نقاش مجتمعي جديد يرافق قضية “صفع قائد تمارة”، والتي وصلت حاليًا إلى ردهات المحاكم، خصوصًا وأن القائد الضحية أدلى بشهادة طبية تتضمن فترة عجز تصل إلى ثلاثين يومًا، ما عقد وضعية المعتدية ومن معها، وفجّر نقاش الشواهد الطبية التي تحدد مصائر أناس كثيرين أمام المحاكم وغيرها.
محمد الغلوسي، المحامي بهيئة مراكش والفاعل الحقوقي المعروف، اعتبر في تدوينة نشرها على حسابه الخاص أن مدة العجز المتضمنة في الشهادة الطبية تعتبر عنصرًا حاسمًا في تحديد فصول المتابعة، فإذا كان أمد العجز، يؤكد الغلوسي، أقل من 20 يومًا، فإن المتابعة تكون بناء على الفصل 400 من القانون الجنائي، وإذا كان أكثر من ذلك، فإن المتابعة تكون طبقًا للفصل 401 من القانون الجنائي.
وتصل العقوبة، طبقًا للفصل 401 المذكور، في حالة توفر سبق الإصرار والترصد أو استعمال السلاح، إلى خمس سنوات حبسًا وغرامة، ويجوز أن يُحكم على المتهم، علاوة على ذلك، بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق الواردة في الفصل 40 من القانون الجنائي، وتتعلق بالحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية الواردة في الفصل 26 من ذات القانون، ومنها عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف العمومية وكل الخدمات والأعمال العمومية، وحرمانه من أن يكون ناخبًا أو منتخبًا، ومن حق التحلي بأي وسام، كما يمكن الحكم على المتهم بالمنع من الإقامة من خمس إلى عشر سنوات.
الغلوسي خلص بعد ذلك إلى أنه يتضح أن الطبيب له دور كبير وحاسم، من خلال الشهادة الطبية التي يمنحها للأشخاص، في تحديد مصائر الناس ومصائر حرياتهم وحقوقهم، ونسبة العجز التي تحملها الشهادة الطبية قد تشكل، في حالات معينة، أداة ووسيلة لإنهاء “حياة” الأفراد وإعدام مستقبلهم المهني والسياسي والاجتماعي، ظلمًا وعدوانًا.
ليضيف: “إن الطبيب يتقلد مسؤولية جسيمة، وعليه أن يكون وفيًا لقسم المهنة ولضميره، وألّا يكون شاهد زور، وعلى النيابة العامة أن تكون حريصة على التأكد من صدقية الشواهد الطبية، وأن تستعمل كل الوسائل التي يتيحها لها القانون للتصدي “للبيع والشراء” في حقوق وحريات الناس، ومن ضمن تلك الوسائل الأمر بإجراء خبرة طبية مضادة، يُسند إنجازها إلى أطباء مشهود لهم بالنزاهة والاستقامة والجدية وتحكيم الضمير المهني، للتأكد من صحة وسلامة الشواهد المقدمة إليها، والحرص دومًا على متابعة الأطباء المتورطين، وهم قلة قليلة تكاد تكون معروفة في كل المدن، ويُشار إليهم بأصابع الاتهام، ورائحتهم فاحت في كل مكان، لأنهم يقومون بتسعير الشواهد الطبية حسب نسبة العجز “زيد الماء زيد الدقيق”.
هم أقلية يسيئون لمهنة الطب كمهنة إنسانية نبيلة، حان الوقت للتصدي بقوة القانون لسلوكاتهم الإجرامية، بإنزال أقصى العقوبات، وحرمانهم من ممارسة مهنة الطب، يؤكد محمد الغلوسي.