابير القانونية والتنظيمية: في إطار معالجة هذه القضية، أطلق المغرب عدة تدابير تشريعية لتنظيم إدارة النفايات، مثل القانون رقم 00-28 المتعلق بتدبير النفايات، والقانون الإطار 12-99 المتعلق بالبيئة والتنمية المستدامة.
هذه التدابير تهدف إلى تعزيز التدوير الميكانيكي للنفايات البلاستيكية الفلاحية، ما يساهم في تقليص التلوث البيئي، ويحول المخلفات إلى مواد قابلة للاستخدام مجددًا، مما يفتح المجال لفرص اقتصادية جديدة.
دور الاقتصاد الدائري: من خلال تعزيز الاقتصاد الدائري، يمكن للمغرب أن يقلل من اعتماده على البلاستيك المستورد ويعزز الإنتاج المحلي للمواد البلاستيكية المعاد تدويرها.
التدوير ليس فقط حلاً بيئيًا، بل يسهم أيضًا في تقليل الفاتورة الطاقية، وتحسين التوازن البيئي، وخلق فرص عمل مستدامة.
تُعد النفايات البلاستيكية الفلاحية في جهة سوس ماسة تحديًا بيئيًا وصحيًا كبيرًا، إلا أن الجهود المتكاملة من قبل السلطات المحلية والمزارعين تهدف إلى الحد من هذا التلوث.
ومن خلال تحسين أساليب التدوير، وتعزيز الوعي البيئي، ودمج القطاع الفلاحي في الاقتصاد الدائري، يمكن للمغرب تقليص الآثار السلبية لهذه النفايات، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص اقتصادية جديدة للمنطقة.