الخميس, يناير 9, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيمستقبل العلاقات المغربية الروسية في ظل التحولات الجيوسياسية

مستقبل العلاقات المغربية الروسية في ظل التحولات الجيوسياسية



تعود العلاقات المغربية الروسية إلى أواخر القرن الثامن عشر، حيث بدأت بمبادرات تجارية بين السلطان محمد الثالث والإمبراطورة كاترين الثانية. على مر العقود، تطورت هذه العلاقات لتشمل مجالات متعددة، أبرزها التعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي وقد شهدت هذه العلاقات تطورًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة، مع تطلعات لتوسيع الشراكة في مختلف المجالات، رغم التحديات السياسية والاقتصادية التي تعترض طريقها. في ظل المشهد الجيوسياسي العالمي المتغير، يبدو أن البلدين أمام فرصة حقيقية لإعادة صياغة علاقاتهما بما يحقق تطلعاتهما المشتركة.

شهدت العلاقات الاقتصادية بين المغرب وروسيا نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. في عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 6.7 مليارات دولار أمريكي.هذه الزيادة تعكس توسع الشراكة في مجالات رئيسية، منها الطاقة، الفلاحة، والصيد البحري. تعد روسيا واحدة من أكبر مزودي المغرب بالحبوب، حيث توفر نحو 17% من إجمالي وارداته من القمح. في المقابل، تعد المنتجات الفلاحية المغربية، كالفواكه والخضروات، من بين الصادرات الرئيسية للمغرب إلى روسيا.

على الرغم من هذا التطور، تواجه العلاقات المغربية الروسية تحديات كبيرة، أبرزها قضية الصحراء المغربية، حيث يعد الموقف الروسي من هذه القضية حساسًا. في حين تعتمد الرباط على دعم الشركاء الدوليين لموقفها، فإن روسيا تلتزم غالبًا بموقف متوازن، حيث تدعم قرارات الأمم المتحدة دون انحياز لأي طرف. هذا الحياد يمثل تحديًا للدبلوماسية المغربية التي تسعى لإقناع روسيا بدعم واضح لموقفها. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بعد الأزمة الأوكرانية على قدرة موسكو في تعزيز شراكاتها خارج أوروبا. في هذا السياق، يشكل المغرب شريكًا استراتيجيًا، لكن التوترات العالمية قد تؤثر على الاستثمار الروسي في هذه الشراكة. كما يشهد التعاون المغربي الروسي تداخلًا مع ديناميكيات إقليمية، خاصة مع سعي روسيا لتوسيع نفوذها في شمال إفريقيا، مما قد يجعل الجزائر منافسًا استراتيجيًا يؤثر على طبيعة العلاقة المغربية الروسية.

رغم التحديات، هناك فرص كبيرة لتعزيز العلاقات بين البلدين. يعتبر قطاع الطاقة من أبرز مجالات التعاون، حيث يوفر المغرب فرصًا استثمارية في مشاريع الطاقة المتجددة، خاصة في ظل توجهه نحو التحول الطاقي. في المقابل، تمتلك روسيا خبرات واسعة في هذا المجال، ويمكن للشراكة أن تسهم في تعزيز القدرات الطاقية للمغرب. تعد روسيا سوقًا واعدة للمنتجات المغربية، حيث تصدر الرباط سنويًا ما يقرب من 350 ألف طن من المنتجات الفلاحية إلى السوق الروسية. كما يمكن للبلدين تعزيز التعاون في مجال الصيد البحري، خاصة في ظل الخبرات الروسية الواسعة. يشهد قطاع السياحة اهتمامًا متزايدًا، حيث زار المغرب ما يزيد عن 400 ألف سائح روسي في 2023، وفقًا لبيانات وزارة السياحة المغربية. يمكن تعزيز هذا التعاون من خلال برامج ثقافية وتبادل أكاديمي، مما يسهم في تقوية الروابط الشعبية بين البلدين.

في تقرير للبنك الدولي، أشار إلى أن الاقتصاد الروسي، رغم العقوبات، سجل نموًا بنسبة 1.5% في النصف الأول من 2023، ما يعكس قدرة روسيا على التكيف مع الظروف الصعبة وحسب تقرير صادر عن وزارة الصناعة والتجارة المغربية أوضح أن صادرات المغرب إلى روسيا نمت بنسبة 30% في 2023خاصة في قطاع الفلاحة قرير منظمة الأغذية والزراعة أظهر أن المغرب وروسيا يمثلان شريكين استراتيجيين في تجارة الحبوب، حيث يعتمد المغرب على روسيا كمصدر رئيسي للقمح.

تبدو العلاقات المغربية الروسية أمام مرحلة جديدة، تجمع بين الفرص والتحديات. من شأن استثمار الإرادة السياسية وتفعيل التعاون الاقتصادي والثقافي أن يعزز الشراكة بين البلدين ويجعلها نموذجًا يحتذى به. ومع استمرار التحولات الجيوسياسية، يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن البلدان من تجاوز التحديات لتعزيز شراكة استراتيجية متينة؟

 



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات