جمعت الذكرى الأولى لـ”معركة طوفان الأقصى”، التي قادتها “حركة حماس” ضد المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لغزة الفلسطينية، مغاربة من مختلف الانتماءات، والمهن، والأعمار، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فضلا عن مواطنين ومواطنات غير منتمين، ووجوه سياسية وثقافية بارزة.
المسيرة الوطنية التي استقبلتها العاصمة الرباط، اليوم الأحد، رفعت شعارات قوية مطالبة بإسقاط التطبيع الرسمي المغربي مع إسرائيل، ناعية قيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، منددة بـ”الإرهاب الصهيوني” و”الحروب الأمريكية في المنطقة”، رافضة المفاوضة على مغربية الصحراء والحق الفلسطيني في أرضه ومقاومة محتلّه.
رسائل مغربية
عبد الإله بنعبد السلام، قيادي بالجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، قال إن هذه المسيرة تبعث ثلاثة رسائل أساسية، أولها: “إدانة الجرائم المستمرة للوحش الصهيوني من جرائم واغتيالات تبين بالملموس أن هذا الكيان كيان مجرم ينبغي اقتلاعه من جذوره”، و”الرسالة الثانية إلى المنتظم الدولي الذي يقف عاجزا عن اتخاذ أي موقف نظرا للدور الذي يلعبه الغرب الاستعماري في التغطية والتواطؤ مع جرائم الكيان الصهيوني”، والرسالة الثالثة للإصرار الرسمي على “علاقات التطبيع مع هذا الكيان المجرم الملوثة يده بدماء الأطفال والنساء”.
عبد القادر العلمي، منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، ذكر بدوره، في تصريح لهسبريس، أن هذه المسيرة تخرج “بمختلف التيارات والهيئات وشرائح المغاربة الأحرار، الذين يقولون اليوم بصوت واحد وموحد إنهم مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وإنهم ينددون بقوة بالجرائم الشنيعة التي يرتكبها جيش الاحتلال في حق النساء والرجال والأطفال”.
وتابع: “المغاربة كانوا وسيبقون دائما مع حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، ونقول للعالم إن الضمير العالمي ينبغي أن يتحرك لإيقاف المجازر، وإيقاف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعب بكامله، وترتفع هذه الأصوات لتقول كفى من العلاقة مع كيان الغصب والاحتلال، ولا يقبل الشعب المغربي الحر أن تكون لبلادنا علاقة مع كيان ثبت للعالم أنه كيان إجرامي غاصب عنصري يقوم بإبادة عرقية في مواجهة شعب يدافع عن أرضه وحقوقه”.
“ملحمة جماهيرية”
في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال مصطفى المعتصم، رئيس حزب “البديل الحضاري” المحلول، إنه “في الذكرى الأولى لـ 7 أكتوبر المجيدة، وبمناسبة مرور عام على المذابح والمجازر والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ثم الشعب اللبناني اليوم، تقف الجماهير المغربية داعمة ومساندة ومتعاطفة وتقدم كل صور التأييد للمقاومة ومحورها في إيران واليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين”.
وأضاف: “هذه ملحمة جماهيرية في المغرب لنقول لا للتطبيع، ولنعزّي الأمة العربية والإسلامية في وفاة [الجامعة العبرية] (الجامعة العربية) و[منظمة المؤتمر الإسلامي] اللتين وقفتا تتفرجان على مذابح الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، ونعلن تأييدنا المطلق واستعدادنا لمد كل ما في وسعنا لنصرة إخواننا وقضيتنا التي هي جزء من إيماننا بالله ومقدساتنا”.
مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، ذكر بدوره أن هذه المشاركة تأتي “في إطار تضامن يعبر عليه الشعب المغربي، والشعوب الحرة دائما، مساندة لكفاح الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، من أجل استتباب السلم في المنطقة واسترجاع الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة”.
أما عزيز رويبح، نقيب المحامين بالعاصمة، فسجل أن هذه المشاركة تأتي “للتعبير عن غضبنا وإدانتنا لما ترتكبه الآلة الصهيونية من جرائم حرب ومن جرائم ضد الإنسان في حق الفلسطينيين وأبناء وبنات لبنان”، وتابع: “تأتي المسيرة في سياق وفاء المغاربة بكل تلاوينهم السياسية والحقوقية والفكرية لقضية وطنية أصلا ومبدأ”، وهذه “وقفة للتنبيه إلى خطورة ما تقوم به الآلة الصهيونية وهي حرب حضارية بالوكالة ضد حضارة وأرض وتاريخ، وإن كانت تبدو محددة بالمكان لكن تداعياتها تمس كل العرب والمسلمين وكل أحرار العالم بكل عقائدهم وأديانهم وتلاوينهم الفكرية”.
“إسناد للمقاومة”
في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، ذكر أوس الرمال، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن الخروج اليوم في هذه المسيرة جاء “احتفالا بنصر مبين للمقاومة الفلسطينية التي بعد سنة كاملة كذّبت جميع تكهنات هذا العدو وأنصاره الذين زعموا وادعوا أن هذه ستكون معركة أيام وأسابيع، ومن تحت الأنفاق صمدت المقاومة الباسلة في وجه القصف الجوي والبري والبحري، وما زالت تقاوم وتكبده الخسائر تلو الخسائر”.
وزاد: “هذا اليوم يؤرخ لسنة كاملة وأكثر من النفاق الدولي الذي يمارسه الأمريكان والبريطانيون والألمان، الذين يدعمون هذا العدو المغتصب الذي قتل 50 ألف شهيد وجرح أكثر من مائة ألف جريح ومصاب ويقولون إنه يدافع عن نفسه، فكيف يدافع عن نفسه من يقصف بالطائرات الأطفال الصغار ويخرّب المستشفيات والمساجد والكنائس ودور العبادة؟! هذا تأريخ للنفاق الدولي الذي لم يعد يقف عند أي معاهدة من المعاهدات لحقوق الإنسان ولا أي شيء”.
ثم استرسل قائلا: “لا نريد أن يسجل علينا التاريخ كمغاربة أننا قضينا سنة في الذل والعار وتطبيع العلاقات مع هذا الكيان المغتصب، ونقول كفى، وقد خرج المغاربة اليوم بكل توجهاتهم واختياراتهم وعلى اختلافاتهم، خرجوا كأحرار وشرفاء يقولون كفى من التطبيع، ولا نقبل بأي علاقة مع هذا العدو أيا كان اسمها، فهو عدوّ يقتل الأطفال ويخرّب ويدمّر ولا يعترف بأي بند من بنود الاتفاقيات الدولية، والنصر إن شاء الله للمقاومة، والاحتلال إلى زوال، وسيزول معه كل من يدعمه ويناصره”.
فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الناطق الرسمي باسمها، تحدث من جهته عن “سنة طويلة من الوقفات والمسيرات والفعاليات التي نظمها الشعب المغربي منذ 7 أكتوبر الماضي، إثر الهجوم العدواني الإجرامي على إخواننا في غزة، لتأتي هذه المسيرة تتويجا لهذه السنة وبمناسبة الذكرى الأولى للعدوان الظالم الجائر على إخواننا في فلسطين”.
وأضاف: “ما ترونه الآن هو الشعب المغربي، وهذه كلمته، وموقفه، وبوصلته فلسطين، وتشجيع المقاومة وتضامننا معها في جميع الساحات، وكلمتنا الأخرى هي أنه ينبغي إسقاط التطبيع، فهذه الدولة المجرمة يريدنا الحكّام أن نطبع معها، وأن نتعامل معها، ونعقد معها الاتفاقيات على جميع المستويات، وقد ظهر أن الاحتلال لا يراعي أحدا، لا الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ، ولا الكنائس ولا المساجد، وهذا نظام سادي ينبغي أن يقف عند حده، ويهزم”.
وختم تصريحه بالقول: “نحن مع المقاومة، نساندها ونقول لها إنك لست وحدك والشعب المغربي كله معك، وكلما استمرت هذه الحرب ازداد العالم وشعوبه يقينا بأن هذا كيان مجرم وسفاح وقتّال لا يمكن أن نتعامل معه أيا كان ما يدعيه”.
جمال براجع، الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي، وضّح بدوره أن هذه “تظاهرة شعبية حاشدة، نشارك فيها تخليدا لملحمة طوفان الأقصى، التي سطر فيها الشعب الفلسطيني أسمى آيات الصمود والنضال، وهي ذكرى تؤكد فشل المشروع الصهيوني الإمبريالي في فلسطين”.
وواصل: “منذ أكثر من سنة الآن والكيان الصهيوني والداعمون له الإمبرياليون يمارسون حربا إجرامية لم يسبق للتاريخ الحديث أن شهد مثلها، من تهجير وتقتيل واحتلال لكامل فلسطين، ولكن هذا المشروع سقط وأفشلته المقاومة الفلسطينية، كما أفشلت مخططا أكبر هو إعادة هيكلة الشرق الأوسط تحت القيادة الصهيونية من أجل ضمان دوام الهيمنة الإمبريالية الأمريكية على المنطقة”.
وذكر براجع أن “الشعب المغربي خرج اليوم قاطبة بشبابه، وشيوخه، ونسائه ورجاله، وقواه المناضلة، لإرسال رسائل إلى الداخل والخارج بأن القضية الفلسطينية قضية كل المغاربة، قضية وطنية وإنسانية عادلة، وعدوُّنا واحد هو العدو الإمبريالي الصهيوني الرجعي، وأننا نتضامن مع المقاومة في كل مكان وهي سبيل التحرير، ونسند الشعب الفلسطيني لتقرير المصير وعودة اللاجئين وبناء دولته على كافة ترابه وعاصمتها القدس”.
وشدد الأمين العام لحزب “النهج” على أن المحتجّين “يحملون الإمبريالية الأمريكية على الخصوص مسؤولية إبادة شعب فلسطين، والأمم المتحدة وجميع مؤسسات المنتظم الدولي مسؤولية المشاركة في الحرب الإجرامية بالصمت أو التواطؤ بإعطاء الوقت للكيان الصهيوني ليفعل ما يفعل”، ثم ختم تصريحه قائلا: “رسالتنا أيضا إلى النظام المخزني بأن الشعب المغربي ضد التطبيع، والاستمرار في التطبيع تشجيع ودعم للكيان الصهيوني للاستمرار في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، وتمكين للتغلغل الصهيوني الذي يشكل خطرا على المغرب وعلى المنطقة ككل، ولا نرضى بهذا وسنقاوم التطبيع”.
من المغرب إلى فلسطين
في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، في إطار مسيرة إحياء الذكرى الأولى لطوفان الأقصى، قال جمال الشوبكي، سفير دولة فلسطين بالمغرب، إن “الشعب المغربي العظيم دائما ما يقف مع الحق ومع إنسانيته، وضد العدوان الإسرائيلي، ومن اليوم الأول من العدوان خرج الشعب المغربي بكل أطيافه، بمئات الآلاف، ليقول لا للعدوان”.
وتابع: “ما نراه اليوم في الرباط تعبير عن ضمير الشعب المغربي وضمير الأمة العربية والإسلامية وضمير الإنسانية”، يصدح برسائل مفادها: “كفى سكوتا عن هذه الجرائم، والإبادة الجماعية التي يتحمل كل من يسكت عنها مسؤوليته، ووصمة العار هذه على جبين الإنسانية أن تستمر إسرائيل في هذه الإبادة دون أن تعاقَب أو تحاسب على جرائمها”.
وختم السفير الفلسطيني بالرباط تصريحه لهسبريس بالتأكيد: “نريد وقف العدوان، والسلام لشعبنا الذي هو الضحية لما يجري”.