تتجه مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب وأكبر مدنها، نحو إحداث تحول جذري في بنيتها التحتية للنقل، في خطوة تعكس طموحاتها لمواكبة التحولات الحضرية الكبرى.
المدينة التي تشهد حركة يومية مكثفة بسبب مكانتها كقلب نابض للاقتصاد والسياحة والثقافة، تستعد لإطلاق مشاريع ضخمة تهدف إلى تسهيل حركة السير والتنقل على أهم مداخلها، مما سيشكل نقلة نوعية في حياة السكان والزوار على حد سواء.
في إطار استعدادت المملكة لاحتضان كأس العالم 2030 ولأجل تأهيل محاور الربط الطرقي للملعب الكبير للدار البيضاء، ستتعزز البنية التحتية الطرقية بمدخل قاطعة عين الشق قريبا بعد إنجاز الأشغال الجارية لمشروع إعادة تهيئة بدال سيدي معروف.
ووفقا لما توصلت به “الجريدة 24″، فإن المشروع، الذي تنفذه الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، يشكل نقطة تحول استراتيجية على مستوى الربط الطرقي بين الطريق السيار المداري الرباط – الدار البيضاء والطريق السيار برشيد – الدار البيضاء.
بميزانية تصل إلى 600 مليون درهم، من المنتظر أن يخفف هذا المشروع من حدة الازدحام المروري في منطقة تعرف تدفقاً مستمراً للمركبات، خاصة أن العاصمة الاقتصادية مقبلة على استضافة التظاهرات الرياضية الكبرى.
وفي الجهة الجنوبية الغربية للمدينة، تنصب الجهود على توسعة الطريق الوطنية رقم 1.
هذا المشروع، الممتد على مسافة خمسة كيلومترات تقريباً، يهدف إلى تحسين شبكة الطرق بين الدار البيضاء وإقليم النواصر، مما سيتيح تنقلاً أكثر سهولة بين المناطق الحيوية مثل بوسكورة والرحمة ودار بوعزة.
ورغم أن الأشغال ما زالت جارية، إلا أن التكلفة الإجمالية التي تصل إلى 111 مليون درهم تعكس حجم الرهان على هذا المشروع، الذي يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في تخفيف الضغط المروري على المدينة.
وفي منطقة الحي الحسني، يجري العمل على مشروع فتح طريق التهيئة HH26، وهو مشروع يتطلب استثماراً يقدر بـ120 مليون درهم. رغم أن نسبة الإنجاز لم تتجاوز 5% حتى الآن، إلا أن المشروع يشكل جزءاً من رؤية شاملة تهدف إلى تحسين الاتصال بين مختلف أحياء المدينة.
ومع تسارع وتيرة الأشغال، يأمل السكان أن يكون الطريق جاهزاً في المستقبل القريب، ليخفف العبء عن المحاور الطرقية الحالية.
من بين المشاريع الأخرى التي تلفت الأنظار، يأتي مشروع توسيع الطريق الجهوية 320، بالإضافة إلى تثنية الطريق الوطنية 1 والطريق الإقليمية 3001. هذه المشاريع، التي تمثل استثمارات بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 2000 مليون درهم، تشكل جزءاً من استراتيجية متكاملة لتعزيز الربط بين الدار البيضاء وضواحيها.
وتعكس نسبة الإنجاز التي وصلت إلى 35% تقدماً ملحوظاً، وسط توقعات بأن تسهم هذه الجهود في تحسين تدفق الحركة المرورية وتوفير الوقت للسائقين.
وتتميز هذه المشاريع بأنها ليست مجرد تحسينات تقنية، بل تمثل رؤى شاملة لإعادة صياغة كيفية تنقل الناس داخل المدينة وخارجها.
وتراهن الدار البيضاء، التي اعتادت على وتيرة الحياة السريعة، خلال الفترة المقبلة، تأهيل معظم المحاور الطرقية لتوفير تجربة نقل أكثر سلاسة وأماناً.
ويرى السكان، الذين يعانون يومياً من الازدحام المروري، في هذه الجهود بصيص أمل لتحسين جودة حياتهم، بينما يعكس حجم الاستثمارات الهائل التزام السلطات بتحقيق نقلة نوعية.
مع استمرار هذه الأشغال، يتطلع الجميع إلى اليوم الذي ستتحول فيه الدار البيضاء إلى نموذج يحتذى به في تخطيط النقل الحضري.
هذه المشاريع ليست مجرد طرق وجسور، بل هي دعائم جديدة لمدينة تستعد لمستقبل أكثر إشراقاً، حيث تكون الحركة المرورية أقل عبئاً على السكان وأكثر انسجاماً مع طموحات مدينة بحجم الدار البيضاء.