فتحت المفتشية العامة للإدارة الترابية تحقيقا موسعا حول شبهات تحايل ضريبي بملايين الدراهم استفاد منه منعشون عقاريون بالتواطؤ مع منتخبين، من خلال تسهيل محاولات للتملص من أداء ديون الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، و الملزمين موضوع التدقيق استصدروا رخص بناء شكلية، وعمدوا إلى بناء أساسات في بقعه أرضية فور اقتنائها لغاية وقف عداد احتساب الرسم المذكور، قبل العودة إلى استغلال هذه البقع في البناء أو البيع، ويستند المفتشين إلى تقارير وإخباريات وردت إليهم من جهات مختلفة بشأن شبهات تلاعبات في تحصيل الجبايات المحلية من قبل جماعات ترابية، وتمكين ملزمين من الاستفادة من إعفاءات ومزايا تخفيضات في الرسوم.
و كانت مصالح المراقبة التابعة للمديرية العامة للضرائب فتحت تصريحات منعشي “البناء الذاتي” للتدقيق، وأشعرت عددا كبيرا منهم بمراجعات جبائية عن عمليات بيع أنجزوها السنة الماضية وبداية السنة الجارية، بعد التثبت من تورطهم في ممارسة نشاط تجاري لا يخضع للضريبة على الأرباح العقارية، وإنما للضريبة على الدخل بنسب أعلى، موضحة أن الملزمين المعنيين بالإشعارات بنوا بقعا أرضية في ملكيتهم وشرعوا في بيع شقق ومحلات تجارية مباشرة بعد استكمال البناء.
و تفاجا ملزمين فوجئوا بإشعارات المراجعة الواردة بشأن مزاولة نشاط تجاري (الإنعاش العقاري)، إذ اعتبروا أنفسهم مستفيدين من البناء الذاتي فقط، ولا يتحملون إلا واجبات الرسم على الأرباح العقارية بنسبة 20 في المائة، مؤكدين أن الحالات التي جرى ضبط معظمها ضواحي الدار البيضاء ومراكش تتعلق بملاك سلكوا جميع المساطر القانونية المتعلقة باستصدار رخص البناء وشهادات المطابقة للسكن وغيرها، وتعاملوا مع مزودين بمواد البناء بواسطة “بونات”، قبل أن يتحولوا إلى مرحلة تسويق العقارات المبنية، إذ لم يعمدوا إلى استغلالها في أغراض السكن أو الكراء.
واستغل مراقبي الضرائب حق الاطلاع وقنوات تبادل المعطيات بطريقة إلكترونية مع الإدارات الشريكة من أجل التثبت من تواريخ اقتناء البقع الأرضية والوضعية القانونية لملاكها عند الشراء، وكذا انطلاق أشغال البناء ونهايتها، وعمليات البيع بواسطة رسوم ملكية منفصلة أو على الشياع للعقارات المبنية، موضحة أن بعض الملزمين الذين تفاعلوا مع الإشعارات بالمراجعة الضريبية عبروا لمصالح المراقبة والتحصيل الإقليمية والجهوية عن عدم علمهم المسبق بوقوعهم في حالة ممارسة نشاط تجاري، يستدعي إخضاعهم للضريبة على الدخل بنسبة تصل إلى 38 في المائة.
وأظهرت مؤشرات أنشطة المراقبة والتحصيل الصادرة عن المديرية العامة للضرائب بلوغ المداخيل الآتية من عمليات المراقبة الميدانية، التي شملت 5,793 ملفا سنة، ما مجموعه 5.8 مليارات درهم، فيما تميزت هذه العمليات بزيادة سنوية في عدد الملفات التي تم التدقيق فيها والضرائب المسترجعة بنسبة 11 و4 في المائة، على التوالي. بينما أتاحت عمليات المراقبة على الورق وتسوية الأسس الضريبية، باستثناء حقوق التسجيل والتنمبر، تحصيل مداخيل بقيمة 5.47 مليارات درهم، وهو مبلغ شمل جميع فئات المساهمين، باستثناء الأشخاص الطبيعيين.
و رصدت عمليات التدقيق ملزمين بشأن الأرباح العقارية تزايد لجوء مهاجرين مغاربة في الخارج إلى استغلال شركات ذات مسؤولية محدودة من أجل تحصين ممتلكاتهم ضد الحجوزات في حالات المراجعة الضريبية، بعدما تخصصوا في أنشطة الإنعاش العقاري، من خلال شراء البقع الأرضية وبنائها وبيعها، مؤكدة أنه بمجرد تفويت العقارات المبنية، سواء شقق أو محلات تجارية، يعمدون إلى إغلاق الشركات المذكورة، وإعادة تأسيس أخرى باستعمال هوياتهم أو هويات أبنائهم وزوجاتهم، بحيث تتملك الشركات المؤسسة البقع الأرضية بشكل مباشر.