حالة من الانهيار غير المسبوق داخل النظام الجزائري تلك التي يصفها أنور مالك، وهو ضابط جزائري سابق وكاتب وصحفي معارض، بعد أن تحول النظام إلى مافيا قائمة على ركزتين؛ الكراهية للمغرب وتقديس البوليساريو، من أجل الحفاظ على استمراره.
وقال أنوار مالك، في حوار ضمن برنامج “مع بلهيسي”، الذي جرى بثه عبر منصات جريدة “مدار21″، إن النظام حوّل الجزائر إلى ثكنة، وهذه الأخيرة تعيش على وقع الصديق والعدو، مفيدا أن النظام وصل إلى قناعة أنه لا يمكنه أن يقدم شيئا للبلد، لأنه لا يملك برنامجا، إلا أن يخلق عدوا كلاسيكيا للجزائريين، وهو المغرب.
وأبرز الصحفي والكاتب الجزائري أن الكراهية تجاه المغرب كانت في مرحلة معينة نوع من الخلاف السياسي لكن الأجندة العسكرية للنظام حولتها إلى عقيدة، والأن النظام مبني على ركنين؛ الكراهية للمغرب وتقديس البوليساريو، موضحا أن تبني قضية الصحراء ودعم البوليساريو في الأول كان هدفه الضغط من أجل مسألة الحدود الموروثة عن الاستعمار، وكان هدفه مرحليًا.
وتابع أن النظام الجزائري قام بتربية البوليساريو “الأفعى” وصارت الآن أكبر منه، موردا أنه “أي شخص يريد التقرب من النظام يجب أن يقدس البوليزاريو. أي شخص ينتقد البوليزاريو يصبح خائنًا وعميلًا”، مفيدا أنه الآن بالجزائر “يُنظر إلى ولائك للنظام من خلال موقفك من المغرب ومدى إشادتك بالبوليساريو وترديد نفس الأسطوانة، وهذا خطر على استقرار البلد”، مشددا أن “قضية الصحراء ليست قضية جزائرية”.
وعن الحالة المستعصية بالجزائر يضيف المتحدث “لا مجال الآن للعمل المدني أو المؤسسي في الدولة. النظام الجزائري هو نظام عصابات، كما قالها الجزائريون في الحراك. هو نظام مافيا، حتى المافيا نفسها لديها بعض القيم، لكن هذه العصابة بلا قيم أو مقام. تمارس البلطجة على الشعب الجزائري، وهي المسؤولة عن مقتل ربع مليون جزائري في الحرب الأهلية التي أشعلها العسكر. الآن، النظام لا يهتم بمستقبل العلاقات أو المصالح المشتركة؛ بل مستعد لإحراق الجزائر والمنطقة إذا شعر أن سلطته مهددة”.
وبشأن مساعي النظام الجزائري، في سياسة اليد الممدودة من المغرب وإمكانية استفادته من منفذ على الأطلسي، أوضح مالك أن “النظام الجزائري لا يدري ماذا يريد. في مسألة الصحراء والبوليساريو، النظام الجزائري في حالة تخبط. حتى المسؤولين الكبار والمتقاعدين الذين سألتهم عن أهداف الجزائر في هذا الملف قالوا: “لا ندري”,
وذهب الكاتب والمعارض إلى أن “النظام الجزائري لا يعرف ماذا يريد اليوم. هو يعيش حالة إفلاس حقيقي، وما يريده الأن من هذه القضية هو الحفاظ على بقائه من خلال إرعاب الجزائريين وخلق عدو وهمي هو المغرب، وكل من ينتقد البوليساريو يصبح خائنًا. هذا النظام يعاني من أزمة حقيقية ويعيش على تصدير أزماته الداخلية”.
وأكد أن “النظام الجزائري يخلق حالة من العداء لكل شيء، حتى المواطن الجزائري الذي يؤدي الخدمة العسكرية يُنظر إليه كعدو من قبل العسكريين. الجزائر تحولت إلى ثكنة وسجون. لم تعد هناك مؤسسات أو برلمان”.
وحول ما إن كانت هذه الحالة بسبب الإنجازات الدبلوماسية التي حققها المغرب، والتحولات في السياسة الدولية، مثل الاعتراف الفرنسي والأمريكي والإسباني بمغربية الصحراء، يردف الكاتب الصحفي الجزائري إن “المغرب نجح في القضية الصحراوية ليس فقط على المستوى الدبلوماسي، بل أيضًا من خلال الإنجازات الداخلية بهذه الأقاليم: في البنية التحتية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والسياسات غير الأمنية. وهؤلاء الذين كانوا يؤيدون البوليساريو في السابق، اليوم أصبحوا مقتنعين بمغربية الصحراء”.
وشدد المعارض الجزائري أنه “لو أتيحت الفرصة للأشخاص المحتجزين في مخيمات تندوف، 95% منهم سيرجعون إلى المغرب”، مفيدا أنه بالمقابل النظام الذي خسر الشعب الجزائري الذي يحكمه، كيف له أن يكسب دعم شعوب أخرى؟ هذا النظام يعاني من فشل داخلي كبير.
ومن جهة أخرى، يضيف أنور مالك أنه في فترة رئاسة عبد المجيد تبون، “لم يعد هناك رجال دولة حقيقيين. حتى تبون نفسه لم يكن يحلم أن يصبح رئيسًا، هو مجرد تقني إداري تم تعيينه في هذا المنصب. أصبح الآن في موقع يتحكم فيه في المؤسسة العسكرية وفي جهاز الدفاع، وهذه مهزلة”.
وأورد أنه في المؤسسة العسكرية الجزائرية بات أسوأ من فيها هم من يتحكمون في القرار الذين هم أسوأ العناصر في النظام، هم من يسيطرون على القرارات، وهم من يتحكمون في الأجهزة الأمنية، مؤكدا “إذا قارنا الدبلوماسية الجزائرية بالدبلوماسية المغربية، نرى أن الجزائر فقدت قيمتها بشكل كامل. فالقوة الحقيقية للدولة تكمن في محيطها، وعندما تخسر هذا المحيط وتخسر جيرانك وحلفاءك التاريخيين، مثل المغرب، فإنك تخسر كل شيء. الجزائر خسرت أيضًا ليبيا وتونس، وحتى مالي. هذا النظام يعيش حالة إفلاس حقيقية”.