بعدما طال “جمود” الحوار القطاعي بالجماعات الترابية، و”التسويف” في تلبية “المطالب العادلة والمشروعة” لشغيلتها، مع “عجز” نقابات التنسيق الرباعي عن “اتخاذ رد فعل” يطفئ غضب الموظفين الجماعيين، أبت الجمعية الوطنية لهؤلاء الموظفين والهيئات والتنظيمات غير النقابية الممثلة لفئات محددة منهم إلا أن تلتئم تحت مظلة إطار جديد، هو “الجبهة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية”، بغرض “رسائل تحث مديرية الجماعات على تسريع الاستجابة، والنقابات على العودة إلى الاحتجاج لكسر يأس الشغيلة”.
وأعلنت التنظيمات والهيئات المؤسسة للجبهة، وهي الجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والهيئة الوطنية للتقنيين والتنسيقية الوطنية لحاملي الشهادات والدبلومات بالجماعات والتنسيقية الوطنية لضباط وموظفي الحالة المدنية وتصحيح الإمضاء والتنسيقية الوطنية لخريجي مراكز التكوين الإدارية والنقابة الديمقراطية للجماعات الترابية، أن الغرض من خلق الإطار الجديد يكمن في “مواجهة (..) الوضع المقلق الذي ضاقت به الشغيلة الجماعية بكل فئاتها ذرعا”.
وأوضحت، في بلاغ اطلعت عليه هسبريس الإلكترونية، أنها متيقنة من أن المطلوب “هو توحيد الجهود والصفوف لمواجهة هذا الاستهتار والاحتقار الذي تحاول الحكومة ووزارة الداخلية تكريسه بحق الشغيلة الجماعية، ولـ”مواجهة كل التحديات الراهنة، والعمل سويا جنبا إلى جنب على تحسين وضعية الشغيلة وتحقيق مطالبها المشروعة”.
وأفادت الجبهة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية، وفقا للبلاغ، “بانفتاحها على جميع الأطراف المعنية للانضمام إليها في هذا الجهد النضالي، من نقابات وهيئات حقوقية ومدنية وتنسيقيات وغيرها”، بغرض “الحفاظ على كرامة الموظف الجماعي وتحسين ظروفه الاجتماعية والمهنية والمعيشية”.
“يأس الشغيلة”
حسن بلبودالي، رئيس الجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية، قال إن “تأسيس هذه الجبهة استدعاه تعثر الحوار القطاعي وغياب التجاوب مع مطالب الشغيلة الجماعية من قبل وزارة الداخلية، وهو رسالة إلى كل من المديرية العامة للجماعات الترابية والنقابات الممثلة داخل هذا الحوار”، مشيرا إلى أنه “ينبه المديرية إلى ضرورة التعجيل بالاستجابة لهذه المطالب المشروعة، والكف عن تأجيلها”.
وأكد بلبودالي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه المطالب تشمل الزيادة في الأجور، ورفع التهميش الذي يطال ملفات تسوية الوضعية بالنسبة لحاملي الشهادات وخريجي مراكز التكوين الإداري، وإخراج النظام الأساسي”، مستنكرا “تعثر هذا الأخير، في ظل تمكن شغيلة قطاعات أخرى كالعدل والتعليم من انتزاع أنظمتها الأساسية، رغم أنها شرعت في معاركها النضالية بشأنها، بعد مدة مهمة من بدء الموظفين الجماعيين معركتهم؛ فيما أقر أخيرا، وبشكل سريع، النظام الخاص بموظفي السجون”.
وأوضح الموظف الجماعي ذاته أن “خلق الإطار الجديد يؤكد للنقابات إحساس موظفي الجماعات باليأس منها، ومن خطابها الذي نشر الخيبة في صفوفهم، وفقد المصداقية بالنسبة إليهم، نظرا لأن ترافعها ونضالها الميداني تراجعا”، متسائلا: “كيف لمسؤول نقابي بقطاع الجماعات ينتمي إلى مركزيات نقابية، يلحظ كيف أن نقابات منتمية إلى المركزية ذاتها تنتزع مطالب شغيلتها، ولا يحاول حتى طرح مشاكل الشغيلة الجماعية خلال اجتماعات هياكل هذه المركزية؟”.
وشدد على أن “جميع البرامج، بما فيها المرتبطة بالنموذج التنموي الجديد والجهوية المتقدمة، لن يتم تنزيلها بشكل سليم وسلس في غياب الاهتمام بالفاعل الإداري وتجاهل دوره المهم في إنجاحها؛ رغم أن الملك محمدا السادس نادى دائما في خطاباته بإيلاء الأهمية الكبرى للعنصر البشري”.
آلية ضغط
أفاد عبد الرحيم أفقير، عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لحاملي الشهادات والدبلومات بالجماعات الترابية، بأن خلق “هذه الجبهة جاء بعد عدم استجابة وزارة الداخلية لمطالب الشغيلة الجماعية، وامتناع التنسيق الرباعي عن خوض أي رد فعل عملي، منذ آخر وقفة احتجاجية نظمها في أبريل الماضي، ضد غياب انتظام الحوار القطاعي؛ والتأجيل الذي طال الجلسة التي كانت مقررة في 28 نونبر الفائت، دون أن تنعقد حتى الآن”.
وأوضح أفقير، في تصريح لهسبريس، أن “رد فعل النقابات جراء تجاهل هذه المطالب وتعثر الحوار القطاعي لم يرقَ إلى مستوى تطلعات الشغيلة الجماعية، التي كانت تنتظر منها على الأقل الدعوة إلى الإضراب والاحتجاج”، متأسفا “لصم الآذان عن المطالب العادلة للشغيلة الجماعية، في وقت تجري فيه الاستجابة لمطالب فئات عديدة أخرى تخوض نقاباتها حوارا منتظما مع قطاعاتها الحكومية”.
وتفاعلا مع سؤال حول مدى “أهلية الجبهة للجلوس إلى طاولة الحوار مع الداخلية، بما أنها ليست نقابة”، أكد المصرح عينه أن “الهيئات الملتئمة في إطارها مدركة أن الحوار يتم مع الإطارات النقابية، ولكنهم أبوا إلا تشكيل الجبهة كآلية للضغط وإثارة انتباه وزارة الداخلية والنقابات، من أجل تحريك المياه الراكدة في ملفات الشغيلة الجماعية في أفق تسريع حلها”.
واستحضر عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لحاملي الشهادات والدبلومات بالجماعات الترابية أن “النقابات جلست إلى طاولة الحوار بشأن خدمات مؤسسة الأعمال الاجتماعية لموظفي الجماعات الترابية؛ غير أن ما اتفقت عليه مع الجهة المعنية لم يكن في المستوى المطلوب”.
وشرح المتحدث ذاته أنه “بالنسبة مثلا لقرض السكن، فقد جرى الإعلان عن توقيع اتفاقية مع البريد بنك والقرض الفلاحي، لتمكين الموظفين الجماعيين منه؛ لكنه بفائدة مستقرة عند 4 إلى 6 في المائة، أي مثل المحتسبة بالنسبة للمواطن العادي، موازاة مع رفع قرض السكن بالنسبة لموظفي قطاع التربية الوطنية 20 مليون سنتيم وبدون فائدة”.