الثلاثاء, أبريل 1, 2025
Google search engine
الرئيسيةمسارات التعاون والتنمية تخدم الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا

مسارات التعاون والتنمية تخدم الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا



تعيش العلاقات المغربية الإسبانية، خلال السنوات الأخيرة، أزهى فتراتها؛ فقد وصف خوسيه مانويل ألباريس، وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، هذه الفترة بأنها “أفضل مناخ للتعاون على الإطلاق” في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين.

هذا التحول الإيجابي يعكسه حجم التبادل التجاري القياسي الذي يقارب 25 مليار يورو، بالإضافة إلى التعاون المثمر في قضايا حيوية؛ مثل مكافحة الهجرة غير النظامية.

كما تمثل بطولة كأس العالم 2030، التي ينظمها المغرب بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، فرصة تاريخية لتعزيز أواصر الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين الرباط ومدريد أكثر من أي وقت مضى.

انتهاء المواجهة

اعتبرت ماريا أنطونيو تروخييو، وزيرة الإسكان الإسبانية السابقة، انتقال المملكتين الإسبانية والمغربية من المواجهة إلى الشراكة الاستراتيجية خطوة موفقة؛ وذلك عقب زيارة رئيس الحكومة الإسبانية للرباط في عام 2022 وعقد الاجتماع رفيع المستوى الثاني عشر بين المملكتين في فبراير 2023.

وأكدت الوزيرة الإسبانية ذاتها أن هاتين المحطتين شكلتا خارطة طريق جديدة للعلاقات الإسبانية-المغربية، يمكن وصفها بـ”الاستراتيجية”، مبرزة أنها تحمل إمكانات هائلة لمواجهة تحديات لا تقتصر على الجانب الوطني فحسب؛ بل تمتد إلى المستويين الإقليمي والدولي.

وقالت الأكاديمية الإسبانية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، “لا يمكن إنكار أن العلاقات الثنائية تمر بأفضل مراحلها على جميع الأصعدة؛ فالاتفاقيات التي تمت الموافقة عليها في هذين الاجتماعين لا يجري تنفيذها -بدرجة عالية من الامتثال- فحسب، بل يجري تعزيز التعاون الثنائي في العديد من المجالات الأخرى”، مشيرة إلى الاتفاق الأخير للتعاون في خطة تحديث قطاع السكك الحديدية المغربي، في إطار مشاريع البنية التحتية التي سيتم تنفيذها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2030، كما يبرز التعزيز الأخير لآليات التعاون القضائي الثنائي والعديد من الاتفاقيات الأخرى.

وأوضحت ماريا أنطونيو تروخييو أنه، بطبيعة الحال، هناك مجالات لم تشهد تقدما ملحوظا أو لم تحقق تقدما كبيرا بعد، إلا أن ذلك لا يعني غياب العمل فيها، معطية المثال بالمجال الجوي فوق الصحراء المغربية وترسيم المياه الإقليمية، إلى جانب مجالات أخرى لا تقل أهمية.

وأبرزت الوزيرة بحكومة خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو: “في رأيي، لا تزال هناك نقطتان أساسيتان لم تُحسم بعد في العلاقات الثنائية بين البلدين؛ أولاهما ضرورة تعميق الشراكة الثنائية وإدراج جوانب مبتكرة ضمنها، مثل الاستدامة التي أصبحت عنصرا بالغ الأهمية، متجاوزة بذلك الأبعاد التقليدية للتعاون في مجالات الاقتصاد والأمن والثقافة، لافتة إلى أن هذه المجالات كانت منصوصا عليها في معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون الموقعة عام 1991، والتي دخلت حيز التنفيذ في 1995، إلى جانب المعاهدات الإضافية الأخرى.

وأضافت الأكاديمية الإسبانية أن المرحلة الجديدة التي يشهدها التعاون بين البلدين تتطلب خارطة طريق حديثة، وقواعد جديدة تواكب متغيرات القرن الحالي؛ مما يستدعي إصلاح الأطر القانونية القائمة، بما يتيح آفاقا أوسع لتعزيز العلاقات الثنائية بشكل أقوى وأكثر تكاملا.

أما المجال الثاني، وفقا لماريا، فيتعلق بدور المواطنين في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، موضحة أنه رغم قدرة المؤسسات على تعزيز الحوار والتعاون في مختلف الأبعاد، فإن النجاح الحقيقي لهذه العملية يعتمد على انخراط المواطنين من كلا الجانبين. وتساءلت: “أين هم؟”، مشيرة إلى أنه عند تحليل العلاقات الثنائية من حيث النوع والكم، يتضح أن دور المواطنين، سواء كأفراد أو من خلال جمعياتهم، لا يزال محدودا ولا يرقى إلى مستوى التطلعات، مما يستدعي تعزيز مشاركتهم في هذا المسار التعاوني.

