لا يمر اليوم لدى متصفح موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إلا ويتفاجأ بصورة أحد أصدقائه أو معارفه مرفوقة بعبارات التعزية والمواساة، ظاهرة عرفت تزايدا ملحوظا لدى المغاربة في الآونة الأخيرة، حيث يتفاجؤون بحالات الوفاة المفاجئة التي تصيب أشخاصا في مقتبل العمر أو ممن يتمتعون بصحة جيدة، حتى بات “موت الفجأة” ظاهرة مثيرة للقلق والتساؤل بين الناس.
ويعرف الحديث على هذا الموضوع، تضاربا في التفسير بين من يعتبره علامة من علامات الساعة كما ورد في الأحاديث النبوية، ومن يراه نتيجة طبيعية للتحولات الصحية والاجتماعية التي يشهدها العصر الحديث، ليبقى الجدل مفتوحا حول أسباب هذا النوع من الوفيات.
ويعد تزايد حالات موت الفجأة لدى المسلمين من إحدى العلامات التي تشير إلى اقتراب نهاية الزمان وفقا لما ورد في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقا، وأن يظهر موت الفجأة”، حيث يتأمل المسلمون هذه الظاهرة بوصفها تذكرة بعظمة القدرة الإلهية وحتمية الموت الذي لا يستثني صغيرا أو كبيرا، سليما أو مريضا، وهو ما يثير تساؤلات عن الاستعداد الروحي وضرورة التوبة والعمل الصالح.
أما من الناحية العلمية والطبية، فإن الأطباء يقدمون تفسيرات متنوعة لهذه الظاهرة، حيث يتحدث المختصون عن أسباب قلبية مثل توقف القلب المفاجئ الناتج عن اضطراب النظم القلبية أو اعتلال عضلة القلب، فضلا عن عوامل مثل التوتر النفسي، الأنماط الغذائية غير الصحية، والتعرض المستمر للتلوث، كما يضاف إلى ذلك انتشار أمراض العصر كالسكري وارتفاع ضغط الدم، التي وإن لم تكن قاتلة فورا، إلا أنها تؤدي إلى مضاعفات مميتة إذا لم يتم التحكم فيها.
ومن اللافت للنظر أن هذه الحالات لم تعد مقتصرة على الفئات العمرية الكبيرة أو أصحاب المرض المزمن، بل أصبحت تمس شبابا في مقتبل العمر، وآخرين بلا سجل مرضي يعانون من موت مفاجئ، ما جعل المجتمع يقف مذهولا أمام تحولات غير مفهومة.
وفي ظل هذه المعطيات، تظل التساؤلات مطروحة حول كيفية مواجهة الأمر، ومدى ارتباطه بالاعتماد على الوقاية الطبية والكشف المبكر للأمراض فقط، أم هناك حاجة إلى وعي مجتمعي أكبر بتبني أنماط حياة صحية، كما يطرح الجانب الروحي تساؤلات أخرى حول اعتبار هذه الظاهرة دعوة إلى التأمل والتفكر في معاني الحياة والموت والاستعداد لليوم الآخر.
