برحيل بشار الأسد عن الحكم في سوريا ودخول هيئة تحرير الشام إلى دمشق والإمساك بالسلطة، تكون سوريا دخلت منعطفا جديدا، ودخلت المنطقة برمتها في المجهول وأصبحت على كف عفريت، وتداعياتها لن تقف عند الحدود الجغرافية لسوريا، ومن لا يفهم الأمن القومي في بعده الجيوستراتيجي، ويعرف أن الخطر البعيد ينبغي أن تحاربه قبل أن يصبح في البيت، فإنه لا يعرف كيف يدافع عن الوطن جهلا أو عنوة.
تتسارع الأحداث في المنطقة إلى درجة أن الإمساك بمفاصيلها أصبح يتجاوز مراكز الدراسات، لكن لابد من معرفة البوصلة، وبالنسبة إلينا باعتبارنا مغاربة تهمنا تداعيات هذه الحرب، ليست فقط على مستويات الجغرافية السياسية وارتداداتها على المنطقة، ولكن من حيث الظهور العلني لشباب مغاربة تحت راية “الثورة السورية”.
اليوم المنطقة تغلي والقوى الإقليمية والدولية تتسابق للغنيمة أو للتموقع، فإذا كانت إيران الخاسر الأكبر من خلال فقدانها لحليف كبير و”الدولتي” الوحيد في المنطقة، فإن روسيا تبحث عن سلامة قواعدها، بينما الأمريكي هو المستفيد الأول الذي يدير اللعبة بشكل كبير، واستغلت إسرائيل هذه الظرفية لتوسيع جغرافيتها، ولم يعد الحديث عن الجولان المحتل، وقرارات الجامعة العربية كلها تدافع عن القرار الاممي الذي يعتبر الوجود الإسرائيلي، ولكن توغلت إسرائيل في سوريا بعشرات الكيلومترات المربعة، ورفعت رابتها على جبل الشيخ، ودمرت كل ما يتعلق بالدفاع السوري، اما تركيا فتبحث عن صمام أمان، لكن لم تحسب حساب الدولة الكردية التي يمكن أن تقوم في خاصرتها.
في 24 يوليوز الماضي استدعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس السوري السابق بشار الأسد على عجل، وفي الندوة الصحفية حذر بوتين من فوضى عارمة ستعرفها المنطقة.
حتى نكون أكثر وضوحا. هذه الفوضى ستكون لها تداعيات على الجميع بنسب مختلفة. تداعياتها علينا ينبغي أن نحددها. وأهمها هؤلاء الشباب المغاربة، سواء الذين نقلت تصريحاتهم بعض المواقع الالكترونية أو الذين بثوا فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، من داخل المدن السورية، يتباهون بالفتح والتحرير الذي ساهموا فيه.
نذكر، أولا، بالقانون المغربي من خلال التعديلات، التي أدخلت سنة 2014 على القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب، والتي تعاقب كل مغربي يشارك في بؤر التوتر ضمن تشكيلات الجماعات الإرهابية، وهيئة تحرير الشام، التي دخلوا تحت عنوانها إلى المدن السورية ودمشق مصنفة من قبل الأمم المتحدة منظفة إرهابية، وبالتالي من الناحية القانونية هؤلاء متهمون أمام العدالة.
ثانيا، ما يقوم به هؤلاء من دعاية للإرهاب في سوريا يعتبر قانونيا عملية تحريضية للشباب المغاربة، خصوصا وأنهم يظهرون أن تغيير الأنظمة من السهولة بمكان وهم يعبرون المدن السورية وصولا إلى دمشق. هذا عمل تحريضي وإرهابي يعاقب عليه القانون، وهو تشجيع على الأعمال الخطيرة في بلادنا.
بوضوح وبدون لف ولا دوران: نعتبر من قاتل في سوريا مع الجماعات الإرهابية مشمولا بقانون مكافحة الإرهاب وبتعديلات 2014، ومن ظهر في فيديوهات تضاف له تهمة التحريض على الأعمال التخريبية.
هكذا يمكن أن نتفادى ارتدادات الأزمة السورية.