أكد مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية أن سعر الأضحية هذا العام كان من المتوقع أن يصل إلى 5000 درهم للرأس في حال استمرار شعيرة الذبح، مقارنة بـ 4000 درهم العام الماضي، مشيرًا إلى أن هذا الارتفاع يعود إلى نقص المعروض وزيادة تكاليف الأعلاف، حيث تتراوح تكلفة إنتاج الأضحية الواحدة بين 2500 و 3000 درهم، وتشمل هذه التكلفة الأعلاف والمياه والرعاية.
وفقا لتقرير المركز، كان من المتوقع أن يصل إنفاق الأسر العاملة على الأضاحي إلى 20 مليار درهم، مما كان سيشكل عبئًا كبيرًا على الأسر ذات الدخل المحدود، والتي تشكل 40% من السكان وتعيش تحت خط الفقر النسبي، أي بدخل يقل عن 4000 درهم شهريًا، إلا أن القرار الملكي الأخير سيساهم في توفير هذه المبالغ، ما يعزز السيولة لدى الأسر.
وأكد المصدر ذاته إمكانية إعادة توجيه هذه المبالغ، حيث من الممكن أن يتم إنفاق 50% على استهلاك بديل مثل المواد الغذائية والملابس والتجهيزات، فيما يمكن ادخار 10 مليارات للادخار أو لسداد الديون، مما يحسن الاستقرار المالي للأسر.
انعكاس على الكسابة
وفيما يتعلق بالتأثير المتعلق بمربي الماشية “الكسابة”، أكد التقرير أنه قبل اتخاذ هذا القرار، كانت التوقعات تشير إلى أن بيع 4.7 مليون رأس من الأغنام والماعز، بسعر متوسط قدره 4000 درهم للرأس، كان من شأنه أن يحقق مداخيل تصل إلى 18.8 مليار درهم، وبعد خصم تكلفة الإنتاج التي تقدر بـ 3000 درهم لكل رأس، كانت الأرباح الصافية المتوقعة تصل إلى 4.7 مليار درهم.
مع إلغاء الشعيرة، أوضح مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية أن انخفاض الطلب بشكل كبير أدى إلى تقليص المبيعات إلى ما بين مليون ومليون ونصف رأس للاستهلاك العادي، مما يعني مداخيل تتراوح بين 4 و6 مليارات درهم فقط. وبالتالي، يتوقع أن تتكبد تربية المواشي خسائر إجمالية تتراوح بين 12 و14 مليار درهم في المداخيل، مع خسارة تقدر بين 3 و4 مليارات درهم في الأرباح.
من الناحية الطويلة، يتوقع أن يؤدي انخفاض الطلب إلى خفض أسعار الماشية إلى ما بين 2000 و2500 درهم للرأس، مما سيضغط على هوامش الربح. ومع ذلك، فإن الحفاظ على القطيع الحالي سيسهم في دعم استدامة الإنتاج في المستقبل، وخاصة في سنة 2026 وما بعدها.
بدون الإلغاء، توقع التقرير أن يؤدي ذبح 4.7 مليون رأس إلى تقليص القطيع إلى ما بين 9 و10 ملايين رأس، مما كان سيخفض إنتاج اللحم السنوي إلى ما بين 150 و180 ألف طن، بدلاً من 250 ألف طن. هذا النقص كان من شأنه رفع أسعار اللحوم إلى ما بين 150 و200 درهم للكيلوغرام، مما يعني زيادة تكلفة إضافية تصل إلى 12.5 مليار درهم على المستهلكين.
في المقابل، ومع الإلغاء، بقي القطيع عند 14 مليون رأس، مما يساعد في الحفاظ على إنتاج 250 ألف طن من اللحوم سنويًا، وبالتالي استقرت أسعار اللحوم عند أقل من 100 درهم للكيلوغرام، مما وفر على المستهلكين ما بين 10 و12 مليار درهم على مدار العام.
وفيما يتعلق بالإلغاء وتأثيره على التجارة، أورد التقرير مركز الدراسات أنه قبل القرار كان من المتوقع أن يواجه المغرب عجزًا في العرض قدره 1.7 مليون رأس من الماشية، حيث كان الطلب المحلي يصل إلى 4.7 مليون رأس، بينما المعروض المحلي المستدام لا يتجاوز 3 ملايين رأس. وبالتالي، كان من المتوقع أن تتطلب البلاد استيراد 1.7 مليون رأس من دول مثل إسبانيا أو رومانيا، بتكلفة قدرها 250 دولارًا للرأس، ما يعادل حوالي 4.5 مليار درهم مغربي.
لكن مع قرار الإلغاء، تم توفير الحاجة للاستيراد، مما أدى إلى توفير 5.1 مليار درهم من العملة الصعبة، كما ساعد في تقليص الضغط على عجز الميزان التجاري. هذا التحول في الاستراتيجية الاقتصادية يوفر للمغرب فرصة لتعزيز استقراره المالي.
