محمد عفري
في معادلة صعبة من التصنيف الأعلى يستحيل حلها؛ لا يمكن استساغة انخفاض أسعار الماشية، تزامنا مع قرار إلغاء ذبح الأضاحي، واستمرار ارتفاع أسعار اللحوم عند الجزار..
فعلا انخفضت أسعار المواشي، وعلى رأسها الأغنام والماعز ثم الأبقار؛ والشاهد الأسواق الأسبوعية داخل مجموع التراب الوطني، وصغار الكسابة الذين خرجوا عن بكرة آبائهم “يتخلصون” من رؤوس بهائم؛ أصبحت عبئا زائدا على عاتقهم يرفع من الإنفاق الأُسري، في ظل حلول رمضان الفضيل، وفي ظل غلاء العلف.. ورغم أمطار الخير؛ فإن هؤلاء الصغار من الفلاحين والكسابة تشبثوا بالتخلص من “عُروضهم” التي ساقها منهم الجزارون، بأبخس الأثمان، إلى “المذابح” و”المسالخ” ثم إلى الأسواق حيث “نشرها” وبيعها بأسعار لا تقل عن المائة درهم للكيلو غرام الواحد، في استغلال بشع لحرية الأسعار..
عكس هؤلاء الصغار؛ مارس “كبار” “الكسابة” والمربين والمستوردين “لعبتهم” المفضلة؛ “تِجارة المناسبات”، وألحوا على “الكسب” من الصغار وعلى “التخزين” من أجل “التسمين” والادخار، وشعارهم التحكم في السوق الوطنية للماشية واللحوم الحمراء في وقت واحد، بل شعارهم الأنكى؛ لا إلغاء للإعفاء الضريبي على استيراد الأغنام والأبقار واللحوم الحمراء المجمدة وغير المجمدة “ولو طارت معزة”، وهو الإلغاء الذي تحدثت عن ضرورته أطراف من الأغلبية الحكومية، دون تحريك ساكن من الإطار المؤثث لقطاع اللحوم ولقطاع الماشية، أو القطاع الإنتاجي الخاص، حيث يبقى هذا الإعفاء الجمركي ــ الضريبي امتيازا لصالح “الكبار” دون نتيجة تذكر لصالح السوق الوطنية واستقرار أسعارها، فبالأحرى أن تكون لصالح المستهلك المغربي وقدرته الشرائية، وحتى عندما حرك هؤلاء الذين يتصفون بالمهنيين ساكنا، فإنهم تفننوا في الحرب العشواء ضد المطالبة بإلغاء الإعفاء الضريبي/ الجمركي على الاستيراد؛ فهددوا جهارا بارتفاع أسعار اللحوم في حال إلغاء الإعفاءات الجمركية..
“تهديد” المهنيين هذا، جاء بعد ما ازداد الضغط داخل الأغلبية الحكومية، على التدابير المتخذة لخفض أسعار اللحوم الحمراء المستوردة، إذ لا يزال دعم الأضاحي خلال العام الماضي حاضرا في السباق الانتخابي، وسط حديث المستوردين عن ارتفاع الأسعار محليا بحوالي عشرة دراهم، في حال إلغاء الإعفاءات الجمركية والضريبية.
الانتقاد “الشرس” لدعم استيراد الأضاحي بـ500 درهم ظل حاضرا لدى مكونات الأغلبية الحكومية التي رأت في هذا الدعم أموالا وجهت إلى المستوردين الذين راكموا أرباحهم مائة في المائة، دون أدنى أثر إيجابي على سوق المواشي وعلى قطاع اللحوم، وبالتالي دون أثر إيجابي على مصلحة المواطن المغربي، إذ إن المستوردين في العام الماضي بعد حصولهم على دعم 500 درهم لم يقوموا بالبيع وفق هذا المنطق، بل لجؤوا إلى ثمن السوق، في سلوك غير مقبول؛ لذلك ألحت المطالب الرامية إلى استقرار سوق المواشي وقطاع اللحوم الحمراء على جعل دعم عمليات الاستيراد المتعلقة باللحوم مشروطة بإجبار المستوردين على توجيه ما تم جلبه من الخارج إلى الأسواق وليس للتخزين، علما أن تسقيف الأسعار سيضر بالكسابة مربي الأغنام..
مطالب إلغاء الإعفاءات الجمركية والضريبية المتخذة لتخفيض أسعار اللحوم، التي لم تعط أكلها، مهما كانت في نظر المهنيين حملة سابقة لأوانها، خاضها كل من حزب الأصالة والمعاصرة والاستقلال باسم مصلحة المواطنين والقدرة الشرائية للمستهلك المغربي؛ فإنها تفتح الباب للعديد من التساؤلات، وفي مقدمتها سؤال أين كان الحزبان من موقفهما هذا قبل سنة من الآن على الأقل، وأين كانا منذ بداية ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بداية الصيف الأخير، ولماذا أطبقا الصمت تجاه فشل القطاع الإنتاجي للحوم في تحقيق الاكتفاء الذاتي على الأقل، ولماذا أطبقا الصمت أيضا تجاه فشل مخطط المغرب الأخضر، الذي عمر 17 سنة دون تحقيق قطيع وطني من المواشي يعفي المغرب من استيراد الأغنام والأبقار، وبالتالي استيراد اللحوم..
The post مُعادلة اللحوم..إعفاءات ضريبية كبيرة وأسعار غالية appeared first on أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية.