لا شك أن عملية التسوية الضريبية الطوعية التي أطلقها المغرب مع متم السنة المنقضية (2024)، كشفت بالملموس أوجها عديدة للتهرب الضريبي الذي ظل ينتهجه العديد من المتعاملين التجاريين في مجالات مختلفة، الأمر الذي يلزم الدولة بسن قرارات صارمة للحيلولة دون استفحال هذه الظاهرة مستقبلا.
في ذات السياق، شدد عدد من الخبراء على أن الدولة ملزمة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بضرورة سن قوانين صارمة، تراعي من جهة مبدأ الشفافية في المعاملات التجارية، ومن جهة ثانية تضمن استخلاص الضرائب استنادا إلى معطيات رسمية بعيدة كل البعد عن مظاهر التحايل والتلاعب بالأرقام و الأرباح المحصلة، ضمنها ضرورة اعتماد أساليب الدفع الإلكتروني أو ما يعرف بـ”TPE” في مجمل المعاملات التجاري.
جاء ذلك في أعقاب تقارير إعلامية، طرحت أكثر من علامة استفهام عريضة، بخصوص إصرار عدد المطاعم والمحلات التجارية ومحطات التزود بالوقود… على رفض استعمال وسائل الدعم الإلكتروني، الأمر الذي أثار شكوكا واسعا حول رغبة أصحابها في نهج نفس السياسة الرامية إلى عدم الكشف عن الأرباح الحقيقية التي يحصلون عليها، بهدف التلاعب في أرقام معاملاتهم التجارية المصرح بها لدى مصالح الضرائب.
ومن بين الوسائل الكفيلة بالتصدي لإشكالية “التهرب الضريبي”، يرى “محسن الجعفري”، الباحث في الاقتصاد السياسي، أن عملية توسيع استعمال “الأداء الإلكتروني”، ستمكن من توفير البيانات على المستوى الماكرو اقتصادي وضبط المعاملات التجارية الصغرى، مشيرا إلى أن هذا الإجراء سيعزز مبدأ الشفافية والضبط لدى المصالح الضريبية.
في سياق متصل، شدد “الجعفري” عبر تصريح خص به موقع “أخبارنا”، على أن استعمال النقود الورقية في الأداء يصعب هذه العملية، خصوصا في بعض الأنشطة التجارية والتي يمكنها تحقيق رقم معاملات يتجاوز المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن بنك المغرب اعتمد قرارا بناء على تقرير لمجلس المنافسة، يلغي احتكار وسائل الأداء الإلكتروني من طرف شركة معينة بهدف تسهيل وتسريع الولوج لهذه الخدمة على مستوى التجار الصغار دون تكاليف قد لا تحفزهم على ذلك، خصوصا وأننا أمام إستحقاق الرفع من الجاذبية السياحية للمغرب وتنظيم تظاهرات كبرى قاريا ودوليا. وهو ما يجعل تنزيل هذه الطرق الحديثة ليس فقط مجرد إختيار لكن أمر مفروض بالسياق وتطور نمط الاستهلاك وإدماج التقنيات الحديثة في مجال المعاملات المالية والتجارية، وفق تعبيره.
يشار إلى أن عملية التسوية الضريبية الطوعية التي أطلقتها المملكة المغربية خلال سنة 2024 حققت نجاحا كبيرا، بعد أن مكنت من تحصيل مداخيل استثنائية بلغت 127 مليار درهم، أي ما يعادل 9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام بنهاية دجنبر 2024. وقد ساهمت هذه العملية في إدماج ثلث الاقتصاد غير المهيكل، الذي يُقدر حجمه بنحو 330 مليار درهم.