تساءلت أمينة ماء العينين القيادية في حزب “العدالة والتنمية” عن المستفيد من تنامي تعطيل فضيلة الحوار في المغرب، ضاربة المثال بإضراب المحامين الذي شل محاكم المملكة.
وأشارت في تدوينة على فايسبوك، أنه من إضرابات الأساتذة إلى إضرابات طلبة كليات الطب والصيدلة، إلى إضرابات الممرضين وموظفي كتابة الضبط، ثم أخيرا توقف المحامين عن القيام بمهام الدفاع احتجاجا وإيصالا للصوت بطريقة مختلفة بعدما انقطعت سبل الحوار وانعدمت خياراته.
وأكدت ماء العينين أن الاستخفاف بالإضراب والمقاطعة والاحتجاج، يستبطن قدرا غير يسير من التعالي على المجتمع، وهذا الصمت الذي تقابَلُ به أشكال الاحتجاج يشي بالاستفزاز والدعوة المبطنة إلى الاستمرار إلى حين كسر الرؤوس “حتى تعودوا صاغرين”.
وأضافت “متى كانت الدولة تنظر إلى الاحتجاج بمنطق “رفض لي الذراع”؟ من الذي حوَّل الدولة إلى كيان عاطفي يتعامل بمنطق التحدي والكبرياء ومنطق “من الأسبق للتراجع سيكون الأضعف”؟ متى كانت الدولة تنظر إلى انتفاضة المجتمع أو فئة منه بمنطق الرابح والخاسر؟”.
وتابعت “حينما يضطر الدفاع لإلقاء أسلحته وهي المرافعة والمذكرات المكتوبة وغيرها، وحينما يضطر الدفاع لنزع بذلته، حينما يكون الدفاع مضطرا لهجر المحكمة حيث تدور معارك الحق والباطل لإحقاق العدالة، فالجميع يكون خاسرا: تخسر الدولة ويخسر المجتمع ولا يكون هناك منتصر أو طرف قادر على “كسر الرؤوس” أو اثبات “القدرة على الضبط”.
وزادت “إن الأول من نونبر هو يوم حزين حيث يخفت صوت الدفاع الهادر، فيمر الإعلان عنه بهدوء، لو كنا في وضع آخر، كانت “ماكينة” الدولة ستتحرك للدعوة للحوار ونزع فتيل المقاطعة قبل اشتعاله، وحينما ينجح الحوار تكون هيبة الدولة بخير، فقد أخطأ أولئك الذين زرعوا يوما منطقا مغلوطا مفاده أن هيبة الدولة تتحقق عبر تأديب المخالفين، في حين أن هيبة الدولة تذهب بتعاظم الاحتقان واضطرار الناس للاحتجاج والإضراب ومقاطعة ما فيه مصالح العباد”.
وأكدت أن الدولة ومؤسساتها مسؤولة عن التدخل لوقف النزيف ودعوة المحامين عبر مؤسساتهم لحوار جدي ينأى عن الحزازات النفسية وعن كل أشكال التعنت، وذلك للإنصات لهمومهم وهواجسهم فيما يتعلق بالتشريع وظروف ممارسة مهنة المحاماة وغيرها من القضايا.
واعتبرت أنه بدل محاولة تأليب المجتمع بإيهامه أن المحامين يدافعون عن “مصالح فئوية”، فإن الأولى مصارحة المجتمع أن مصالح الدفاع وقوته وحصانته واستقلاليته وتكوينه هي مصالح المجتمع وأفراده الذين يستعينون بالدفاع لاسترجاع حقوقهم، ولا عيب في الصدح بكون ظروف الممارسة المهنية الكريمة والسليمة هي ضمانة إضافية لدفاع فعال وناجع.
وختمت ماء العينين تدوينتها بالقول “نتمنى أن يتدخل العقلاء قبل أن يستفحل الأمر ويطول، حينها ينتعش أصحاب مذهب “كسر الرؤوس” وأصحاب الشعارات الخادعة التي لا تفعل أكثر من النفخ على النار ليزيد اتقادها من قبيل “لا لِلَيِّ ذراع الدولة”، “لا لإسقاط هيبة الدولة”، “لا للتمكين للحقوق الفئوية”.
وشددت على أن معركة المحامين معركة نبيلة بقدر نبل رسالتهم، لا تستهدف الدولة ولا مؤسسات القضاء، بقدر ما تستهدف محاولات النيل من استقلالية الدفاع وحصانته وحرمة البذلة السوداء، كل ذلك دفاعا عن الحق والعدل والإنصاف ضد الظلم والجور وامتهان الكرامة والحقوق.