تترقب مدينة الدار البيضاء بفارغ الصبر افتتاح حديقة الحيوانات عين السبع، المعلمة التاريخية التي طال انتظارها، والتي يتوقع أن تشكل إضافة نوعية للمشهد الترفيهي والسياحي في المغرب.
ورغم الأمل الكبير الذي يعلق على هذا المشروع، فإنه يثير في الآن ذاته جدلاً واسعاً بسبب الجوانب المالية والتنظيمية، مما جعل الحديقة في قلب النقاش العام.
وأكدت نبيلة الرميلي، عمدة مدينة الدار البيضاء، أن المشروع الذي كان من المقرر افتتاحه في 2021، تأخر لضمان جودته وتطويره ليكون بمستوى الحدائق العالمية.
وأشارت إلى أن التصميم الجديد للحديقة مستوحى من حديقة مدينة فالنسيا الإسبانية، مع توفير مرافق حديثة وتجهيزات متطورة تشمل مساحات مخصصة لأنشطة تعليمية وترفيهية، ومصحة بيطرية، ومطاعم، إضافة إلى أماكن للنزهة.
ويهدف المشروع، الذي تطلب ميزانية تجاوزت 7 مليارات سنتيم، إلى خلق تجربة ترفيهية فريدة من نوعها.
وستضم الحديقة أكثر من 300 حيوان من 75 نوعاً، ما يجعلها وجهة شاملة تتيح للزوار اكتشاف تنوع الحياة البرية.
وتمثل الحديقة موروثاً ثقافياً عريقاً يعود تاريخها إلى أكثر من 80 عاماً، وهو ما يزيد من التوقعات المرتبطة بها.
لكن العقبة الكبرى التي تواجه المشروع تتعلق بالجانب المالي، خاصة فيما يتعلق بأسعار تذاكر الدخول.
مع اقتراب موعد الافتتاح المتوقع في 2025، أعلنت الرميلي أن تسعيرة التذاكر ستبلغ 80 درهماً للبالغين و50 درهماً للأطفال.
هذه الأرقام أثارت موجة من الانتقادات من قبل المواطنين الذين اعتبروا أن الأسعار لا تتماشى مع القدرة الشرائية لعدد كبير من الأسر، مما قد يجعل الحديقة حكراً على الفئات الميسورة.
وردت الرميلي، اليوم الخميس، في كلمة خلال اجتماع الدورة الاستثنائية لجماعتها، على هذه الانتقادات بالقول إن جعل الدخول مجانياً أو بأسعار رمزية أمر غير ممكن في ظل التكاليف الباهظة التي يتحملها مجلس المدينة.
وأوضحت أن الخيارات المتاحة أمام الجماعة كانت إما تسليم الحديقة لوزارة المياه والغابات، أو تأجيرها لشركة خاصة، أو إدارة المشروع مباشرة.
وكان الخيار الأول، حسب الرميلي، سيخفف العبء المالي، لكنه سيفقد الجماعة السيطرة على المشروع.
أما الخيار الثاني، وفقا لعمدة الدار البيضاء فكان سيتسبب في رفع أسعار التذاكر إلى مستويات غير مقبولة، قد تصل إلى 500 درهم.
لذلك، أكدت المتحدثة ذاتها، أنه تم التوافق على الخيار الثالث، وهو التسيير المباشر من قبل الجماعة، مع تخصيص ميزانية للعجز.
إلى جانب الجانب الترفيهي، يُنظر إلى الحديقة كمحرك اقتصادي مهم للمدينة، حيث من المتوقع أن توفر فرص عمل جديدة وتنشط الحركة السياحية.
ولفتت الرميلي إلى أن الحديقة ستساهم في تعزيز مكانة الدار البيضاء كوجهة سياحية، مشددة على أن المشروع ليس مجرد مرفق ترفيهي، بل يمثل استثماراً استراتيجياً يهدف إلى تحسين جودة الحياة في المدينة.
ورغم التطمينات التي قدمتها العمدة، فإن التحديات لا تزال قائمة.
فالميزانية المخصصة لاقتناء الحيوانات وتطوير المرافق، والتي تجاوزت 6 مليارات سنتيم، تُثقل كاهل الجماعة التي تعاني أصلاً من عجز مالي قد يصل إلى 300 مليون درهم.
لكن الرميلي أكدت أن مجلس المدينة عازم على إنجاح المشروع، وأن جميع الإجراءات اللازمة قد اتخذت لضمان تشغيل الحديقة وفق أعلى معايير السلامة والجودة.
ورغم كل شيء، تبقى الحديقة مشروعاً استثنائياً يحمل الكثير من الأمل لسكان الدار البيضاء، لكنه في الوقت ذاته يطرح تساؤلات حول مدى تحقيقه لتكافؤ الفرص.
وبينما ينتظر الجميع لحظة الافتتاح، يظل السؤال قائماً: هل ستنجح الحديقة في تحقيق طموحات سكان المدينة، أم ستظل رمزاً لتحديات أكبر تواجهها جماعة الدار البيضاء؟