الإثنين, مارس 3, 2025
Google search engine
الرئيسيةالرئيسيةمول شكارة وفيلا لوسيين بمراكش.. الوجه الجديد للاستثمار العقاري

مول شكارة وفيلا لوسيين بمراكش.. الوجه الجديد للاستثمار العقاري


مول شكارة وفيلا لوسيين بمراكش.. الوجه الجديد للاستثمار العقاري



نورالدين بازين

في زحمة التوسع العمراني المتسارع، تبرز قصص تهدم معالم تاريخية لصالح مشاريع عقارية فاخرة، حيث يتحول التراث إلى مجرد أطلال تحكي عن زمن مضى، لا مكان له في أجندة المستثمرين الباحثين عن الربح السريع. في مراكش، المدينة العتيقة التي طالما ارتبط اسمها بالتراث والتاريخ، أو في الحي الفرنسي جبيز تعيش بعض المباني آخر أيامها في ظل زحف الإسمنت الذي لا يعترف بالقيمة الحضارية.

فيلا لوسيين، واحدة من تلك البنايات التي تحمل في طياتها تاريخًا حافلًا يعود لعقود مضت. كانت هذه الفيلا عنوانًا للأرستقراطية الأوروبية التي استقرت في مراكش خلال القرن العشرين، وكانت معمارها يجمع بين الأصالة المغربية والتأثيرات الفرنسية التي ميزت الحقبة الاستعمارية. لكن، كحال العديد من المباني المماثلة، لم تستطع الصمود أمام جشع العقار الذي ينظر إلى الأرض كسلعة تُباع وتشترى، وليس كإرث يجب الحفاظ عليه.

“مول شكارة”، مصطلح شعبي يطلق على فئة من المستثمرين الذين لا يملكون رؤية ثقافية أو تاريخية، بقدر ما يملكون القدرة على ضخ الأموال في مشاريع عقارية ضخمة. بالنسبة لهم، لا فرق بين قصر أثري وقطعة أرض فارغة، فكل شيء يمكن تحويله إلى إقامة سياحية أو مجمع تجاري يدر الملايين. هؤلاء هم من يقفون اليوم خلف هدم معالم مثل فيلا لوسيين، حيث تم محوها من الوجود لفتح المجال أمام بنايات حديثة تفتقر إلى الروح التاريخية.

في مثل هذه القضايا، غالبًا ما يكون السؤال المطروح: أين الجهات المسؤولة؟ الحقيقة أن الأمر ليس مجرد إهمال، بل في أحيان كثيرة يكون هناك تواطؤ ضمني، حيث يتم التغاضي عن القوانين التي تحمي التراث لصالح مصالح مالية أقوى. فالمستثمر الذي يملك النفوذ يستطيع بسهولة تجاوز العقبات الإدارية، مستفيدًا من ثغرات قانونية أو من صمت بعض المسؤولين الذين يرون في هذه المشاريع موردًا جديدًا للضرائب والاستثمارات.

حينما يتم هدم مبنى مثل فيلا لوسيين، لا نخسر فقط حجارة وجدرانًا، بل نفقد جزءًا من هوية المدينة. هذه البنايات ليست مجرد منشآت، بل هي ذاكرة تحمل قصصًا وأحداثًا تشكل جزءًا من النسيج الثقافي لمراكش. وفي ظل هذه التجاوزات، يُطرح السؤال: إلى متى ستستمر هذه السياسة التي تفضل المصلحة المالية على الاعتبارات التراثية؟

إن استمرار هذا النزيف المعماري يعني أن مراكش، التي لطالما اشتهرت بمزجها بين الأصالة والمعاصرة، قد تجد نفسها يومًا ما مدينة بلا روح، حيث يحل الزجاج والخرسانة مكان الحدائق التاريخية والنقوش المعمارية العريقة. فهل من صحوة قبل فوات الأوان؟





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات