هبة بريس – عبد اللطيف بركة
تعد احتفالات نهاية السنة الميلادية في المغرب، المعروفة بـ”البوناني”، مناسبة سنوية تساهم بشكل كبير في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.
ورغم أن هذه الاحتفالات تتمتع بطابع ديني وثقافي محلي مميز، إلا أن تأثيرها يمتد ليشمل مختلف المجالات الاقتصادية، ما يجعلها من بين المحطات الرئيسية التي يترقبها العديد من الفاعلين الاقتصاديين.
البوناني: احتفالية ترفع من الأنشطة
الاقتصادية
تتجلى أهمية “البوناني” بشكل خاص في الفترة التي تسبق رأس السنة الميلادية، حيث تشهد الأسواق المغربية حركة تجارية نشطة، سواء في المدن الكبرى أو في القرى الصغيرة.
ويتميز هذا الموسم بكثافة الاستهلاك الذي يغطي العديد من القطاعات مثل الملابس، الهدايا، السلع الغذائية، وأيضاً الخدمات مثل النقل والفنادق والمطاعم.
في هذا السياق، تشير البيانات الاقتصادية إلى أن الأعياد السنوية في المغرب تشهد عادة زيادة ملحوظة في الإنفاق الاستهلاكي.
هذه الزيادة تتوزع بشكل رئيسي على الأنشطة التجارية، حيث يسجل تجار الملابس والإكسسوارات، على سبيل المثال، ارتفاعًا في المبيعات بسبب الإقبال الكبير على شراء الهدايا والملابس الجديدة للاحتفالات.
دور البوناني في تحفيز القطاعات الاقتصادية
القطاع التجاري:
يشهد قطاع التجارة خصوصاً في مجال الملابس والهدايا زيادة هائلة في الطلب خلال هذه الفترة.
المحلات التجارية الكبرى والصغيرة على حد سواء تقوم بتقديم تخفيضات وعروض خاصة لجذب الزبائن، مما يساهم في تنشيط هذا القطاع ورفع حركة البيع والشراء.
القطاع السياحي والفندقي:
مع قدوم نهاية العام، يتزايد الطلب على الفنادق والمطاعم في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، مراكش، وأكادير.
الزيادة في الحركة السياحية، سواء المحلية أو الدولية، تضاعف من فرص العمل في هذا القطاع، كما تساهم في زيادة الإيرادات المالية من خلال السياح الذين يزورون المغرب للمشاركة في
احتفالات “البوناني”.
قطاع النقل:
يشهد قطاع النقل حركة كبيرة خلال هذه الفترة، حيث يكثر سفر المواطنين سواء داخل المدن أو إلى مختلف الوجهات السياحية.
هذا الارتفاع في الطلب على وسائل النقل يعزز من النشاط الاقتصادي للشركات العاملة في هذا المجال، بما في ذلك شركات الطيران، القطارات، والحافلات.
فرص العمل:
مع النشاط الاقتصادي المرتبط بـ”البوناني”، يتم خلق العديد من فرص العمل المؤقتة. شركات البيع بالتجزئة، الفنادق، والمطاعم غالباً ما تقوم بتوظيف العمال الموسميين لتعويض الزيادة في الطلب.
هذه الفرص، وإن كانت مؤقتة، تساهم في الحد من البطالة وتشغيل أعداد من الشباب الباحثين عن عمل.
التأثير على الإيرادات الضريبية
يُظهر التحليل الاقتصادي أن الفترة التي تسبق “البوناني” تساهم في زيادة الإيرادات الضريبية، لا سيما في مجال الضرائب على القيمة المضافة (TVA) والضرائب المتعلقة بالعوائد التجارية. حيث تتزايد المبيعات بشكل ملحوظ، وبالتالي ترتفع الإيرادات الضريبية التي تعود بالنفع على خزينة الدولة.
كما أن هذه الفترة تساعد على زيادة الحركة التجارية غير الرسمية أو “الاقتصاد غير المنظم”، مما قد يعكس تحديات لقطاع الضرائب في محاولات لتوسيع قاعدة الدفع الضريبي.
استراتيجيات تحفيز النمو الاقتصادي
لتعزيز هذه الفوائد الاقتصادية المرتبطة بـ”البوناني”، يمكن للحكومة المغربية أن تتبنى مجموعة من الاستراتيجيات لدعم القطاعات المتأثرة بشكل إيجابي، مثل: تقديم حوافز ضريبية للمشاريع التجارية التي تساهم في زيادة الإنتاجية و تحسين البنية التحتية للنقل والفنادق لتلبية الطلب المتزايد خلال هذه الفترات ودعم حملات تسويقية وإعلانية تروج للسياحة الداخلية والخارجية بشكل أكبر خلال نهاية السنة.
ويعتبر “البوناني” مناسبة احتفالية لها تأثير مباشر على النشاط الاقتصادي في المغرب، حيث تسهم في تحفيز الاستهلاك وزيادة الطلب على السلع والخدمات.
كما أن هذه الاحتفالات تفتح المجال أمام خلق فرص عمل موسمية وتساهم في رفع الإيرادات الضريبية، مما يعزز من نمو الاقتصاد المغربي.