الثلاثاء, مارس 25, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيندوة تنادي بـ"حماية المحتوى الرقمي الهادف" لرفع الوعي المجتمعي بالقيم

ندوة تنادي بـ”حماية المحتوى الرقمي الهادف” لرفع الوعي المجتمعي بالقيم


ضمن فعاليات “ليلة صوفية”، تزامنا مع بداية العشر الأواخر من رمضان المبارك، حضر نقاش “المحتوى الرقمي والوعي المجتمعي” بين “التحديات القانونية” وموجبات “التأطير القيمي والأخلاقي”، خلال ندوة أقامتها “مؤسسة الملتقى” و”مشْيخة الطريقة القادرية البودشيشية” بالمغرب.

وفي كلمة افتتاحية رحّب فيها بحضور غفير غصّت به جنبات القاعة الكبرى للمكتبة الوطنية بالرباط، شدد منير القادري بودشيش، رئيس مؤسسة الملتقى، على أنه “يجب أن نكون جميعاً حُماة المحتوى الرقمي المغربي الهادف”، داعيا “لنجعله أداة صناعة إنسان صادق مخلص لوطنه ودينه؛ لا الهدم وإفشاء ثقافة التشهير والأخبار الكاذبة، والجري وراء الشهرة وجمع ‘اللّايْكات’، والربح على حساب القيم والأخلاق”.

وبعدما أكد في كلمته أن “الحرية والحق في التعبير مكفولان، لكن لا يجب أن يكونا وسيلة للمساس بالقيم الجماعية والحياة الشخصية للأفراد”، لفت بودشيش إلى أن “التصدي للتجاوزات في العالم الرقمي مسؤولية الأفراد أولاً، ثم المجتمع المدني من جمعيات وأحزاب، وأيضاً المؤسسات الرسمية”، مردفا: “يجب أن تكون القيم المغربية وتعاليم الإسلام المعتدل الأساس الذي نتعامل به مع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي”.

بين القوانين والأخلاق

“القوانين والأخلاق يمكن أن تكون مُدوَّنة، لكنها تبقى حبراً على ورق ما لم تنبعث كتربية وسلام داخلي يُنتج سلاما خارجيا ينعكس سلوكا على أرض الواقع، سِماته التعاون والتعايش والرحمة”، يقول رئيس المؤسسة المنظمة للقاء، متأسفا لكوننا “نعيش أزمة أخلاقية يشهد بها الجميع”، منبها إلى أننا “قد نصل كارثة إذا لم نربط هذا التطور الرقمي والذكاء الاصطناعي بالقيم الروحية والأخلاقية النابعة من موروثنا الثقافي ورأسمالنا اللامادي والحضاري”.

وأشعل المتحدث من المنصة تصفيقات الحاضرات والحاضرين بالقول إن “التصوف ليس تجربة روحية منعزلة عن حاجيات المجتمع، بل هو رسالة رحمة وخدمة للعالمين، لأن الصوفي ابن وقته، والتصوف هو الأخلاق، فمَنْ زاد عليك بالأخلاق زاد عليك بالتصوف”، مستحضرا أهمية أن “نستعين بالتصوف وما يحمله من أخلاق في إنشاء المحتوى الرقمي، عوض نشر خطاب التفرقة والكراهية، والأخبار الزائفة والمس بالحياة الشخصية للناس”.

الرأسمال اللامادي الثقافي المغربي أصبح معرضا لهجمات كبيرة في الفضاء الرقمي، الشيء الذي يجب أن نواجهه بتشجيع المحتوى الرقمي المغربي الأصيل، يحافظ من جهة على الثوابت الوطنية ولا يُفرط في القيم الدينية.

وتُليت قبل انطلاق الجلسة العلمية للندوة توصيات وخلاصات من “التقرير الختامي للندوة، المنجز بشراكة بين كرسي أحمد بن إدريس للدراسات الإسلامية ومؤسسة الملتقى بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، والتي قاربت-خلال اليوم نفسه-موضوع “القيم والأخلاق في زمن التحولات الرقمية”.

حدود التعبير وإطار القانون

في سياق متصل، دعا الأستاذ عبد اللطيف الشنتوف، قاضٍ باحث في الشؤون القانونية، إلى مقاربة موضوع القيم والتأطير القانوني للمحتويات الرقمية ضمن منظورها “الكوني” الشامل، بحكم التأكيد البارز على “أهمية حرية التعبير دستوريا وفي القوانين الوطنية والآليات التعهُّدية، فضلا عن مختلف المواثيق والإعلانات الأممية، خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وباقي الاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة”.

وأشار الشنتوف، متحدثا خلال الجلسة المعنونة بـ”التوازن بين حرية التعبير ورهانات التأطير في الفضاء الرقمي”، إلى “جهود مؤسساتية جارية” بالمغرب، أبرزها من “المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أطلق منصة خاصة في هذا الصدد”، فضلا عن “اشتغال مؤسسات رسمية تعمل على ضمان تأطير تلك الحرية ضمن مجال اختصاصها واشتغالها (المجلس الوطني للصحافة، النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية…).

بعد استعراضه المفصل لعدد من “الآليات الحمائية” القانونية، تساءل الباحث القانوني ذاته: “هل القانون وحده والمؤسساتي كافٍ؟”، لافتا إلى “ضرورة التركيز على مقومات أخرى، أبرزها تحديث المنظومة القانونية في جوانبها الوقائية والاستباقية، مع استعمال الفضاء الرقمي لبث وإشاعة قيم الفضيلة والسلوك الحسن من طرف الجهات المؤهَّلة لذلك”.

كما نبه إلى أن “المجال الرقمي بحكم كونه متاحا للعموم، فهذا يطرح خطورة التعسف المحتمل في استعمال حق التعبير في جرائم المساس بحقوق الأفراد والنظام العام، والصحة العامة أو الأمن القومي للبلاد والإساءة إليها”، ضاربًا المثال بـ”إشاعة صور وفيديوهات زائفة وفبركة أنباء غير صحيحة تُنسب على أساس أنها وقائع بالمغرب لكنها لم تحدُث في السياق المغربي”.

من جهته، شدد عبد الواحد وجيه، رئيس مؤسسة التوجيه للبحوث العلمية والمعرفة، ضمن مداخلة له، على حتمية عودة “السلوك والأخلاقيات” إلى صدارة اهتمامات الناس ومستعملي الوسائط الرقمية الحديثة”، خاصا بالذكر “المراقبة الأبوية لسلوك الأطفال وكيفية استهلاكهم للمحتويات الرقمية”.

وتساءل وجيه: “هل النظام الرقمي بُني على الأخلاق؟”، محذرا من “بعض النتائج الكارثية التي رأيناها وبدأت تظهر معالمها المدمرة على خصوصية الفرد وتماسك المجتمع”، قبل أن يختم بدعوة إلى “ترويض النفس أخلاقيا وتمكين الشباب من استعمالات نظام رقمي أكثر روحانية وأخلاقيٍّ”.

يشار إلى أن الندوة ذاتها، التي عرفت مداخلات وشهادات صناع محتوى مغاربة، ناقشت باستفاضة “عنصر التوازن بين حرية التعبير وحدود تقاطعها مع جرائم التشهير والمساس بحياة الأفراد الخاصة والتعدي على خصوصياتهم”.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات