طرحت مؤخرا كما هو معلوم عناصر مشروع جديد لمراجعة مدونة الاسرة، تضمن مقتضيات أثارت جدلا وردود فعل سواء من طرف العلماء والمثقفين والهيئات السياسية والاجتماعية، أو من عموم المواطنين خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها..
وأول ما يلاحظ في سياق النقاش الجاري حاليا، أن الأمر لا يعدو كونه مجموعة عناوين و اختيارات لن تبرز على حقيقتها النهائية إلا بعد صدور الصياغة التي ستعرض للمصادقة على مجلسي البرلمان وما يلحقها من تعديلات الفرق النيابية ثم التصويت عليها قبل صدور القانون المتعلق بها.
لذلك فإن أي نقاش أو رأي يطرح لابد أن يستحضر هذا المعطى، كما أن الحكم عليه لا ينفك هو الآخر عن هذه الحيثية.
وللحقيقة، فقد كان للقاء التواصلي لكل من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير العدل أثر في تجلية بعض الأمور والقضايا ووضعها في سياقها العام، كما لا يخفى أن النقاش الذي دار بعد ذلك عبر وسائل الإعلام والتواصل والحوارات والبيانات أظهر كثيرا من النواقص والعيوب، أو التخوفات على أقل تقدير، وهو ما يستوجب تدخل العلماء الذين صدرت عنهم الموافقة بمطابقة المقترحات المعروضة للشريعة، والحال أنهم لم يصدر عنهم إلى الآن أي توضيح أو تفاعل مع التساؤلات والاعتراضات اللهم بعض الكلمات والمداخلات التي تنحو منحى الإشادة والتنويه، لا منحى الشرح والتأصيل.
والذي أراه، والله أعلم وأحكم، أن المشروع الجديد يتضمن إيجابيات مقبولة، وسلبيات مردودة، إن كان ما أعلن ظاهره كباطنه، ولم يتحول مع الصياغة النهائية إلى غير ما فهمناه وفهمه الناس، كما ان هناك امورا أخرى يمكن اعتبارها من باب المتشابه، ما دامت خلوا من البيان والتوضيح الذي يرفع الشبه ويدفع الشكوك.
فمن الإيجابيات التي يمكن تسجيلها بناء على ما أعلن عنه :
– مراجعة الإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج، والمأمول أن يكون ذلك في اتجاه التخفيف والحد من القيود .فالزواج في المسطرة الحالية يتطلب حضور الخاطبين أو الخاطب على الأقل لتقديم ملف زواج يشتمل على عدد من الأوراق والوثائق لا تقل عن العشرة في الحالات العادية، مع ضرورة الحصول على إذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج، وهو ما يشكل عنتا واضحا بالنسبة لكثير من المواطنين بسبب ظروف اشتغالهم او سكناهم في جهات متباعدة. إضافة إلى ما أحدثته الرقمنة وإنشاء منصة إلكترونية للزواج لفائدة العدول من ازدواجية في الإجراءات الإدارية والإلكترونية وإثقال كاهل المحاكم بملفات وأوراق زائدة عن الحاجة.
– إعادة العمل بسماع دعوى الزوجية إلى مقتضيات المدونة بعد أن كان قد تم توقيفها، وهو ما يفتح باب الأمل لكثير من المواطنين، خصوصا في البوادي، الذين كانوا محرومين من وثائق تثبت زواجهم، ومن شأن هذا التعديل أن يصحح وضعا تغافلت عنه المراجعات السابقة.
لقد كان الفقهاء الذين وضعوا أول مدونة للأحوال الشخصية عقب الاستقلال ، أي خلال سنة 1957، أكثر معرفة وتفاعلا مع الأوضاع الاجتماعية للمغرب، فلم يقتصروا على تقرير وثيقة الزواج وسيلة وحيدة لإثبات العلاقة الزوجية ، بل اضافوا مراعاة لأحوال المجتمع المغربي القروي خصوصا ، إمكانية رفع دعوى الزوجية أمام القضاء قصد الحكم بها بعد التأكد من وجود الأركان اللازمة فقها لقيام العلاقة الزوجية. وهو ما تراجعت عنه التعديلات اللاحقة، وأدى واقعا إلى وجود حالات زواج غير معترف بها، مع ضياع حقوق الأبناء وكذا النساء لدى قطاع عريض من المجتمع.
إلا أن التخوف الآن لا يزال قائما بسبب ما لوحظ من إصرار على تقييد سماع دعوى الزوجية بقيود نأمل ألا تفرغ هذا التعديل من مضمونه الإيجابي.
ـ جعل الطلاق الاتفاقي بيد الزوجين دون حاجة لرفع دعوى قضائية، الأمر الذي من شأنه أن يختصر الزمن الذي يتطلبه إجراء الطلاق ويبسط إجراءاته ، وذلك في حال توافق الزوجين على إنهاء العلاقة الزوجية، بسبب تعذر او استحالة العشرة الزوجية، وهو ما كان يستغرق وقتا معتبرا في المسطرة الحالية ويهدر جهودا إدارية وبشرية لا داعي لها. ذلك ان الأصل في إنهاء العلاقة الزوجية هو أمر خاص بطرفيها ومن صميم صلاحيتهما ولا يلجأ إلى طرف ثان كالقضاء، إلا استثناء، حفظا للبيوت وأسرارها من أن تشاع وتمدد آجال البت في خلافاتها، فليس معنى هذا التعديل فتحا لباب الطلاق على مصراعيه، بل هو في حقيقته عودة إلى الأصل الذي كان معمولا به قرونا عديدة.
ـ اعتماد آلية الصلح والوساطة في حل النزاع بين الزوجين قبل رفع الأمر إلى القضاء، ما عدا في حالة الطلاق اﻻتفاقي، وهو أمر أبانت التجارب المختلفة عن نجاعته ودوره في الحد من مختلف أنواع النزاعات الأسرية والتجارية وغيرها. ويبقى تنزيل هذا المقتضى وكيفية تفعيله والجهات المؤهلة للقيام به موضع تساؤلات مشروعة ومجالا للنقاش والحوار الهادف والبناء.
ـ قبول الوكالة في الطلاق بعدما كانت مرفوضة في دعاوى التطليق سابقا، وهو ما يتعارض مع المبادئ العامة للتقاضي وحق الاشخاص في إنابة من يمثلهم، مع ما تسبب فيه المنع من عنت بالنسبة لكثير من المواطنين ، خصوصا منهم أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج.
ويبقى اهم جانب ايجابي في المراجعة المطروحة، رفض الانسياق مع الدعوات الساعية إلى مخالفة الصريح القطعي من أحكام الشرع، وعلى رأسها إلغاء قاعدة التعصيب في الإرث، والتوارث بين المسلم وغير المسلم، إضافة إلى اعتماد الخبرة الجينية المجردة دليلا لإثبات النسب.
سلبيات وتحفظات:
بالنسبة للسلبيات التي جاءت مرجوحة أو خلاف الأولى في ما أعلن عنه من مقترحات تعديل مدونة الأسرة ، حسبما نراه ويراه كثير من أهل الفقه والرأي فنشير إلى العناصر التالية:
1ـ إقرار النفقة على الزوجة بمجرد العقد:
من المعلوم أن أول مصدر لمدونة الأسرة المغربية هو الفقه المالكي بتراتبيته المعروفة: الراجح والمشهور وما جرى به العمل، وفق ما نصت عليه المدونة منذ أول صدور لها إلى آخر مراجعة صدرت سنة 2004، إلا أن الاختيار الذي ذهب إليه معدو المشروع بإقرار نفقة الزوجة بمجرد العقد عليها ، وليس بعد البناء بها، أي الدخول بها ورواحها الى بيت زوجها كما هو المعتمد في المذهب المالكي، بطرح أكثر من سؤال: أولها لماذا تم العدول عن المعتمد في المذهب الى غيره، وما تعليل ذلك والدافع إليه، وهل من موجبات مشروعة دعت الى هذا الاختيار وألجأت إليه، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون جزءا من نفَس عام في المشروع ينحو منحى التضييق على الزوج وإحاطته بسلسلة من القيود والعراقيل تبدأ من لحظة التوقيع على عقد الزواج، بل حتى قبل ذلك كما سيتبين لاحقا.
إن إبرام عقد الزواج يعتبر في عرف الناس مرحلة تمهيدية لإعداد بيت الزوجية وإقامة حفل الزفاف، وفتح المجال أمام الطرفين والعائلتين لمزيد تواصل وانسجام، وليس مناسبة لترتيب مسؤولية فورية بالإنفاق الذي لم تتحقق شروطه، وهي انتقال الزوجة إلى بيت زوجها أو الدخول بها. وفي هذا يقول الفقيه الكبير الحافظ ابن عبد البر في كتابه (الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، ص 255، ط.العلمية): ” إن النفقة لا تجب على الزوج بعقد النكاح حتى ينضم إليه وجوب الوطء لمن ابتغاه لأنه المقصود بالعقد..”. وفي تفاصيل الباب يزيدنا الفقهاء علما بأن ” من نشزت عنه امرأته بعد دخوله بها سقطت عنه نفقتها إلا أن تكون حاملا..” كما في المصدر المذكور ، وهو ما يعني أن المقصود من العقد استمرار العشرة الزوجية وارتباط الإنفاق بها، وسقوطها لنشوز الزوجة، الذي من صوره مثلا مغادرة الزوجة بيت الزوجية كما هو معمول به ومقبول من كل عقل سوي وفطرة سليمة، وإلا حملنا الزوج تكليفا لا يرجع عليه بشيء ، اللهم إلا إن ثبت إضراره بها فذاك موضوع آخر له أحكامه وتبعاته.
فهل يكون هذا المقتضى الذي يقترحه المشروع الجديد بابا لربط الإنفاق بالعقد مجردا عن أي تبعات أخرى ترتبط بحفظ هذا الميثاق الغليظ وتوفير أسباب دوامه واستقراره؟ ذاك ما لا يرجوه عاقل او منصف ..
ومن خلال ما قدمنا يتضح أن ما ذهبت إليه المدونة في صيغتها الحالية حين نصت في المادة 194:” تجب نفقة الزوجة بمجرد البناء، وكذا إذا دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها” هو الأوفق للمذهب المالكي ولضرورات الواقع، إلا أن يكون عند القائمين على التعديل أسباب وجيهة حري بهم ان يبسطوها أمام أهل الاختصاص وغيرهم من عموم الناس الذين تهمهم أحكام هذه المدونة وتمس صميم حياتهم.
2ـ تسقيف الإذن بزواج القاصر في 17 سنة:
كانت سن الزواج في مدونة الأحوال الشخصية محددة في ثمان عشرة سنة شمسية للفتى، وخمس عشرة سنة للفتاة، إلى أن وقع تعديلها استجابة لضغوط ومطالبات بعض الهيئات والجمعيات النسوية برفع سن الزواج بالنسبة للفتاة وتسويتها مع الفتى في 18 سنة، ولزوم الحصول على إذن قاض الأسرة المكلف بالزواج في حال زواج “القاصر” أي من نقص سنها عن السن المحددة في القانون.
وها نحن اليوم مع تراجع جديد يروم تحديد سقف لا يمكن تجاوزه إذا تعلق الأمر بزواج ناقص الاهلية أو الصغير المسمى اليوم بالقاصر ، بعد أن كان الأمر متروكا لسلطة القاضي الذي يقدر ويراعي كل حالة تعرض عليه من غير إلزامه بسن معين يصبح بمثابة سقف لسلطته التقديرية ويضع جميع الحالات في كفة واحدة، وهو أمر لا يخلو من شطط وسوء تقدير، يتغافل عن واقع كثير من الأوساط الاجتماعية، كما يخطئ في الدفع بأمور يعلم الجميع عدم واقعيتها مثل الادعاء بأن زواج “القاصرات” حرمان لهن من استكمال تعليمهن، وكأننا في بلد قطع أشواطا بعيدة في تعميم التعليم وجودته، وواقع الحال يغني عن المقال..
ففي دراسة قامت بها رئاسة النيابة العامة بشراكة مع الأمم المتحدة عنوانها ” دراسة تشخيصية حول زواج القاصر” انصب البحث فيها على عينة من هذا الصنف بإقليم أزيلال في الفترة ما بين 2015 وسنة 2019، تناولت الموضوع اعتمادا على احصائيات ومقابلات مع المعنيين، يمكننا اقتباس بعض الشواهد الدالة، رغم ان روح الدراسة يهدف إلى منع هذا الزواج والتحذير منه.
وأول ملاحظة نخرج بها من مجموع الإحصائيات المقدمة، هي قلة عدد ما يسمى بزواج القاصر من مجموع عدد عقود الزواج المبرمة في الفترة المشار إليها ، حيث يتبين أنها لا تتعدى 11٪ في أعلى حالاتها، و7٪ في أدناها، وهو ما يطرح التساؤل حول خلفية من يهولون من الأمر ويصورونه بالظاهرة الخطيرة.
أما عن حرمان المقبلات على هذا الزواج من متابعة دراستهن، كما يشاع، فيتبين إحصائيا أن نسبة من لم يسبق لهن ولوج المدرسة بصفة نهائية تبلغ 13,22٪ فيما تبلغ نسبة المنقطعات عن الدراسة 86,43٪ بينما لا تتعدى نسبة من يتابعن دراستهن 0,35٪.
وتعترف الدراسة أن أسباب زواج القاصرات هي سوسيوثقافية ، وتكشف بناء على البحث الميداني: ” عن تجذر هذه الظاهرة في بعض المناطق إلى درجة تأسيس قاعدة عرفية مفادها أن الفتاة التي وصلت إلى سن الثامنة عشر دون زواج، تصبح في حكم العانس، ولا يكون أمامها سوى الارتباط بشخص مطلق أو أرمل أو كبير في السن أو راغب في التعدد” (ص.134). ويضاف إلى هذه الأسباب عوامل أخرى كالفقر وغيره..
فلماذا إذا يتم اللجوء الى أسهل الحلول، وهو المنع التشريعي ، عوض القيام بحلول منصفة وغير تعسفية، تعالج الأسباب من جذورها، وذلك بنشر التعليم مع ضمان جودته وفعاليته، لأن التعليم ليس فقط كراسي وحجرات إسمنتية ، بل روح ونظام يرتقي بالفرد والمجتمع ويفتح له آفاق التطور والتفتح، مع تكافؤ الفرص وسيادة العدالة والمساواة. كما أن علاج مشكلة الفقر والفاقة التي تعرفها جهات مختلفة من شأنه ألا يجعل البعض يفكر فيمن يتحمل عنه تكاليف بعض من يعولهم، عوض تنمية قدراتهم واستكمال تكوينهم العلمي أو المهني أو غير ذلك.
ومن الغريب أن يزعم البعض ان زواج القاصر حكر على بلدان بعينها دون اخرى، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلا تقر هذا النوع من الزواج، بل إن بعض الولايات فيها تنزل بالسن المسموح فيه بالزواج الى 14 سنة، وكذلك كان الأمر في عدد من البلدان الأوربية التي لم تلجأ إلى رفع سن الزواج وجعله 18 سنة للجميع إلا منذ سنوات معدودة، ولعل ذلك مرده إلى ما تعرفه هذه البلدان من تقهقر مكانة الأسرة، وبروز الدعوات الشاذة لتجاوزها وتفكيكها.
3ـ استطلاع رأي الزوجة عند العقد عن اشتراطها عدم التعدد للأخذ به إذا طلب الزوج التعدد، مع إضافة قيود أخرى.
لقد تعرضت مدونة الأسرة لمسألة التعدد في المواد من 40 إلى 46 فصرحت بمنع التعدد اذا خيف عدم العدل بين الزوجات او في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها. وتم تقييد الإذن بالتعدد الذي تصدره المحكمة إضافة إلى ذلك بوجود المبرر الموضوعي الاستثنائي ووجود الموارد الكافية لإعالة الاسرتين.
لكن المشروع الذي أعلن عنه لمراجعة مدونة الأسرة، تضمن إضافة جديدة إلى ما سبق، وتتمثل في استطلاع رأي الزوجة عند العقد عن اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراطها عدم التزوج عليها ، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط.
أما المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد، الذي تحدثت عنه المدونة في صيغتها الحالية، فتروم المراجعة حصره في إصابة الزوجة بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات اخرى يقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية.
إن أول انطباع تتركه هذه الصياغة المقترحة، هو أنها محاولة للالتفاف على قاعدة ” لا تحليل لحرام، ولا تحريم لحلال” فماذا يبقى من الحكم الشرعي للتعدد بعد هذه القيود التي كادت تفرغ إباحته من أي معنى او وجود، وهل توجد انثى في الكون تصرح بقبول التعدد علانية وفي مجلس يفترض فيه الصفاء والخلو من المشوشات والمنغصات، ولماذا نحكم على الزوج بشرط لا نعرف مآلاته إذا كان وجود المبرر الموضوعي والاستثنائي للتعدد مرهونا بعدم وجود شرط مسبق بعدم التعدد يلزم الوفاء به عل كل حال، وإلا فالحل هو الطلاق والفراق.
فاذا رجعنا الى واقع الحال، وما هو موجود وكائن بالفعل، فإننا نزداد يقينا بأن المقتضى المذكور أبعد ما يكون عن الصواب والسداد.
يتبين من خلال التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية سنة 2023 تحت عنوان ” تقرير القضاء الأسري” والذي تم فيه رصد أداء أقسام قضاء الأسرة بالمحاكم من سنة 2017 إلى سنة 2021، أن موضوع التعدد لا يشكل إلا نسبة صغيرة من مجموع حالات الزواج في المجتمع المغربي حاليا، فمن مجموع طلبات الإذن بالزواج، بلغت نسبة طلبات الإذن بالتعدد 1,7٪ تمت الاستجابة ضمنها بالموافقة لفائدة 38,87٪ بينما تم رفض طلبات الإذن بالتعدد لما نسبته 61,13٪ وبذلك نحصل على نسبة طلبات الإذن بالتعدد التي تمت اﻻستجابة لها من مجموع أذونات الزواج خلال الفترة المذكورة وهي 0,66٪.
الأسباب المعتمدة لطلب الإذن بالتعدد
ويقول تقرير القضاء الأسري أن الأسباب التي يعتمدها طالبو التعدد تتمثل أساسا في:
- – عدم قدرة الزوجة على الإنجاب؛
- – الوضعية الصحية للزوجة.
- – رفض الزوجة المقيمة بالخارج الالتحاق ببيت الزوجية المعد لها بالمغرب.
- ـ إرجاع المطلقة بعد الزواج بأخرى حفاظا على مصلحة الأبناء؛
- -علاقة قائمة واقعا نتج عنها حمل أو أولاد؛
- – رغبة الزوج في التعدد مع موافقة الزوجة وتوفره على الامكانيات .
وهنا يحق لنا ان تتساءل: هل تعتبر نسبة 0,66٪ ظاهرة تستحق كل هذا التهويل؟ أليس ما هو منصوص عليه بالمدونة حاليا كافيا للتعامل مع مسألة التعدد في إطارها المعقول دون تضخيم او مزايدة؟ ولماذا الاتجاه الى نقل اشتراط الزوجة على زوجها عند العقد عدم التزوج عليها كما هو بالمدونة الحالية، من شرط اختياري الى شرط إجباري؟ وبذلك نحيل القاعدة التكميلية الى قاعدة ملزمة، وندخل الزوجين منذ أول يوم في دوامة الصراع والتجاذب، بدل توجيههما نحو قيم السكن والمودة والمعاشرة بالمعروف.
ليس الأمر انتصارا مجردا للتعدد من دون شروط وموجبات، ولكنه تساؤل شرعي وقانوني أمام هذا الاتجاه نحو جر عقد الزواج الى أن يصبح عقد تفاوض بين طرفين، يغلب عليه طابع الريع والأرباح والخسائر أكثر من طابع الإخلاص والوفاء والتضحية لصالح الأسرة وما ينتج عنها من أبناء وبنات.
وهناك بطبيعة الحال قضايا أخرى نأمل الحديث عنها فيما يستقبل بحول الله وقوته.