مبادرة ملكية

اختتمت وزيرة الإسكان الإسبانية بحكومة خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو تصريحها بالإشادة بالمبادرات الجديرة بالثناء في هذا السياق، مشيرة إلى إعلان الملك محمد السادس، في نونبر 2024، عن تأسيس “مؤسسة محمد السادس للمغاربة المقيمين بالخارج” خلال خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء.

وأكدت أن قراءة هذا الخطاب تكشف بوضوح عن المسار الصحيح لتعزيز العلاقات الثنائية؛ لكنها شددت على أهمية أن يواكب الطرف الآخر هذه المبادرة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة منها.

جوهر العلاقات

أحمد درداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، قال إن الاعلان المشترك بين بيدرو سانشيز والملك محمد السادس سنة 2022 فتح صفحة جديدة في العلاقات بين المملكتين المغربية والإسبانية ونقلها إلى مرحلة جديدة تتجاوز حالة التوتر والتعقيد.

وأضاف رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، في تصريح لهسبريس، أن العلاقات بين البلدين احتكمت إلى الوعي بحجم وأهمية التعاون الاستراتيجي الذي يجمع بلدين جارين، وحجم التطلعات المشروعة للشعبين نحو تعزيز السلام والأمن والرخاء.

وأبرز الخبير المغربي ذاته أن هذا التعاون يخضع لمبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل واحترام وتنفيذ الالتزامات والاتفاقات الموقعة بين الطرفين، التي تؤطر خارطة طريق دائمة وطموحة.

وشدد المتحدث على أن الطرفين اتفقا على مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك؛ من بينها استئناف الحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما يشمل الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية على المستويين البري والبحري، وإعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين.

وفي السياق نفسه، تم الاتفاق على تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري على الواجهة الأطلسية، وتعزيز التعاون في مجال الهجرة، إضافة إلى تنشيط التعاون القطاعي في مختلف المجالات ذات الأولوية، بما يشمل الاقتصاد والتجارة والطاقة والصناعة والثقافة. كما تم التأكيد على تعزيز التعاون في مجالي الثقافة والرياضة، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.

التعاون الأمني

أكد أحمد درداري أن التعاون الأمني يشكل أحد أبرز مجالات الشراكة بين المغرب وإسبانيا، حيث يرتكز على تعزيز تبادل الخبرات والتنسيق المشترك في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشيرا إلى المشاركة في اجتماعات أمنية ثلاثية، تضم المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بالمملكة المغربية والمدير العام للشرطة الوطنية بإسبانيا إلى جانب رئيس الشرطة الفيدرالية بألمانيا؛ مما يعكس انفتاح التعاون الأمني على شراكات متعددة الأطراف.

وأبرز رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات أن التعاون بين البلدين يشمل مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، والتصدي لمختلف أشكال الجريمة العابرة للحدود الوطنية، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية، والاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، والجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة، إضافة إلى تعزيز الأمن الرياضي. كما يتم استعراض التحديات والتهديدات الأمنية التي تواجه البلدين، ووضع آليات مشتركة لمواجهتها بفعالية.

وشدد المتحدث ذاته على أن التعاون الأمني المغربي الإسباني أظهر نجاعة كبيرة من خلال العمليات المشتركة والمتواصلة التي تباشرها المصالح الأمنية في البلدين؛ مما ساهم في تحييد خطر التنظيمات الإرهابية والعناصر المتطرفة التي تهدد أمنهما، حيث برزت أهمية تعزيز هذا التعاون في ظل الرهانات والتطلعات المشتركة، مبرزا أن “الأمر الذي دفع إلى توطيد الشراكة المتقدمة بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمفوضية العامة للاستعلامات بإسبانيا، خاصة في ما يتعلق بتقوية التنسيق لمكافحة التهديدات الإرهابية، وتجفيف منابع التجنيد والاستقطاب لصالح التنظيمات المتطرفة.

وتوسّع نطاق التعاون ليشمل البحث الجنائي والشرطة القضائية، إلى جانب مكافحة مختلف أشكال الجريمة؛ بما فيها الاتجار بالبشر، والهجرة غير الشرعية، والاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية، والجريمة الاقتصادية والمالية، والجرائم الإلكترونية التي تستهدف نظم المعالجة الآلية للمعطيات، بالإضافة إلى تسليم المجرمين.

آفاق مستقبلية

يرى أحمد درداري أن التعاون الأمني المتين، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، يمثل ركيزة أساسية في هذه الشراكة الاستراتيجية، كما يؤكد على أهمية مواصلة تعزيز هذا التعاون في مختلف المجالات؛ بما في ذلك التحضير المشترك لتنظيم كأس العالم 2030، الذي يمثل فرصة تاريخية لتعزيز أواصر الصداقة والشراكة بين البلدين.

وشدد رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات على أن “العلاقات المغربية الإسبانية تشهد مرحلة غير مسبوقة من التعاون والتنسيق، مدعومة بإرادة سياسية قوية من كلا البلدين”، لافتا إلى أن “هذا التعاون الاستراتيجي يخدم المصالح المشتركة للبلدين، ويساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة”.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات