في خطوة استراتيجية تعكس طموح المغرب لتعزيز مكانته الدولية، أعلن نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن مشاريع استضافة كأس العالم 2030 لن تقتصر على تطوير البنية التحتية في المدن المستضيفة فقط، بل ستشمل 35 مدينة مغربية.
وأوضح بركة خلال جوابه على الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أن هذه الرؤية تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة عبر تحسين البنية التحتية وتقليل الضغط على المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، طنجة، ومراكش.
وأكد أن المدن المجاورة ستستفيد بدورها من خلال استضافة تدريبات الفرق المشاركة، بالإضافة إلى تعزيز شبكة الطرق التي تربطها بالمراكز الرئيسية، مما يخلق فرصًا اقتصادية وتنموية جديدة.
وأشار بركة إلى أن من بين المشاريع الكبرى الجاري تنفيذها، مشروع الطريق السيار الجديد بين الرباط والدار البيضاء، الذي سيصبح جاهزًا بحلول عام 2029 بثلاثة ممرات، مما سيعزز انسيابية التنقل بين المدينتين الحيويتين.
هذه المشاريع تأتي في إطار الاستعدادات لاستضافة هذا الحدث العالمي، حيث تسعى الحكومة إلى توفير بنية تحتية متطورة تخدم المواطنين والزوار على حد سواء.
على صعيد آخر، أكد الوزير تخصيص الحكومة أكثر من مليار و200 مليون درهم لإعادة بناء الطرق والقناطر التي تضررت جراء الفيضانات الأخيرة، التي بلغت شدتها معدلات غير مسبوقة وصلت إلى 3200 متر مكعب في الثانية، وهي معدلات تحدث مرة واحدة كل ألف سنة.
وأوضح أن هذه التدفقات الكبيرة تسببت في انهيار قناطر مصممة لتحمل فيضانات تحدث كل مائة عام فقط، مما دفع الحكومة إلى اعتماد معايير جديدة في تصميم المنشآت لتكون قادرة على مواجهة التغيرات المناخية المستقبلية. هذه الجهود تهدف إلى ضمان استدامة البنية التحتية وحمايتها من الكوارث الطبيعية.
وفيما يتعلق بشبكة الطرق الوطنية، أشار بركة إلى أن 36% من الطرق توجد في حالة متدهورة، إلا أن الوزارة تمكنت من رفع نسبة الطرق الجيدة أو الممتازة إلى 64% بفضل جهود الصيانة المستمرة. وأضاف أن الحكومة تطمح إلى رفع هذه النسبة إلى 67% بحلول عام 2027 من خلال برامج مكثفة لإصلاح الطرق الأكثر تدهورًا.
وأشار إلى التفاوت الكبير في جودة الطرق بين الجهات، حيث تسجل جهة العيون الساقية الحمراء نسبة 95% من الطرق الجيدة، في حين لا تتجاوز هذه النسبة 50% في جهة فاس مكناس.
ويعكس هذا التفاوت الحاجة إلى تدخلات عاجلة لتحسين شبكة الطرق في المناطق الأقل حظًا.
من بين المشاريع التي أعلن عنها الوزير، الطريق السريع بين تزنيت والداخلة الذي يمتد على مسافة 1100 كيلومتر، والذي أصبح جاهزًا ليشكل محورًا استراتيجيًا يربط شمال المغرب بجنوبه.
وأوضح الوزير أن هذا الطريق سيساهم في تعزيز التكامل الاقتصادي بين مختلف مناطق المملكة. كما كشف عن مشروع تمديد الطريق السيار بين مراكش وأكادير ليتصل بالطريق السريع الجديد، في مشروع يمتد على طول 77 كيلومترًا بتكلفة تبلغ 6 مليارات درهم.
وفي سياق متصل، أشار بركة إلى مشروع نفق تيشكا، الذي أعيدت تسميته إلى “نفق أوريكا”، والذي يمتد على مسافة 10 كيلومترات. وأكد أن الدراسات التمهيدية والجيولوجية قد اكتملت، وأن العمل جارٍ على إعداد الدراسات التقنية التفصيلية لتحديد التكلفة النهائية قبل البدء في التنفيذ.
وأوضح أن الشركات المكلفة سابقًا بإنجاز المشروع لم تتمكن من الشروع فيه، مما أدى إلى إلغاء الصفقة والبحث عن شركة جديدة لتولي المهمة.
وفيما يخص الطرق القروية، أكد الوزير أنها لم تخضع للصيانة لسنوات طويلة، مما أدى إلى تدهور حالتها. وأشار إلى إطلاق برنامج خاص بالتعاون مع الجهات المحلية لتحسين هذه الشبكة الحيوية، حيث تتولى الوزارة بناء الطرق بينما تتكفل الجهات بصيانتها.
كما أكد أهمية الحفاظ على الرصيد الطرقي الوطني، الذي تقدر قيمته بـ254 مليار درهم، مشددًا على أن 47% من الميزانية المخصصة للقطاع تُوجَّه لصيانة الطرق.
وتعد هذه المشاريع الكبرى جزءًا من رؤية استراتيجية لا تهدف فقط إلى ضمان استضافة ناجحة لكأس العالم 2030، بل إلى تحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية للمملكة.
وتهدف هذه الجهود إلى تحسين جودة حياة المواطنين وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع أنحاء البلاد، مما يجعل المغرب نموذجًا للتخطيط المستدام والتنمية المتوازنة على المستوى الإقليمي والدولي.