DR
مدة القراءة: 4′
تناولت وثيقة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، اعتراف الجزائر يوم 6 مارس 1976 بـ”الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” المعلنة من طرف واحد في تندوف الجزائرية يوم 27 فبراير 1976، وأشارت إلى رد فعل كل من المغرب وموريتانيا.
وأبرزت الوثيقة التي يعود تاريخها إلى 8 مارس 1976، ورفعت عنها السرية في غشت 2016، أن المغرب وموريتانيا قررا قطع علاقاتهما الدبلوماسية مع الجزائر، وأضافت الوثيقة “وقد أدانت الرباط ما يسمى بالجمهورية باعتبارها من صنع الجزائر”.
وتابعت أن الجزائر، بإعلانها الاعتراف بـ”الدولة” الصحراوية، “تعهدت مرة أخرى بتقديم الدعم السياسي والأخلاقي والمادي الكامل لجبهة البوليساريو في النضال من أجل تقرير المصير”.
وتطرقت الوثيقة إلى محاولة مصر لعب دور الوساطة في النزاع وجاء فيها “في بيان أصدره الرئيس المصري أنور السادات أمس، حث المغرب والجزائر على ضبط النفس وحذر من اتخاذ خطوات من شأنها “تعقيد الموقف”. وتشير تصريحات السادات إلى أن القاهرة مستعدة لاستئناف دورها كوسيط إذا ما أبدت الأطراف استعدادها للاستجابة”.
وبعد ذلك دخلت البوليساريو في حرب عصابات بمساعدة الجزائر، ضد المغرب وموريتانيا، وكانت تركز في هجماتها على موريتانيا باعتباره الحلقة الأضعف في النزاع.
وبعد سنوات من الوفاق بين المغرب وموريتانيا، سارت الأمور في غير ما تشتهيه المملكة، ووقع انقلاب في موريتانيا في العاشر من شهر يوليوز من سنة 1978، أطاح بالرئيس الموريتاني المختار ولد داداه الذي كان يعتبر حليفا للمغرب، ليصبح بعد ذلك قائد أركان الجيش الموريتاني المصطفى بن محمد السالك رئيسا للبلاد.
وبعد صراع عسكري مرير مع جبهة البوليساريو، قرر قادة موريتانيا الجدد الدخول في مصالحة مع الجبهة، وهو ما التقطه زعماء البوليساريو وسارعوا إلى إعلان هدنة من جانب واحد مع موريتانيا.
موريتانيا تنسحب من وادي الذهب
ودخلت الجزائر على الخط وقامت برعاية مفاوضات بين الجبهة الانفصالية وموريتانيا في الثالث والرابع من شهر غشت من سنة 1979، ووقع الجانبان اتفاق سلام يعلن رسميا عن انسحاب موريتانيا من اتفاقية مدريد، وأمر صناع القرار في نواكشوط بعد هذا الاتفاق قواتهم العسكرية بالانسحاب من إقليم وادي الذهب وتركه لميليشيات البوليساريو.
وأمام هذا الوضع الجديد الذي فرض على أرض الواقع كان لزاما على المغرب التحرك سريعا، وهو ما قام به الحسن الثاني، حيث وجه أوامره للقوات المسلحة الملكية، بالدخول إلى إقليم وادي الذهب وإفشال مخطط البوليساريو وحليفتها الجزائر، وقبل أن يجف حبر الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والبوليساريو كان الجيش المغربي ينتشر فعلا في إقليم وادي الذهب.
وناقشت وثيقة أخرى لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتاريخ 21 شتنبر 1979، رفعت عنها السرية في نونبر 2016 القرار الموريتاني، ونشرت الوثيقة قراءات في وسائل إعلام عالمية لتطورات النزاع، وأوضحت أن المغرب “استعاد مبادرته في الصحراء، وذلك بفضل انشقاق حليفه الموريتاني”.
وأضافت أن “اتفاق “السلام النهائي” الذي تم توقيعه في غشت مع جبهة البوليساريو قد منح الحسن الثاني فرصة غير متوقعة لاستئناف مبادرته التي ضاعت منذ أمد بعيد. ومن المؤكد أن المغرب لا يزال معزولاً. ولكنه لم يعد مضطراً إلى تحمل حليف مزعج”.
وواصلت “لا شك أن موقفهم (المغرب) كان ليصبح أكثر صعوبة لو أعلنت موريتانيا على سبيل المثال أنها ستسلم المنطقة إلى منظمة الوحدة الأفريقية، حتى يتسنى تنظيم الاستفتاء الذي دعت إليه قمة مونروفيا في يوليوز الماضي”.
وتساءلت الوثيقة عن قدرة موريتانيا على “تتجنب الانزلاق إلى التحالف الكامل مع الجزائر، هذا هو الخوف الذي عبر عنه الموريتانيون الذين عارضوا اتفاقات الخامس من غشت. ومن الآن فصاعداً يأمل العسكريون الموريتانيون في الحفاظ على التوازن الكامل بين الجزائر والمغرب. وهو رهان صعب”.