صناعة الجلود
وبخصوص القطاعات الاقتصادية المرتبطة بشعيرة الذبح، اعتبر مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية أن قطاع صناعة الجلود يعد من القطاعات المرتبطة بشعيرة الأضحية، حيث يتم إنتاج ما بين 4 إلى 5 ملايين جلد سنويًا، بقيمة تتراوح بين 2 و3 مليارات درهم. ومع إلغاء الأضحية، سيشهد القطاع انخفاضًا في الإنتاجية، مما يهدد حوالي 50 ألف عامل في هذه الصناعة.
وأكد المصدر ذاته إمكانية انخفاض الطلب على الأعلاف بنسبة 20 إلى 30% بسبب انخفاض أعداد الماشية التي سيتم ذبحها، ما سيؤدي إلى انخفاض أسعار الأعلاف من 30 إلى 45 درهمًا للحزمة إلى أقل من 25 درهمًا، مما سيوفر على المربين حوالي 15 درهمًا لكل طن من الأعلاف، ما يعادل توفيرًا يقدر بـ 15 مليار درهم سنويًا.
وحسب التقرير، فإن النقل الموسمي للماشية يعد من الأسواق المؤقتة مصدر دخل لحوالي 20 إلى 30 ألف عامل موسمي. ومع إلغاء الشعيرة، سيتوقف هذا النشاط، مما سيؤثر بشكل مباشر على هذه الفئة من العاملين في القطاع، ويقلل من الإيرادات المتأتية من النقل، التي تقدر بحوالي 200 مليون درهم.
فيما يخص المداخيل الضريبية، كان من المتوقع أن تولد شعيرة الأضحية ضرائب غير مباشرة (TVA) تتراوح بين مليار إلى مليار ونصف درهم، ولكن مع إلغاء الشعيرة، سيقل هذا المصدر من الإيرادات. مع ذلك، فإن توفير استيراد الماشية يعوض هذه الخسارة، مما يقلل من التأثير السلبي على الميزانية العامة.
وأوضح مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية أن الإلغاء سيوفر 25 إلى 30 مليار درهم من الإنفاق على الاستيراد، مع الحفاظ على استقرار أسعار اللحوم، كما سيساهم في حماية القطيع المحلي من الاستنزاف، خاصة في ظل الظروف المناخية الصعبة والجفاف الذي يعاني منه المغرب. ناهيك عن ذلك، فإن هذه الخطوة ستخفف العبء عن الأسر الفقيرة التي كانت تعتمد على شراء الأضاحي بأسعار مرتفعة.
توصيات المركز
وتتجلى سلبيات الإلغاء في تسجيل خسائر فورية للمربين تقدر بين 12 و14 مليار درهم، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية على القطاعات المرتبطة مثل صناعة الجلود والأعلاف والنقل.
وأوصى المركز بتخصيص ميزانية لدعم برامج التلقيح الصناعي وتحسين السلالات لزيادة الإنتاجية بنسبة 20-25% خلال السنوات الثلاث المقبلة. كما ينبغي تشجيع إنشاء مزارع نموذجية لتربية الماشية باستخدام تقنيات حديثة موفرة للمياه، بهدف إضافة مليون رأس إلى القطيع الوطني بحلول عام 2027.
وشدد المصدر ذاته على وجوب إجراء عملية تقييم شامل للقطيع الوطني وصغار المربين، ودراسة التأثيرات المباشرة للقرار. كما من المهم أيضًا توزيع منح مالية مباشرة لدعم المربين، خاصة الصغار منهم، لمساعدتهم على تجاوز التأثيرات السلبية للقرار وتشجيعهم على زيادة نشاطهم في تربية المواشي.
وأشار التقرير إلى وجوب تقديم الدعم لصناعة الجلود عبر دراسة سبل تعويض الخسائر وضمان استمرارية النشاط الصناعي في هذا القطاع. كما يمكن تخفيض أسعار الأعلاف المدعومة بنسبة 20% لتقليل تكاليف الإنتاج وتشجيع المربين على الاستمرار في عملهم.
وحسب توصيات مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، فمن الضروري إنشاء مخزون استراتيجي من اللحوم المجمدة (لا يقل عن 50 ألف طن) لضمان استقرار الأسعار في حال حدوث تذبذب في العرض. فيما ينبغي أيضًا توجيه السياسة الفلاحية نحو تعزيز الإنتاج الوطني بدلاً من التركيز على الاستيراد كبديل قد يعمق الأزمة.
وشدد المصدر ذاته على وجوب الاستثمار في مشاريع لتجميع مياه الأمطار وتطوير أنظمة الري بالتنقيط لدعم إنتاج الأعلاف محليًا وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يعزز استدامة الإنتاج الفلاحي، مع ضرورة إنشاء لجنة حكومية لمراقبة أسعار اللحوم والأعلاف بشكل أسبوعي.