اختارت الفعاليات المدنية المُرافعة عن متضرري سيول وفيضانات الجنوب الشرقي تنبيه الحكومة مجددا إلى “عدم كفاية” الميزانية التوقعية المرصودة لبرنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة، بعدما بعث وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أولى الإشارات بخصوص كيفية توزيع هذه الميزانية؛ حين أكد بداية الأسبوع الجاري، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أن “نصف هذه الميزانية المحددة في 2.5 مليار درهم سيخصص لإعادة تجهيز البنيات التحتية”.
وبينما تذهب بعض الديناميات التي تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى الدفع بأن “تمويل بناء الطرق والقناطر والعتبات المائية المتضررة يجب أن يتم عن طريق الاعتمادات المرصودة للمنشآت الفنية في ميزانية السنة الجارية، وكذا تلك التي سيتم تخصيصها ضمن ميزانية السنة المقبلة؛ على أن يوجه المبلغ المحدد لبرنامج إعادة التأهيل حصرا نحو تعويض المتضررين، بالنظر إلى كونهم لا يتوفّرون على تأمين”، لا يعارض البعض الآخر “تخصيص نصف ميزانية البرنامج لإعادة تجهيز هذه البنيات التحتية، على اعتبار أنها أكثر تضررا”؛ إلا أنهم يتفقون على أن “المبلغ الحالي المرصود لا يكفي للاستجابة لحاجيات كافة المُتضررين، بالنظر إلى أنه انبنى على معطيات غير دقيقة لأعداد المنازل المنهارة كليا أو جزئيا؛ إذ أُقصيت الكثير منها، فضلا عن تجاهل اللجان إحصاء الأضرار الزراعية بعدد من المناطق”.
في هذا الإطار قال رشيد البلغيتي، منسق لجنة “نداء طاطا”، إنه “كان من المفروض أن يتم تخصيص كل الميزانية التوقعية لبرنامج إعادة تأهيل مناطق الفيضانات لتوزيع الدعم والمساعدات الاستعجالية التعويضية للمتضررين، سواء الخاصة بإعادة تأهيل المنازل أو دعم الماشية أو استصلاح السواقي”، وزاد: “يجب أن يتمّ صرفها لهم على وجه الاستعجال بالنظر إلى عدم توفرهم على التأمين”، مُوضحا أن “الموارد المالية المُخصصة لإعادة بناء الطرق والمنشآت الفنية المتضررة يجب أن يتم خصمها من الاعتمادات التي رصدتها الوزارة للمنشآت الفنية في السنة المالية الجارية، وتلك التي ستُخصص لها في السنة المالية المُقبلة”.
وأضاف البلغيتي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المبلغ المتبقي لتعويض المتضررين بالاستناد إلى تصريح الوزير الوصي، أي حوالي 1,25 مليار درهم، غير كاف على الإطلاق؛ لأن الميزانية التوقعية المرصودة أصلا كاملةً ليست كافية ولا تُقدم جوابا ماليا عن حجم الخسائر المُسجّلة على مستوى المنازل والمواشي والزراعة في الأقاليم التي يشملها البرنامج”، مُردفا بأن “2,5 مليار درهم لو تمت برمجتها في برنامج لتنمية 12 إقليما في الظروف العادية فلن تكون كافية للاستجابة لحاجياتها، فما بالك بظروف الكارثة الطبيعية”.
وشدد منسق لجنة “نداء طاطا” على أن “اللجنة أكدت منذ صدور البلاغ الأول الذي أعلنت فيه الحكومة إطلاق البرنامج أن هذه الميزانية لن تكون كافية، بالنظر إلى أن المعطيات التي تعتمد عليها لا تعكس العدد الحقيقي للمتضررين على أرض الواقع”، متابعا: “في إقليم طاطا على سبيل المثال توصلنا ومازلنا نتوصّل بعشرات الشهادات الموثقة التي تؤكد أن نسبة مهمة من المتضررين لم يشمل الإحصاء منازلهم ومواشيهم أو أنشطتهم الزراعية، بينما آخرون قامت اللجان التقنية بإحصاء بيوتهم المتضررة فقط، وتجاهلت إحصاء الأضرار الجسيمة التي طالت زراعتهم داخل الواحة”.
وفي المقابل لا يعارض مبارك أوتشرفت، رئيس منتدى “إفوس” للديمقراطية وحقوق الإنسان بطاطا، “تخصيص نصف الموارد المالية التي سيتم رصدها لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من فيضانات الجنوب الشرقي لتجهيز البنيات التحتية، بالنظر إلى أن الطرق والقناطر المنشآت الفنية والعتبات المائية هي الأكثر تضررا من كارثة شتنبر”، مُفيدا بأن “الوزارة تعتزم من أجل تأمين الحماية اللازمة للمناطق المتضررة في حال حدوث فيضانات مماثلة إنشاء 150 عتبة مائية بالحوض المائي كلميم واد نون، 26 منها بطاطا؛ وهو ما يتطلب مبالغ مالية مهمة”.
واستدرك أوتشرفت، في حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “الميزانية التوقعية المرصودة حاليا، أي 2,5 مليار درهم، تبقى غير كافية بالنظر إلى أن عدد المنازل المنهارة جزئيا أو كليا الذي أعلنت عنه الحكومة هزيل جدا ولا يعكس الواقع”، وزاد: “عدد مهم من متضرري طاطا لم يتم إحصاؤهم، على ما يصلنا من شهادات متواترة، وحتى المعايير التي جرى اعتمادها في جرد المنازل المتضررة لم تكن منُصفة”، وتابع: “سمعنا أن مكلفة من وزارة إعداد التراب رفضت المعايير التي حددتها اللجان التقنية التي شكلتها العمالات، وشددت على أن لا يتم إحصاء الدور المبنية بالطين أو تلك التي ليست مسكنا رئيسيا”.
مؤيدا ما ذهب إليه البلغيتي أورد المتحدث ذاته: “بالنظر إلى شساعة إقليم طاطا وكثرة سكانه فإن الميزانية التوقعية لن تغطي إعادة الإعمار أو تعويض كافة الأضرار الواسعة التي لحقت بالمنظومة الواحية، سواء الأنشطة الزراعية المدمرة أو المواشي النافقة أو غيرها؛ فكيف بها إلى جانب الـ11 إقليما الأخرى؟”، مؤكدا أن “الفاعلين المدنيين سيضعون الخميس المقبل غالبا دعوى قضائية في مواجهة رئاسة الحكومة المغربية من أجل الضغط لإعلان طاطا منطقة منكوبة؛ لأن هذا هو السبيل الوحيد لإنصاف المتضررين”.