بعد أن فشل المزاد العلني السابق لبيع فندق “نيو بلير” في ورزازات بسبب عدم حضور المزايدين، أعلنت المحكمة الابتدائية بورزازات عن إعادة فتح المزاد في 15 ماي 2025، مع تحديد الثمن الافتتاحي للمزاد في 32,75 مليون درهم، في إطار تقديم فرصة للمستثمرين للاستفادة من هذه العقارات.
ووفق معطيات في وثيقة بحوزة جريدة “العمق”، فإن الفندق يمتد على مساحة 1.82 هكتار، ويتكون من طابق أرضي وطابقين علويين، مما يجعله من بين المنشآت السياحية الكبرى في المنطقة، إلا أنه ظل غير مستغل لسنوات.
تعود القضية إلى ملفين تنفيذيين 331/2018 و440/2024، حيث أعلن عن بيع العقار، الذي يشمل فندقا وأرضًا واسعة في قلب المنطقة السياحية بورزازات، ورغم أن المزاد الأول فشل نتيجة لغياب المزايدين، إلا أن هذه الفرصة ما تزال تعد نقطة جذب للمهتمين، خاصة في ظل الموقع المتميز للعقار الذي يراه الكثيرون فرصة لإعادة إحيائه وتنميته.
تحديات كبيرة
وحسب الإعلان الصادر عن المحكمة الابتدائية بورزازات، كان من المفترض أن يتم بيع الفندق الواقع في “المنطقة السياحية” في 25 فبراير 2025، بعد طرحه في المزاد العلني لصالح عمال الفندق الذين رفعوا دعاوى تنفيذية ضد الشركة المالكة، ومع ذلك، لم يقدم أي مستثمر عرضا للشراء، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانية نجاح المزاد العلني الذي سيتم تنظيمه بعد أسابيع قليلة لبيع نفس الوحدة الفندقية.
في هذا السياق سلط الزوبير بوحوت، الخبير في المجال السياحي، الضوء على مجموعة من التحديات التي تواجه القطاع السياحي في مدينة ورزازات وجهة درعة تافيلالت، مؤكدا أن الوضع الراهن يتطلب تدخلات عاجلة لضمان استمرارية هذا القطاع الحيوي وتعزيز جاذبيته للمستثمرين المحليين والدوليين.
ويرى بوحوت أن إتمام المزاد العلني وفتح المجال أمام المستثمرين لشراء فندق ورزازات، يعد خطوة مهمة في فك الجمود السياحي الذي تعاني منه المنطقة، نظرا لكون هذا الفندق يعد الأكبر في الجهة، بضمه أكثر من 250 غرفة ويحتوي على حوالي 600 سرير.
وحسب المتحدث ذاته، فإن هذا الفندق في بداية الألفية كان يحقق 70 ألف ليلة سياحية سنويا، ما يعادل 20% من ليالي المبيت في جهة درعة تافيلالت، ورغم ذلك، يشير بوحوت إلى أن الوضع الحالي لا يشجع على الاستثمار في ظل غياب سياسات دعم جادة، خاصة مع التخوفات التي يثيرها المستثمرون بسبب ضعف البنية التحتية، وعلى رأسها الربط الجوي المحدود.
المؤشرات التي يعرضها بوحوت تكشف عن معوقات كبيرة أمام أي مسعى لاستقطاب الاستثمارات السياحية في المنطقة، أول هذه المؤشرات هو محدودية الربط الجوي، حيث لا يتجاوز عدد الرحلات الجوية إلى ورزازات 17 رحلة أسبوعيا، نصفها رحلات داخلية، كما أن هناك خطوطا دولية تم إلغاؤها، مما يعزز القلق من إلغاء خطوط أخرى مثل خط طنجة، ما يزيد من عزوف المستثمرين.
وتحدث بوحوت عن الإشكاليات التي تواجه الفنادق المغلقة في المنطقة، مبرزا محاولات بعض المستثمرين للاستحواذ على هذه الفنادق أو استئجارها، إلا أن تلك المحاولات اصطدمت بصعوبات كبيرة، من بينها الديون الضريبية الثقيلة التي تثقل كاهل الفنادق، إلى جانب ذلك، يلفت إلى المشاكل القانونية المرتبطة بالرسوم العقارية التي تعيق عمليات البيع والشراء للفنادق المعروضة في السوق.
غياب رؤية واضحة
أحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع السياحي، وفقا لبوحوت، هو قلة التمويلات البنكية المخصصة للمشاريع السياحية في ورزازات، وعلى الرغم من توقيع اتفاقية مع الشركة الوطنية للهندسة السياحية لتقديم الدعم الاستثماري، إلا أن العديد من المؤسسات السياحية لم تتمكن من الحصول على القروض اللازمة لتمويل مشاريعها. وبينما تمكنت مؤسستان فقط من الحصول على القرض المخصص من برنامج “كاب هوسبيتاليتي”، فإن بقية المؤسسات السياحية لا تزال تواجه صعوبة في التكيف مع المعايير المالية للبنوك.
وأكد بوحوت أن هناك مشكلة كبيرة في التسيير داخل مجالس السياحة على المستوى الإقليمي والجهوي، كون أن المجلس الجهوي للسياحة يعاني من حالة تجميد بسبب سوء التسيير، ما أدى إلى فقدان الثقة لدى العديد من المهنيين في هذا القطاع، كما يشير إلى أن المجلس الإقليمي للسياحة في ورزازات يعاني هو الآخر من الجمود بسبب اختلالات إدارية لم يستطع معالجتها بعد.
وفي خضم هذه التحديات، يطرح بوحوت تساؤلات كبيرة حول جدية التحركات الحكومية والإدارية في دعم القطاع السياحي، ففي الوقت الذي تظهر فيه نية للتحرك على مستوى ولاية مراكش وعمالة ورزازات، لا تزال هناك ضبابية حول مدى تأثير هذه التحركات على الواقع السياحي في المنطقة، مشددا على ضرورة أن تكون هذه الاجتماعات واللقاءات فعالة، وأن تهدف إلى وضع برامج عمل حقيقية وإيجاد التمويلات اللازمة لدعم المهنيين الجادين في القطاع، وليس مجرد استهلاك إعلامي.
من جانب آخر، طالب بوحوت بضرورة اتخاذ إجراءات استثنائية لتحفيز الاستثمار في ورزازات، خاصة من خلال تعزيز المنح والتمويلات المخصصة للمستثمرين، مسجلا ضرورة تقديم تسهيلات خاصة للمنطقة، بالنظر إلى التحديات التي تواجهها مقارنة مع مدن أخرى مثل مراكش التي تستقطب أكثر من 80 طائرة يوميا، في حين أن ورزازات تستقبل فقط 17 طائرة أسبوعيا، ولذا فإن استراتيجيات الدعم يجب أن تكون مرنة وملائمة للواقع المحلي، ويجب أن تراعي خصوصيات المنطقة.