الخميس, مارس 6, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيمغرب زمان. حسَن الرّحيبي يكتب. رُمضَان بَكري كما عشته في دوارنا في...

مغرب زمان. حسَن الرّحيبي يكتب. رُمضَان بَكري كما عشته في دوارنا في سيدي بنور


لم يكن لرمضَان معنى بدون حريرة، ولا مكان للحسوّة أو التّشيشة أو العصيدة حتى يفوت رمضَان.

بينما تكسير زلايف الطين البدَائيين بلاَ زواق بلا نْفاق.. المصنوعين بدوّار العݣابة لم نكن نعاقَب عليه، لأنهم كانوا رخاص لا يتجاوز ثمن الوَاحدة منها ربعادريال.

*حسَن الرّحيبي

كنّا في بدَاية السّتّينات نستعدّ منذ أسابيع طويلة سابقة على الشّهر الفضيل.. تزرع مامّا عمّتي حبوب بذور القزبر في بقعة صَغيرة خلف الخيمة الشّاسعةلم تعد اليوم مَوجودة بسبب البناء وتقاسم أجزاء من الحطّة بين الإخوة ..

تحيطها بالسّدر المجلوب من بلاد الحنفوشي قرب القاق ..

كان رمضَان آنذاك يصَادف فصل الرّبيع أي شهر مَارس، مما يوفّر الأمطار الكافية والضّرورية للإنبات والنّمو ..

وتجد على الأقل القزبر كعنصُر ضَروري لإعداد الحريرة كل مساء، لأن الحريرة شكلت الجزء الأهم من صيام رمضَان! بينما الصّلاة كانت امّي حليمة وحدها تصَللّي وتنُوب عن الجميع كباراً وصغاراً ..

هيّأت مكاناً خاصّاً قرب التّرعة تصَللّي وتتعبد فيه، لا ينبت فيه نبات رغم غزارَة الأمطار بسبب كثرة ارتياده والجلوس به طويلاً للتّعبّد ومناجاة اللّه عند الظهر والعصر والمغرب ..

بينما العشاء كان يشتد عليها الظلام فتمارس طقوسها الرّوحانية بنوَالتها الفسيحة من درجة امّ ظهر الفخمة ..

عَلقت بها صُور محمد الخامس ووَلي عهده مولاي الحسَن، كما كان حفيدها ابن بنتها مامّا بابَا امحمّد الذي كان مناضلاً بمصنع الصّابون ݣوَان ومساهماً بالحرَكة الوطنية، وإضرَابات اغتيال النقابي التونسي فرحَات حشّاد، أوَاخر سَنة 1952 الحَاشدة والصّاخبة بشوَارع الدّار البيضَاء ..

فكان يلبس جَلابة وطنية شخمة، وطربوش الوطن الأحمر، مندمجاً كالسمكة في الماء مع اولاد الوطَن ..

كما كان متحمّساً جداً للاستماع مثل سائر المغاربة آنذاك لإذاعة صَوت العرب من القاهرة يأمر الجميع ب اسسّسسسّسس عندما يتحدث فيها علال الفاسي.

وأيضاً إذاعَة لونضرَا من بريطانيا العظمى لأنها تقول الحقيقة ولا تكذب أبداً.. وكذلك كان متحمّساً لجلب صُور جمال عبد النّاصَر واحمَد بن بلاّ وعلال الفاسي والمَهدي بنبَركة ..

بينما لم يكن أحد يحث أحداً على الصّلاة التي كانت من اختصَاص فقهاء الجّامع الذين.

 لم يكونوا يسمحون لأحد بدُخول المسجد سوى الأطفال الحفّاظ ..

كما لم يكن الفلاحون الفقراء يعبأون أو يهتمون بشيء سوى موَاشيهم وزراعتهم وصَوم رمضَان ومراقبة المشبوح من أجل الزراعة والسّحور ! .

وكذلك القرقاب بدوار الݣوايل بعد منتصَف اللّيل.. وانتظار آذان سّي عبسلام ولد سي عبّاس ثم فيما بعد أخيه سي المصطفى ولا يفطرُون أبداً حتى يسمعوا الآذان ولو ظل منشغلاً بالتݣنݣيف في السّوق حتى وقت العشاء! رغم سَماعنا بوضُوح لمدفع آسفي كل مساء ..

تسألني امّي حليمة كلما جنحت الشمس وقت العصر، وتضَاعف الظل مرّتين :

هذا وقت السّاهل آ الحسَن؟

أقيس الظل كما علّمنا الطالب سي احمد، أو فقط مْعاينة بالالتفات نحو الشمس، وقياس بُعدها عن الأفق الغربي فأعلن لها عن موَافقتي .

لم يكن مؤذنون آنذاك، ولا مصَللّون ولا وعّاظ ولا ترَاوَح كما نشاهد اليوم

حتى عيّن القائد سّي السّعيد  الصّقللّي سنة 1965 ، فأخذ التّجّار والتلاميذ يهتمون بالدين ويسألون الفقيه في  أمور دينهم الحنيف بݣارَاج الجماعة القروية  ..

بدأ المهتمّون يشترون كتيّبات صَغيرة لتعلّم الصّلاة، عزّزَته الحُكومة بفرض صَلاة العصر على التلاميذ في جميع مدارس المغرب بعد إضرَابات التلاميذ يوم 23 مَارس 1965 !.

 كانت مامّا عمّتي بعد أن أصبحتُ ابنها بالتبنّي تهتم بي وتؤثرني بين الجميع كي أذوق لها الحريرة كل مساء.

تملأ لي الزّلافة بما يتجاوز كثيراً نية الذّوق ومعرفة واش مسّوسة تزيدها مْليحة ؟ ولا مَالحَة تزيدها مّيهَة ؟ تصبح استشارتي ورأيي ضَرورياً بل حيوياً الكل يلتفت لي باهتمام كبير وقد فغر فاه وأطلق أذنيه :

اتّا ݣول دَغية !

في الصّباح عندما تحلب البقرات تناولني الزّلافة الحَلّابية العملاقة بسيالتها الضّخمة، كي أطسّن (أعُبّ منها) فيها لشرب الحليب الدّافيء

لم يكن لرمضَان معنى بدون حريرة، ولا مكان للحسوّة أو التّشيشة أو العصيدة حتى يفوت رمضَان ..

بينما تكسير زلايف الطين البدَائيين بلاَ زواق بلا نْفاق.. المصنوعين بدوّار العݣابة لم نكن نعاقَب عليه، لانهم كانوا رخاص لا يتجاوز ثمن الوَاحدة منها ربعادريال.

كما كان مطلوباً ضمنياً تكسيرها لأن فيه لاَجر ، وشرَاء معدّات جديدة كان مطلوباً بل ملحّاً ، للترحيب بالشّهر الفضيل بكل صدق وحرَارة وصَفاء النّية ..

لأن رمضَان يخرُج في مولاه آجلاً أم عاجلاً ! أمّا زلايف العمَلي القادمة من آسفي فكانت شيئاً ما أغلىٰ لأنها أرقى بالألوَان والزوَاق (كما في الصّورة) وكذلك الطّعارج ..

عندما تدخل العشرة أيام الأخيرَة نقول للشّارفات أو العجَائز، ثم نذكّر كل مسَاء بعضَنا البعض ونحن نتحلّق حول الحمّاس الضّخم، بأن رمْضَان بدَا يجمع يستعد للرّحيل.

مشبّهين ذلك بجمع تجار السّوق لقياطينهم في المساء، وإعادَة ما تبقى من بضَاعتهم وسلعهم للأكياس، فنعرض عليهم مساعدتنا وخدمتنا مقابل كُمشة شريحَة أوْ تمَر !.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات