Site icon الشامل المغربي

مذابح فرنسا الاستعمارية بفاس – الجريدة 24

16142854_1066626446798601_8736697380772258140_n.jpg


أمينة المستاري

مذابح فاس

لم يعد بحوزة الجنرال برولار قائد الأسلحة سوى 1500 جندي تقريبا، وبعض الأسلحة ، فقد كانوا يعسكرون بدار دبيبغ. وكانت الحامية  العسكرية الشريفة تتكون من حوالي 5000 رجل تم توزيعهم بين قصبة الشراردة والحصون بشمال فاس وجنوبها، فيما جعل سلا الهندسة العسكرية في تامدرت قرب باب فتوح، وتمركز الضباط وضباط الصف في المدينة.

يوم 17 أبريل، فوجئ فريديريك صباح اليوم الذي سيرحل فيه مع موكب السفير والسلطان، بالقائد بريمون ضابط البعثة العسكرية يهرول داخل دار الكلاوي يطلب مقابلة الوزير، بعد تمرد طابورين من قوات المشاة والخيالة في الشراردة بسبب عدم توصلهم بأجورهم، وما زاد الطين بلة أنهم توجهوا إلى السلطان الذي ردهم على أعقابهم دون طائل، وارتكابهم مذبحة في حق المدربين المسيحيين داخل المدينة، واستنفره للتسلح قبل وصول المتمردين إلى دار الكلاوي.

على الفور، هرع الطبيب الفرنسي إلى مقر القنصلية بمعية بعض الحرس وجلب بعض الأسلحة والخراطيش، وفعلا لم يمض وقت طويل حتى سمعت أصوات طلقات نارية.

اتخذ الجنرال برولار مركز قيادته بالمستشفى العسكري، بمعية بعض الممرضين والعازفين المرافقين للفرقة الأولى من الرماة وبعض الجنود في حالة نقاهة وفرسان من خفر السفارة…لمواجهة المشات من المتمردين المتعطشين للدم، حسب فريديريك، الذي راسل صحيفة “الطان” بما وقع معتقدا أنه ربما مراسلته الأخيرة لخطورة الأوضاع.

كانت الخطة أن تتم حماية الحي الذي يتواجد فيه المستشفى الذي يرأسه الطبيب فورنيال، في انتظار وصول النجدة،  فيما واصل المتمردون قتلهم لكل من طالته أيديهم من الأوربيين، فدخلوا فندق فرنسا وقتلوا صاحبته وأحد النزلاء فيما تحصن باقي النزلاء في غرفة ومنهم من فر عبر الأسطح.

لحسن الحظ لم يتعرض الحي الذي يضم دار الكلاوي لخطر كبير، في وقت نهب المتمردون المنشآت الأوربية ونالوا من اليهود، كما جاء في مذكرات الجاسوس الفرنسي، الذين هربوا إلى دار المخزن للاحتماء.

في انتظار وصول النجدة القادمة من دار دبيبغ، سمع صوت المدفعية التي يتولاها القائد فيلير المتواجدة بظهر مهراز وبدأت تقصف الأحياء المتواجد بها المتمردون، وتمكنت 3 فرق من تيبة فيليبو من دخول الحي.

وصلت الكتيبة من بلوغ سور أكدال، لكنها تعرضت للهجوم من كل الجهات، لكنها لم تبلغ الحي لشدة المواجهات فعادت إلى دار دبيبغ، فكان على فريديريك ومن معه أن ينجدوا الأوربيين ويحموا أنفسهم في وقت واحد، وفعلا نجحت فرق الاستطلاع في أن تجلب العديد منهم، وتعرض الإبراقيون الأربعة الذين يدافعون عن الحي حتى ساعة متأخرة من الليل، قتل منهم ثلاثة وبقي الناجي منهم بعد أن أصيب بحروق وجروح.لعب الفاسيون دورا في إنقاذ بعض الأرواح، فقد كان باشا فاس الجديد يقودهم إلى دار المخزن للاحتماء، ومنها إلى دار دبيبغ، خاصة وقد انضم عدد كبير من ساكنة بعض القبائل المجاورة إلى المتمردين لنهب الملاح ومهاجمة محلات الفاسيين، مما دفع البورجوازيين يتحصنون في منازلهم.

في الصباح عادت المعارك الضارية حول باب فتوح، وشق طابور نورمان منفذا للالتحام بجنود فيلير لينسحبوا إلى معسكر ظهر المهراز، وفي المساء وصلت كتيبة مختلطة قادمة من مكناس يترأسها القائد دودو ليتنفس الجميع الصعداء.

بعد حوالي ثلاثة أيام، عم الهدوء واضطر السكان إلى رفع أعلام بيضاء فوق أسطحها حتى لا تتعرض للقصف، فيما تفرق المتمردون واستسلم بعضهم. ثم اجتمع بعض الشرفاء والعلماء والأعيان عند السيد وينو وحاول الباشا وخليفته محاولة إعادة الهدوء وإعادة نشر النظام لتنظيم دفاع الأحياء.

تمكن جنود دودو من تحرير الأحياء القريبة وإعادة احتلال الحصون والقلاع بالمدينة.

في اليوم الموالي، توجه فريديريك بمعية السيدين بيرنار وكاستيل إلى القصر والملاح، ولدخول المدينة تسلقوا أسوار البطحاء واجتازوا حدائق بوجلود، في اتجاه باب الدكاكن ودخلوا للقاء السلطان الذي كان قلقا غاضبا.

كانت ساكنة الملاح تراوح 10 آلاف نسمة بساحات دار المخزن، قد نال منها الجوع لا يكفيها الخبز الذي أمر به السلطان، وتم وضع النساء والأطفال في أقفاص الحيوانات الفارغة لحمايتهم من المطر، وتحول شارع الملاح إلى كومة خراب، وفوضى تنتشر به الجثث، فخرج بعض اليهود يتبعون فريديريك وبعض مرافقيه لجمع جثتهم تم حملها إلى المقبرة.

بعد عودة فريديريك إلى المدينة، علم أن الجنرال موانيي قد وصل من تيفلت بمعية سرايا وفصائل أسلحة وجنود من قياد الرحا في قصبة الشراردة.





Source link

Exit mobile version