الجمعة, يناير 17, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيمونديال 2030.. بين آمال التحول الاقتصادي ومخاوف استنزاف الميزانية

مونديال 2030.. بين آمال التحول الاقتصادي ومخاوف استنزاف الميزانية


بينما يستعد المغرب لدخول التاريخ كأحد الدول المستضيفة لكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، تبرز تساؤلات حاسمة حول الكلفة الحقيقية لهذا الإنجاز.

فبينما يرى البعض في الحدث فرصة استثنائية لتعزيز البنية التحتية وجذب الاستثمارات، يحذر آخرون من أن التحضيرات قد تتحول إلى عبء ثقيل يهدد باستنزاف المالية العمومية للمملكة، خاصة في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب موارد ضخمة وتخطيطًا محكمًا.

وكشفت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، مؤخرا في قبة البرلمان، عن معطيات تثير الكثير من الجدل حول استعدادات المغرب لاستضافة كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم لكرة القدم 2030.

هذه الأحداث الرياضية الضخمة، حسب العدوي، تتطلب استثمارات مالية كبرى لتأهيل البنية التحتية، مما يُنذر بضغوط متزايدة على المالية العمومية، خاصة في ظل تحديات اقتصادية وبيئية كالجفاف وإعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز.

وأضافت العدوي أن تطوير المنشآت الرياضية، شبكات النقل، والمرافق السياحية يتطلب موارد مالية ضخمة تُقدر بالمليارات، وهو ما قد يُشكل عبئًا على الميزانية الوطنية إذا لم يُدار بحكمة.

وأضافت زينب العدوي أن المالية العمومية تعيش ضغطًا متزايدًا، في ظل تحديات عديدة أبرزها توالي سنوات الجفاف، التي تفرض على المغرب استثمارات ضخمة ومستعجلة تُقدر بـ143 مليار درهم.

هذه الاستثمارات تأتي ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي، الذي يُمثل ضرورة قصوى لضمان الأمن المائي، لكنه يضع عبئًا إضافيًا على كاهل الميزانية الوطنية، مما يجعل التساؤلات حول استدامة هذه الجهود أكثر إلحاحًا.

وأشارت العدوي إلى أن جهود إعادة إعمار منطقة الحوز بعد زلزال شتنبر 2023 تضيف بدورها أعباء مالية هائلة.

وبرغم أن هذه الجهود تُجسد تضامن الدولة مع المتضررين، حسب العدوي فإن الكلفة تجاوزت 9.5 مليار درهم بحلول أكتوبر 2024، ما يعكس حجم التحدي المالي الذي تواجهه المملكة في إعادة بناء ما دمره الزلزال ودعم المتضررين لاستعادة حياتهم الطبيعية.

وفيما يتعلق بمنظومة الحماية الاجتماعية، أوضحت العدوي أن إصلاح هذا القطاع الحيوي يُعد من بين الأولويات الكبرى، لكنه يأتي بكلفة باهظة تصل إلى 53.5 مليار درهم عند تفعيل جميع الآليات بحلول سنة 2026.

من هذا المبلغ، وفقا لرئيسة مجلس الأعلى للحسابات، يُتوقع أن تُموّل الدولة 38.5 مليار درهم من ميزانيتها، مما يعزز المخاوف بشأن قدرة المالية العمومية على تحمل هذا العبء، خاصة في ظل تداخل هذه التحديات مع متطلبات الاستثمار في البنية التحتية واستضافة الأحداث الرياضية الكبرى مثل كأس العالم 2030.

وبدأ المغرب، الذي حصل على شرف تنظيم كأس العالم بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، بدأ بالفعل في تنفيذ مشاريع كبرى تشمل تأهيل ستة ملاعب وبناء ملعب جديد يتسع لأكثر من 100 ألف مشجع، بتكلفة تقارب 20.5 مليار درهم.

ويهدف هذا الاستثمار إلى تحقيق تأثيرات اقتصادية تتجاوز الحدث الرياضي بحد ذاته، حيث أعلن نزار بركة، وزير التجهيز والماء، في وقت سابق أن هذه المشاريع ستطال 35 مدينة مغربية، بهدف تحقيق تنمية متوازنة وتقليل الضغط على المدن الكبرى.

لكن المخاوف بشأن الاستدامة المالية تتزايد، خاصة مع توقعات بارتفاع التكاليف وتداخلها مع أولويات أخرى مثل تأهيل منطقة الحوز بعد الزلزال وتفعيل منظومة الحماية الاجتماعية.

وقد بلغت النفقات المخصصة لإعادة الإعمار ومساعدة المتضررين 9.5 مليار درهم حتى أكتوبر 2024، في حين يُتوقع أن تصل كلفة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية إلى 53.5 مليار درهم بحلول 2026.

على الرغم من هذه التحديات، أبدى عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، تفاؤله بشأن الفوائد الاقتصادية طويلة الأمد التي قد يجلبها المونديال.

ففي تصريح له، وصف الحدث بأنه فرصة استراتيجية يمكن أن تحدث تحولًا في بنية الاقتصاد الوطني، بشرط أن تتم إدارته بكفاءة.

وأوضح أن العوائد لن تكون مقتصرة على الإيرادات المباشرة كضرائب التذاكر والرعايات، بل ستشمل كذلك زيادة الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتعزيز القطاعات المرتبطة بالبنية التحتية والخدمات.

وأشار الجواهري إلى أن المغرب اتخذ خطوات مدروسة لتقاسم التكاليف مع شركائه الأوروبيين، مما يخفف العبء المالي المباشر.

وأكد أن تمويل هذه المشاريع لن يتم عن طريق الاقتراض الخارجي، ما يعكس التزام المملكة بالمحافظة على التوازنات الاقتصادية.

ومع ذلك، حذر الجواهري من أن الاستخدام غير المدروس للمنشآت بعد انتهاء البطولة قد يُثقل كاهل الاقتصاد الوطني، مشددًا على ضرورة ضمان استغلالها بشكل مستدام.

ولفت إلى أن النجاح الاقتصادي لهذا المشروع يعتمد بشكل كبير على الإدارة الجيدة والتخطيط بعيد المدى لضمان تعظيم العوائد وتقليل المخاطر.

في ظل هذه الرؤية المتوازنة، يبرز مونديال 2030 ليس فقط كحدث رياضي عالمي، بل كمحطة مفصلية قد تشكل نقطة تحول في مسار التنمية بالمغرب.

لكن، ومع الآمال الكبيرة التي تُعقد على هذا الحدث، تبقى التحديات قائمة، مما يجعل الإدارة الحكيمة ضرورة لضمان أن يحقق المونديال تأثيراته الإيجابية المرجوة دون إرهاق الاقتصاد الوطني.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات