تواجه ساكنة جهة الدار البيضاء-سطات تحديات متزايدة في حياتها اليومية، مما يجعل تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية مطلبًا ملحًا لا يقبل التأجيل.
فعلى الرغم من موقعها الاستراتيجي وأهميتها الاقتصادية، لا تزال الجهة تعاني من مشكلات عميقة، بدءًا من النقل العمومي الضعيف، مرورًا بتردي الطرق، وصولًا إلى نقص الإنارة العمومية، مما يجعل حياة المواطنين أكثر صعوبة ويهدد سلامتهم.
من بين أبرز المشكلات التي تؤرق سكان الجهة هي أزمة التنقل، حيث يجد الآلاف من العمال والطلبة أنفسهم يوميًا في صراع مع وسائل نقل عمومية غير كافية، تعاني من الاكتظاظ والتأخير المستمر. ومع قلة البدائل الفعالة، يتحول التنقل اليومي إلى معاناة حقيقية، خاصة خلال أوقات الذروة، مما يؤثر سلبًا على الإنتاجية ويزيد من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على الأسر.
إضافة إلى أزمة النقل، تعاني العديد من المناطق من ضعف الإنارة العمومية، مما يزيد من المخاطر الأمنية، خاصة خلال ساعات الليل. فالشوارع المظلمة تتحول إلى بيئة خصبة لانتشار الجريمة، في ظل مطالب متكررة للسلطات بتعزيز الإنارة وتحسين الأمن في الأحياء السكنية والشوارع الرئيسية.
كما تشهد الطرق والبنية التحتية تدهورًا واضحًا، لا سيما في المناطق القروية، حيث تصبح المسالك غير صالحة للاستعمال مع أولى قطرات المطر، مما يؤدي إلى عزلة العديد من الدواوير وصعوبة وصول الخدمات الأساسية، بما فيها سيارات الإسعاف والنجدة. هذه الوضعية تجعل التنقل في بعض المناطق شبه مستحيل، وتؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي والحياة اليومية للمواطنين.
هذه الأوضاع دفعت مجلس الجهة إلى عقد دورته العادية بمقر الجهة في الحبوس بالدار البيضاء، بحضور الوالي محمد امهيدية، حيث تمت المصادقة على مجموعة من المشاريع التنموية التي تهدف إلى تحسين الأوضاع القائمة والاستجابة لحاجيات الساكنة.
في إطار الجهود الرامية إلى تطوير البنية التحتية الطرقية، شهدت الجلسة المصادقة على عدة مشاريع تهدف إلى تهيئة وصيانة شبكة الطرق. من بين هذه المشاريع، تمت المصادقة على ملحق اتفاقية لتهيئة الطريق الإقليمية رقم 3009 بمقاطعة الحي الحسني، وتهيئة الطريق الوطنية رقم 11 بمقاطعة عين الشق، كما تم التصويت بالموافقة على مشروع خاص بصيانة الشبكة الطرقية بإقليم الجديدة ضمن اتفاقية شراكة بين وزارة التجهيز والماء وولاية الجهة ومجلسها.
كما تمت المصادقة على مشروع لتثنية المحور الطرقي الرابط بين تيط مليل والكارة مرورًا بسيدي حجاج، وأيضًا تثنية المقطع الرابط بين سيدي حجاج وواد حصار والكارة على طول 36.8 كيلومترًا، وذلك في إطار برنامج التنمية الجهوية 2022-2027.
وتم التصويت على مشروع يتعلق بتهيئة الطريق الجهوية رقم 403 من سيدي بطاش إلى الخطوات بإقليم بنسليمان، إضافة إلى مشروع تثنية الطريق الجهوية رقم 320 الرابطة بين أزمور وحدود إقليمي الجديدة وبرشيد.
لم تقتصر المصادقات على تحسين شبكة الطرق، بل شملت أيضًا مشروعًا مهمًا لتطوير الربط اللوجيستيكي عبر تهيئة المقطع الشمالي الرابط بين الطريق الجهوية رقم 322 والمنطقة اللوجيستيكية زناتة بالمحمدية، ما سيساهم في تحسين تدفق النقل البري ودعم الأنشطة الاقتصادية.
كما شهدت الجلسة المصادقة على مشروع اتفاقية لإنجاز أشغال الإنارة العمومية لطريق تدارت الرابط بين المدينة الخضراء ببوسكورة ومطار محمد الخامس بإقليم النواصر، حيث تمت مراجعة الاتفاقية السابقة وإلغاؤها وتعويضها بمشروع جديد أكثر فعالية.
إضافة إلى المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية، شهدت الجلسة المصادقة على مشاريع تنموية واجتماعية مختلفة، من بينها تأهيل وتهيئة مركز بني يخلف بعمالة المحمدية، وتأهيل وتهيئة شارع جبران خليل جبران بجماعة الجديدة، فضلاً عن بناء مركز تجاري بمركز جماعة سيدي إسماعيل بإقليم الجديدة، في خطوة تهدف إلى تعزيز النشاط الاقتصادي المحلي ودعم التجار الصغار.
كما تم التصويت على مشروع إعادة تهيئة ساحة السراغنة بمقاطعة الفداء، إلى جانب مشروع بناء وتجهيز حاضنة مشاريع لفائدة الشباب المقاولين بنفس المنطقة، ما يعكس توجهًا نحو دعم ريادة الأعمال وخلق فرص تشغيل جديدة.
في المجال الاجتماعي، تمت المصادقة على اتفاقية بين ولاية الجهة ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي ووكالة التنمية الاجتماعية لإعداد وتنفيذ برنامج التأهيل والتمكين الاقتصادي للنساء حاملات المشاريع والأشخاص في وضعية إعاقة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لهذه الفئات.
كما تمت الموافقة على اتفاقية بين مجلس الجهة ووزارة الشباب والثقافة والتواصل لتطوير العرض الثقافي في إطار برنامج التنمية الجهوية 2022-2027.
في مجال تعزيز الأمن والخدمات الجهوية، شهدت الجلسة المصادقة على مشروع اتفاقية شراكة بين المجلس والقيادة الجهوية للقوات المساعدة من أجل اقتناء وسائل نقل ومعدات لوجستيكية لتعزيز القدرات الأمنية والاستجابة السريعة للحوادث الطارئة.
كما تمت الموافقة على تغيير سعر الفائدة المرجعي من LIBOR إلى SOFR ضمن تمويل الجهة من طرف المؤسسة المالية الدولية التابعة للبنك الدولي، إضافة إلى المصادقة على برمجة الباقي من الفائض الحقيقي لسنة 2024 وإعادة برمجة اعتمادات بميزانية التجهيز.
ورغم كثرة المصادقات والمشاريع التي تمت الموافقة عليها، يبقى التحدي الأكبر هو التنفيذ الفعلي لهذه المشاريع وفقًا للجدول الزمني المحدد دون تأخير، خصوصًا أن التجارب السابقة أظهرت أن المصادقة على المشاريع لا تعني بالضرورة إنجازها في الوقت المناسب.
وتأمل ساكنة الجهة أن تساهم هذه المشاريع في تحسين واقعهم اليومي، بعيدًا عن التأجيلات والعراقيل البيروقراطية التي طالما عرقلت تنفيذ العديد من المشاريع المماثلة في الماضي.