يواصل مركز المعارض محمد السادس بالجديدة استضافة فعاليات معرض الفرس الذي بلغ هذه السنة نسخته الخامسة عشرة، ويُعول المنظمون على تسجيل رقم قياسي جديد بخصوص عدد الزوار، بإمكانه مجددا أن يبرز مدى استئثار موضوع الخيل باهتمام شرائح واسعة من المغاربة، سواء بخصوص تربيتها أو حتى ركوبها في إطار نشاط الفروسية التقليدية.
ولبّى الآلاف نداء الوفاء للتقاليد المغربية، إذ قدموا ولا يزالون يتوافدون على مكان تنظيم المعرض المتخصص في شؤون الفرس بالمغرب، سواء من إقليم الجديدة أو من مختلف المدن والجهات المغربية الأخرى، ساعين إلى التعرف عن قرب على ما يوفره هذا الملتقى الوطني السنوي من فرص، سواء في الجانب المهني أو في الجانب الفرجوي.
وتعرف فضاءات مركز المعارض محمد السادس حركية كبرى أخذ منسوبها في الازدياد مع توالي أيام الأسبوع واقتراب موعد الختم المحدد في يوم الأحد المقبل، إذ تعرف الأروقة المؤسساتية والمهنية توافدا كبيرا من قبل الزوار، سواء من المهنيين المغاربة أو الزائرين المستكشفين أو حتى من قبل الزائرين الأجانب الذين ينتظمون في إطار وفود رسمية أو مهنية.
أروقة تنال الاهتمام
يظهر أن تلاميذ المؤسسات التعليمية الوطنية، خصوصا بجهة الدار البيضاء-سطات، كانوا الأكثر كثافة على مستوى فضاءات المعرض، حيث يقومون بجولاتهم اليومية باكرا بين الأروقة المصطفّة إلى جانب بعضها بعض رفقة مؤطريهم، في وقت يلقون كثيرا من الترحيب من طرف المنظمين، إذ يتم تعريفهم على جوانب من مركزية الفرس في حياة المواطن المغربي وضمن بنية الدولة المغربية.
وتحظى أروقة المؤسسات الأمنية بأهمية من لدن الزوار، على اعتبار أنها جعلت نفسها، هي التي تتميز بالصرامة في المتخيل الشعبي، ورشا مفتوحا أمام الجميع يقدم المعطيات اللازمة ويمنح السائل التفسيرات على قدر سؤاله ومدى رغبته في معرفة أكثر عن العلاقة الوطيدة التي جمعت المؤسسات الأمنية الوطنية بالخيل وكيف وظّفته لتدبير أمور العامة.
كما تعرف الأنشطة الاستعراضية للخيول التي تحتضنها الحلبتان “أ” و”ب” متابعة واسعة ومستمرة من قبل زوار معرض الفرس، إذ تلفت انتباه تلاميذ المدارس الابتدائية بشكل كبير، على اعتبار أن هذه الخيول تؤدي عروضا متنوعة، خصوصا تلك التابعة لدول أجنبية تشارك في المعرض.
من جهتها، تستأثر أروقة الصناع التقليديين باهتمام بالغ من قبل زوار معرض الفرس، على اعتبار أنها تقدم إضاءات عن كثب بخصوص الأنشطة التقليدية والحرف اليدوية التي تتداخل في تربية الخيول واستخدامها لأغراض ترفيهية كـ”التبوريدة”.
“التبوريدة” تجذب الآلاف
أنشطة “التبوريدة” لا تزال النشاط الأكثر استقطابا وجذبا للجمهور التواق إلى الاستمتاع بما تقدمه 18 سربة على المستوى الوطني من أداء طيلة أيام التنافس على جائزة محمد السادس الكبرى لفنون الفروسية التقليدية، إذ تجمع هذه السُّرب نخبة منْ خبروا فن ركوب الخيل والتعامل مع البارود.
ويرتفع إيقاع اللعب مع مرور الوقت، إذ تسعى جميع السُّربِ إلى جمع أكبر عدد من النقاط تؤهلها إلى الظفر بالرتبة الأولى، ما يعني تتويجها بهذه الجائزة التي يشترط في لعب أدوارها النهائية التأهل من بوابة الاقصائيات التي تتم على المستوى الجهوي.
من مدينة فاس قدِم أحمد الزكام بغرض الاستمتاع بعروض الفروسية التقليدية التي ما تزال مستمرة، إذ قال لهسبريس في هذا الصدد: “كل سنة أحضر فعاليات المعرض هنا بمدينة الجديدة، وأواظب على استقدام أفراد العائلة لحضور هذه الأجواء”.
وأضاف الزكّام: “أحاول كل سنة أن أستفيد من فترة راحتي السنوية في شهر أكتوبر الذي يتصادف مع فعاليات معرض الفرس، وذلك رغبة مني بالاستمتاع بالعروض التي يتم تقديمها”، موردا أن “التنظيم جيد، ومن المهم أن نرى مثل هذا النوع من المعارض”.
حرص على الحضور وإشادة بالتنظيم
الانطباعات نفسها تقريبا كشف عنها فؤاد، واحد من زائري معرض الفرس، الذي قال في هذا الصدد: “من الجميل جدا أن نأتي إلى هنا في أمن ونعود في سلام. أنا من بين المهتمين جدا بأمور الخيل، تعجبني جدا التبوريدة التي تمثل رمزا من رموز هذه المنطقة والمغرب ككل”.
وأضاف فؤاد، في تصريح لهسبريس بهذه المناسبة، أن “الأساس هو ضمان استمرار هذا الاهتمام بهذا النوع من التظاهرات، خصوصا إنْ كان التنظيم في المستوى كما هو اليوم هنا بمدينة الجديدة. تبقّت نقطة واحدة يجب معالجتها، تتعلق بتوفير النقل بشكل مباشر إلى هذا المركز انطلاقا من المدن القريبة”.
بدوره، حرص ادريس الحاجي على عدم تفويت فرصة الحضور لفعاليات المعرض بمركز المعارض بالجديدة، إذ قدم من الدار البيضاء صحبة رفاقه من أجل مشاهدة عروض “التبوريدة”، وأكد لهسبريس أنه من المهووسين بعالم الخيل، ويتوفر على فرس، وأن ابنه كذلك من بين ممارسي هذا التقليد الوطني.
كما عبّر ادريس عن سعادته الكبرى بطريقة تنظيم المعرض، قائلا: “التنظيم في المستوى العالي. هذه المرة الأولى التي نأتي فيها إلى هذا المعرض، وقد اتضح لنا وجود جهود كبرى من قبل السلطات المحلية ومختلف المتدخلين لإنجاح هذه التظاهرة”.
تجدر الإشارة إلى أن آخر دورة للمعرض (الدورة 14) عرفت مشاركة أزيد من 40 دولة وأكثر من مائة عارض من الدول الأجنبية، إلى جانب ما لا يقل عن ألف فرس تتوزع بين العربية والبربرية، والعربية البربرية كذلك، في وقت فاق عدد الزوار 160 ألفا خلال أيام المعرض السبعة.