أكد الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، أن الجشع ومنطق الهمزة يضرب القدرة الشرائية للمغاربة، كما حدث في الدعم الذي خصصته الحكومة لمستوردي الأغنام والأبقار، الذي استُغِلّ لمضاعفة الأرباح ولم يؤثر على الأسعار في عيد الأضحى الفارط.
وقال نزار بركة، أثناء حلوله ضيفا ببرنامج “نقطة إلى السطر” الذي بث مساء أمس الثلاثاء بالقناة الأولى، إنه في عيد الأضحى الفارط “هناك من استفادوا من دعم 500 درهم وباعوا الأضاحي بثمن السوق. صحيح أن هناك من يقول إنه أمر قانوني، لكننا نقول إنه غير أخلاقي لأنهم استفادوا من دعم الحكومة لخفض الأثمان وليتمكن المغاربة من شراء أضحية العيد، لكنهم فضلوا أخذ الدعم والزيادة في أرباحهم”.
وأضاف “كبش يساوي 2000 درهم يتم بيعه بـ4 آلاف درهم، أي إنهم ربحوا 100 بالمئة، وهذا غير أخلاقي”.
وذكر الأمين العام لحزب “الميزان”، ثالث أحزاب الائتلاف الحكومي، أن استيراد الأضاحي كان له وقع سنة 2022، لكن العام الماضي حدث العكس “لأن الناس (المستوردون) فضلوا البيع بثمن السوق، وبالتالي لم يكن هناك تأثير على إشكالية العرض والطلب”، مشددا على أن تجاوز هذا الإشكال “يمر أولا ببتغيير منطقنا من الجشع والربح السريع والهمزة إلى النزاهة الاقتصادية والاجتماعية من خلال ميثاق أخلاقي في المجال الاقتصادي للحد من هذه الممارسات، وضمان شفافية السوق الوطنية”.
وردا على دعوات تسقيف الأسعار، أبرز نزار بركة أن “هذا الإجراء لم يكن ليشكل حلا، بل كان سيضر بفئة واسعة من الفلاحين الذين استثمروا في قطيعهم، في حين أن المستوردين هم من كانوا سيستفيدون من الدعم ومن التسقيف”، داعيا الحكومة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين ومواجهة الممارسات غير الأخلاقية في السوق الوطنية.
وثمن الأمين العام لحزب الاستقلال القرار الملكي القاضي بإلغاء شعيرة الذبح في عيد الأضحى لهذه السنة، مشيرا إلى أن هذا القرار خلّف ارتياحا كبيرا وسط المواطنين، سيما أن العجز في عدد رؤوس الأغنام كان يقدر بحوالي 3 ملايين رأس، وكان إحياء شعيرة الذبح هذا العام سيؤثر بشكل كبير على أسعار الأضاحي التي كان من المتوقع أن تصل أسعارها إلى 6 و7 آلاف درهم، واللحوم إلى 200 درهم للكيلوغرام الواحد.
وفي ما يتعلق بأسعار المواد الأساسية، أكد أن الارتفاع المضطرد لأسعار بعض المواد الاستهلاكية “ليس مسألة قانونية بقدر ما هو مشكل أخلاقي ناتج عن تفشي تجارة الأزمات ومنطق الهمزة”، مشيرا إلى أن “بعض اللوبيات أصبحت تستغل الأوضاع لتحقيق أرباح غير مبررة، خصوصا في قطاع اللحوم والخضروات والفواكه”.
وفي تقييمه للوضعية الاقتصادية، لفت نزار بركة إلى أن حزب الاستقلال “لا يمكنه القبول باستمرار الجشع على حساب القدرة الشرائية للمواطنين”، مؤكدا أن الحزب كان أول من دعا إلى اجتماع عاجل للأغلبية الحكومية لمناقشة هذا الموضوع وإيجاد حلول عملية لحماية جيوب المغاربة من المضاربات غير المشروعة.
وكشف المتحدث أن الوسطاء يجنون 50 بالمئة من الثمن النهائي للمنتجات الفلاحية، بينما يحصل الفلاح فقط على 30 بالمئة فقط، مبرزا أنه الوضع الذي “يجعل الطماطم تباع اليوم بـ9 دراهم للكيلوغرام الواحد، 4.5 دراهم منها تذهب للوسطاء”، مؤكدا أنه وضع “يستدعي تدخلا حازما لتنظيم الأسواق وضمان عدالة الأسعار”.
واستعرض بهذا الصدد جملة من الإجراءات الحكومية لتطويق المضاربة بالأسعار من خلال “العمل على تقليص قنوات التسويق لأنها طويلة وهناك الكثير من المتدخلين والوسطاء ما يجعلهم يستأثرون بنسبة كبيرة من سعر المنتوجات”، مضيفا أن “الحكومة تشتغل أيضا مع وزارة الداخلية والصناعة على أسواق الجملة، لأنه بين 25 إلى 40 بالمئة من الفواكه والخضر لا تدخل أسواق الجملة، وبالتالي الأسعار تحدد حسب الطلب والعرض الذي يصل الأسواق، ما يجعل الأسعار ترتفع”.
وأضاف أن الحكومة تعمل أيضا على محاربة الاحتكار، مذكرا بأن “مجلس المنافسة يشتغل على أسعار الدجاج والبيض ليرى هل هناك احتكار”، مشددا على مجهودات مراقبة المضاربة بالأسواق.
وبخصوص شق خلق فرص الشغل بالبرنامج الحكومي، اعترف نزار بركة أن “تحقيق مليون منصب شغل صاف يظل تحديا من الصعب تحقيقه خلال هذه الولاية”، مستطردا أن “الإصلاحات القادمة في ميثاق الاستثمار وتخفيض سعر الفائدة من طرف بنك المغرب ستخلق دينامية اقتصادية مهمة”.
وذكر بالصدد ذاته أن وزارة التجهيز والماء رفعت نسبة استفادة المقاولات الصغيرة والمتوسطة إلى 50 بالمئة من المشاريع المرتبطة بالتحضير لمونديال 2030، ما سيساهم بشكل مباشر في خلق المزيد من فرص العمل، وفق بركة.
وفي ما يرتبط بالاستحقاقات التشريعية العام المقبل، أكد الأمين العام لحزب الاستقلال أن الأخير “يضع نصب عينيه الطموح لتصدر المشهد السياسي الوطني، من خلال الوفاء بالالتزامات والتجاوب مع تطلعات المواطنين”، معتبرا أن “من يريد تصدر الانتخابات عليه أولا أن يكون وفيا للعهود التي قطعها على نفسه”.
وشدد على أن المشاركة المكثفة للمواطنات والمواطنين في الانتخابات تظل التحدي الأكبر لجدوائية الفعل السياسي، داعيا الجميع إلى الوعي بأهمية التصويت كأداة للتغيير وتحقيق تطلعات الشعب المغربي.
وأكد نزار بركة أن حزبه “رغم الرهان الانتخابي، فهو ملتزم بالحفاظ على التماسك الحكومي والعمل بروح المسؤولية المشتركة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة”.